الجمال والسحر يتوِّجان مهرجان أزهار الكرز في اليابان

419

ترجمة: آلاء فائق – عن موقع إنجانتنك ترفلز وديسكفر مكازين /

كثيرون من شتى بقاع العالم يخططون لتمضية عطلتهم في اليابان لتتزامن مع “مهرجان أزهار الكرز” الساحر الذي يحل مع الربيع في تجربة فريدة من نوعها.
في الوقت عينه اعتاد سكان العاصمة اليابانية طوكيو التوافد إلى المتنزهات والمعابد والأضرحة، وكذلك إلى ضفاف الأنهار في موسم الربيع للاستمتاع بأزهار الكرز، وهو حدث سنوي مهم في اليابان، رغم محاولة السلطات تقييد الاحتفالات خشية تفشي الوباء.
وجدت أشجار الكرز طريقها أيضاً إلى العاصمة الأميركية. ففي العام 1912، زرعت الأشجار في واشنطن العاصمة كهدية ترمز إلى الصداقة بين البلدين. بعد قرون، لا يزال تفتح الأزهار يحُتفل به في الولايات المتحدة في وئام مع اليابان.
اليابان تهدي العراق أشجار الكرز
أعلنت أمانة بغداد في العام 2019 المباشرة بزراعة خمس من أشجار الكرز، تعد الأجمل في العالم على الطريق المؤدي إلى مطار بغداد الدولي، مع خطة لتكثيرها في حال صمدت في الظروف العراقية.
جمال أزهار الكرز يجذب السياح إلى طوكيو
في كل عام، تصاحب قدوم الربيع في اليابان صفوف من الزهور الوردية والبيضاء، ما إن تنظر إليها حتى يأخذك جمالها لمديات تأملية بعيدة. جذبت أزهار الكرز، المعروفة أيضاً باسم ساكورا، عدداً لا يحصى من السياح خلال موسم ازدهارها الذي يستمر عادةً من منتصف آذار حتى أوائل أيار. قبل تفشي فيروس كورونا، كانت طوكيو تكتظ بالسياح كل عام خلال فترة ذروة الازدهار في منتصف شهر آذار، بينما لا تشهد المدن الشمالية مثل كيوتو الازدهار الكامل حتى نيسان
في هذا العام جاء الربيع مبكراً، إذ بلغت أزهار الكرز في المدن اليابانية، التي كانت عادةً في وقت متأخر من الإزهار، ذروتها في وقت مبكر عن الأعوام الماضية. وتصدرت القائمة العاصمة القديمة لكيوتو، التي بلغت ذروة ازدهارها في 26 آذار. وتشير السجلات إلى أن هذا هو أقرب موعد ذروة شهدته المدينة منذ أكثر من 1200 عام، نظراً لأن الأزهار تشير تقليدياً إلى حلول موسم الربيع، ويخشى العلماء أن تكون أزهارها المبكرة مرتبطة بتغير المناخ.
تقاليد الربيع لدى اليابانيين
يعد الاحتفال بموسم أزهار الكرز تقليداً يابانياً يعود إلى قرون مضت، فلأشجار الكرز روابط مهمة بتاريخ اليابان وثقافتها حيث ترمز الأزهار إلى الحياة البشرية والوقت نظراً لأن فترة تفتح الأزهار قصيرة، ويُعتقد أن الأزهار تدل على الجمال العابر في الحياة.
بدأت ممارسة الاحتفال بأزهار الكرز بين عامي 794 و 1185، لكنها أصبحت شائعة في العقود الأخيرة، إذ يتدفق السائحون اليوم إلى اليابان للمشاركة في حفلات مشاهدة جمال الزهور.
ارتفاع درجات الحرارة والإزهار المبكر
شهدت مدينة كيوتو ربيعاً دافئاً بشكل استثنائي هذا الموسم. وفقًا لوكالة الأرصاد الجوية اليابانية، ارتفعت درجات الحرارة في شهر آذار من متوسط 47.5 درجة فهرنهايتة في العام 1953 إلى 51.1 درجة فهرنهايتة في العام 2020. كما أظهر موسم إزهار الكرز اتجاهاً لم يحدث في وقت سابق في العقود الأخيرة، ما دفع العلماء إلى تحديد التغير المناخي باعتباره الجاني المحتمل.
تم استكشاف هذا الاتجاه الطويل الأمد لزيادة درجات الحرارة والإزهار المبكر في دراسة نشرت في مجلة Biological Conservation ، فقد فحص الباحثون سجلات مهرجانات أزهار الكرز التي يتم الاحتفال بها في كيوتو منذ القرن التاسع لتحديد مدى تأثيرالمناخ عليها.
