بالضيافة والكرم.. العراق الأول عالمياً

700

هند الصفار/

أجرت مؤسسة CAF الخيرية استطلاعاً حول أكثر الشعوب كرماً وضيافة، وقد حصل العراق بشعبه على المرتبة الأولى. فقد أكد الاستطلاع أن 81% من الشعب العراقي قدموا خدمات وضيافة وطعام لأناس ليس بالضرورة أن يعرفوهم، ومن غير بلدهم أيضاً.
حول ذلك الأمر أجرينا استطلاعاً عن تقديم الخدمات وواجب الضيافة لدى العراقيين وكيف أمكنهم ذلك فعلاً ؟
في حوار بين بائعين حول دخول الأجانب الى البلاد أيام زيارة الأربعين وتقديم الخدمات لهم.. أكد (حازم علي)، بائع تمور في سوق الخضراوات، أن الضيافة هي سمة عراقية من الشمال الى الجنوب، حيث انهم يكرمون الضيف لمدة ثلاثة أيام قبل أن يسألوه من أنت.. ومن أين أتيت؟ يوافقه جاره (حسن رضا) على ذلك فيؤكد أن الكرم العراقي هو صفة متأصلة في العراقيين، لكننا نعتب على الحكومة لأنها لا تتعامل بالبروتوكولات الدبلوماسية وسياسة التعامل بالمثل فيما يخص منح التأشيرة للداخلين أسوة ببقية الدول المجاورة وغير المجاورة.
أما (حسن)، بائع الحلويات، فيؤكد أن الكرم العراقي هو صفة إيجابية بصورة عامة، ولا تختص بزيارات أهل البيت وزوارهم، وإنما هي سمة عامة، فنحن نتابع السياح الأجانب وكيف أنهم يستغربون من أن الناس يدعونهم لوجبات مجانية ويقومون على خدمتهم بدون معرفة سابقة او طلب ثمن.
ويؤكد (مرتضى) ذات الموقف إذ يقول: في أعوام سابقة جاءني شخص لا أعرفه وطلب مكاناً للمبيت ومعه 20 شخصاً، ولم تكن هناك أماكن شاغرة في الفنادق وغيرها، فأخذتهم الى بيتي حيث باتوا، وقامت والدتي بإعداد طعام العشاء لهم وكان عبارة عن (كباب طاوة عراقي) وضيفتهم في داري وبعدها علمت انهم زائرون من محافظة الكوت.
أما (أبو علي) وهو مواطن عراقي قادم من مدينة تلعفر في محافظة نينوى فإنه يؤكد أن الضيافة العربية العراقية هي من ضمن السلوكيات المتوارثة التي لا يمكن التخلي عنها إذ يقول: “انا اقوم بواجب الضيافة (لكائن من يكون) فهذا طبعنا ولن نتخلى عنه.” ويضيف :”لقد استضفت أناساً كثيرين في بيتي ودون معرفة مسبقة، فقط لأنهم حلوا ضيوفاً علينا.”
ومن خلال محاضرة دينية ذكر الشيخ جعفر الإبراهيمي حادثة تدل على الكرم والسماحة في موعظة قدمها للحاضرين: “ان الإمام السجاد (علي بن الحسين) قد أجار في المدينة المنورة أحد أعدائه عندما طلب منه الإجارة وبقي عنده ضيفاً مكرماً حتى انتهاء الفتنة.” ويؤكد الابراهيمي ان هذا الفعل والسلوك هو من سلوك آل محمد عليه الصلاة والسلام وعلى آله وهو سلوك عالي المستوى من الإنسانية والكرم والتسامح.
فالكرم صفة انسانية جاء الإسلام وعززها، هكذا أبدى الشيخ علي الربيعي الأستاذ في الحوزة العلمية في النجف الأشرف رأيه حين اشار ايضا الى ان الكرم مرتبط بالشجاعة، وهو صفة عقلية محمودة، وان الرسول عليه الصلاة والسلام وعلى آله قال لسفانة ابنة حاتم الطائي: “لو كان ابوك مسلماً لترحمنا عليه اكراماً لصفة الكرم التي اشتهر بها.” وحيث أن العرب هم الأوائل بالكرم فإن العراق هو اول العرب بالكرم والضيافة والكثير من الصفات، وهذا ما يفسر اختيار اهل البيت لأرض العراق مستقراً لهم ومركزاً لمحبيهم فيما بعد.
والأمر في السياقات العشائرية في العراق معروف، إذ يبقى مضيف شيخ العشيرة مفتوحاً ومقدماً لخدمات الضيافة للوافدين اليه وان كانوا غرباء، فالأمر لديهم يتعلق بسمعة العشيرة وشيخها، إذ يرتبط صيتها بكرمها بين العشائر.
هذا ما تحدث به بعض مرتادي المضايف العشائرية في العراق.
وفي نهاية استطلاعنا نصل إلى حقيقة أن العراقي، من شمال الوطن إلى جنوبه، مضياف بطبعه، وإن دارت عليه الظروف والمحن بيسرها وضرها، معتبرين خدمة الضيف واجباً مشرفاً لا يناله الا ذو حظ عظيم.