كشفت النتائج أن مزيجاً من تغير المناخ والتحضر(زيادة أعداد السكان في المدن)، يمكن أن يتسبب في ازدهار النباتات في وقت مبكر داخل بيئة المدينة. تحدث زيادة درجات الحرارة بسبب الاحتراق العالمي للوقود الأحفوري، وهو سبب رئيس في تغير المناخ، فضلاً عن تأثير درجات الحرارة الحضرية المعزز، الذي يحدث عندما تعاني المدينة من درجات حرارة أكثر دفئاً من المناطق الريفية القريبة. والنتيجة هي بداية فصل الربيع الذي يؤدي إلى بدء موسم إزهار الكرز مبكراً أيضاً.
كيوتو ليست المنطقة الوحيدة التي تخضع لهذا التغيير، فقد بلغت طوكيو ذروة ازدهارها في 22 آذار، وهو ثاني أقدم تاريخ في التاريخ المسجل، وعبر البحار في واشنطن العاصمة، وصلت أشجار الكرز إلى ذروتها في 28 آذار، أي قبل ستة أيام تقريباً مما كانت عليه قبل قرن من الزمان.
ازدهار الكرز المبكر يقلق العلماء
لقد استحوذ الإزهار المبكر على اهتمامات نشطاء المناخ والباحثين في جميع أنحاء العالم الذين ينظرون إليه على أنه مؤشر آخر على تغير المناخ. ومع تقدم السنوات، قد تخرج المزيد من البيانات من وكالة الأرصاد الجوية اليابانية، إذ أنها تواصل مراقبة أحوال الطقس خلال موسم إزهار الكرز.
مهرجان أزهار الكرز في اليابان
يحل مهرجان أزهار الكرز في اليابان عادة في أواخر آذار أو أوائل نيسان، حين تتفتح في هذه الفترة بالذات أزهار الكرز، ويمثل تفتحها بداية موسم الربيع لترسم معه مناظر طبيعية بألوان بهية رائعة.
تشكل أزهار الكرز، التي تسمى “ساكورا” باللغة اليابانية في وقت الربيع، مشهداً ساحراً مع وجودها المتناثر في أجزاء مختلفة من البلاد، وتتباين ألوانها بين أبيض أو وردي باهت، وأحياناً وردي غامق أو أصفر، وفي بعض الأحيان يتغير اللون مع تقدم فترة الازدهار، فهي ترمز إلى طبيعة الحياة الحساسة والزائلة وفي الوقت نفسه تجذب السكان المحليين والسياح على حد سواء.
ثمة كلمة تسمى “هانامي” في المعجم الياباني، يشير معناها إلى “مشاهدة أزهار الكرز وهي تتفتح”، أو الممارسة التي دأب عليها اليابانيون، التي دامت قروناً للاستمتاع بنزهة أو حفلة تحت ظل أشجار الكرز في ذات الوقت الذي تتفتح فيه أزهارها. في بعض الأماكن، يمكنك حتى الاستمتاع بنزهة هانامي بوقت متأخر من الليل مع فوانيس ورقية جميلة لزيادة جمالية الأجواء الساحرة والمناظر الخلابة.
تنوع وافرلأصناف أزهار الكرز في اليابان
بينما يمكن أن تستمر فترة تفتح الإزهار حتى 14 يوماً، في بالعادة، فإن ثمة أصناف أخرى تكون في ذروة تفتحها لبضعة أيام فقط.
تتمتع اليابان بعلاقة خاصة مع أزهار الكرز إلى درجة أن البعض قد يسميها “الزهرة الوطنية” للبلاد، فهي موطن لأكثر من مئة نوع من أشجار الكرز، بما في ذلك الأنواع البرية والمزروعة.
يتم تمييز الأشجار أيضاً من خلال عدد البتلات (الأوراق التويجية) ولون البتلات وشكل الشجرة ولون الأوراق، وإذا توافق تفتح الإزهار مع نمو أوراق الشجرة، تسمى الأشجار التي تحتوي على أزهار متفتحة تزيد عن خمس بتلات بـ yaezakura بالياباني.
نوعية أشجار كرز “سومي يوشينو” المكونة من خمس بتلات ذات اللون الأبيض أو الوردي الباهت هي من بين أشجار الكرز الأكثر شيوعاً في اليابان، بينما تشتهر مجموعة Ukon بأزهارها الصفر الباهتة. وفي الوقت الذي يمكن أن تستمر فترة تفتح الأزهار حتى 14 يوماً ، غير أن ثمة أصناف أخرى لا تتعدى ذروة تفتح أزهارها سوى بضعة أيام فقط. وهناك طريقة رائعة للاستمتاع بجمال أزهار الكرز في اليابان وهي مراقبة كيفية تغيرها باستمرار مع مرور الأيام.