العشاء العائلي وتزيين الشجرة والترانيم من التقاليد المفضلة في أعياد الميلاد

888

ترجمة: آلاء فائق – عن موقع BBC America /

تختلف العادات الاحتفالية المرتبطة بعيد الميلاد من بلد لآخر طبقاً لمزيج من الأصول لما قبل المسيحية، إذ تشمل العادات الحديثة الشائعة للعطلة تقديم الهدايا، وموسيقى عيد الميلاد والترانيم، ومشاهدة مسرحية المهد وتبادل بطاقات عيد الميلاد.. إلى غيرها من الفعاليات.
يُعدّ عيد الميلاد ثاني أهم الأعياد المسيحية على الإطلاق بعد عيد القيامة، فهو يُمثل تذكيراً بميلاد يسوع المسيح، وهو في التقويمين (الغريغوري) و(اليولياني)، يبدأ ليلة الـ24 من ديسمبر-كانون الأول، ويمتد حتى نهار اليوم التالي.
تُرافق عيد الميلاد احتفالاتٌ دينية وصلوات خاصة بالمناسبة، فضلاً عن اجتماعات عائلية واحتفالات اجتماعية، أبرزها: وضع وتزيين شجرة الميلاد، وتبادل الهدايا، واستقبال (بابا نوئيل)، وتناول عشاء الميلاد.
تحتفل أعداد كبيرة من غير المسيحيين بهذا العيد أيضاً، وهو عطلة رسمية في أغلب دول العالم والدول العربية، كما وضعت لهذه المناسبة أغانٍ وموسيقى وأفلام ومسرحيات عديدة.
يعد عيد الميلاد المناسبة الأولى من حيث إنفاق الأموال في العالم، فهو يترافق مع توزيع حوافز على العاملين في أغلب الدول، وتشهد فترة التحضير للميلاد زيادة في المبيعات بجميع المجالات تقريباً، وتطرح المتاجر منتجات جديدة لتكون هدايا العيد والزينة وغيرها من اللوازم.
في المملكة المتحدة يبدأ التحضير لأعياد الميلاد ابتداءً من منتصف شهر نوفمبر- تشرين الثاني، وهو الوقت الذي تزين فيه الشوارع والساحات بأشجار عيد الميلاد المضاءة، وتذكر بعض الإحصاءات أن ربع مجموع الإنفاق الشخصي يكون في موسم التسوق لعيد الميلاد وعطلة العيد ورأس السنة.
هذا اليوم هو عطلة رسمية في الكثير من الدول منذ سنوات طوال، إذ تكون كل الأماكن مغلقة تقريباً، عدا المستشفيات والشرطة وخدمة المطافئ. حتى القطارات والحافلات وقطارات الأنفاق لا تعمل في هذا اليوم. الحانات والمقاهي هي وحدها التي تفتح أبوابها وقت الغداء، وذلك لأنها كثيراً ما يتردد عليها الأزواج الحريصون على الهروب من ضجيج اللقاءات الاجتماعية في المنزل.
تعود العديد من تقاليد أعياد الميلاد الأمريكية إلى إنكلترا، ومنها العناصر الأساسية لتزيين المنزل وشجرة عيد الميلاد وتبادل الهدايا وتناول العشاء. أما الأغاني وترنيمات أعياد الميلاد والمسرحيات الإيمائية الصامتة والتزلج على الجليد فهي كلها طرق رائعة للاحتفال بموسم الأعياد، وإليكم قسماً من طرق الاحتفال هذه:
رسائل إلى بابا نوئيل
أحد رموز عيد الميلاد هو بابا نوئيل أو (سانتاكلوز)، ففي كل عيد ميلاد يتجول بابا نوئيل في الطرقات ليوزع الهدايا على الأطفال، ولاسيما الأطفال الفقراء، فيبث في داخلهم الفرح والسعادة.
من الشائع جداً أن يكتب أطفال المرحلة الابتدائية رسائل إلى بابا نوئيل، لكن البريطانيين مثلاً يخطون خطوة إلى الأمام ويحرقون الحروف في موقد النار فيطير الرماد فوق مدخنة الموقد، ليتمكن بابا نوئيل من قراءة الدخان.
الجوارب
بدلاً من تعليق الجوارب قرب الموقد، يعلقها الأطفال في نهاية فراشهم على أمل أن تمتلئ بحلول صباح عيد الميلاد بالهدايا، ستكون مفاجأة لطيفة للاستيقاظ. في الوقت نفسه، قد يكون من الصعب على سانتا كلوز توزيع الهدايا دون إيقاظ الأطفال الصغار.
التزلج على الجليد
إذا كنتَ من محبي التزلج على الجليد في أعياد الميلاد، ففي لندن واحدة من أروع حلبات التزلج على الجليد للاستمتاع بتجربة شتوية ساحرة. تتمركز الحلبات المؤقتة للتزلج على الجليد في أماكن شهيرة في جميع أنحاء المدينة، وتعد هذه الأماكن من بين أفضل مناطق الجذب خلال موسم الأعياد ورأس السنة الجديدة، ويظهر معظمها في تشرين الثاني، وقد ألغيت بعض حلبات التزلج على الجليد في لندن هذا العام بسبب جائحة كورونا، بينما لم يُعلن عن تفاصيل بعض المواقع بعد.
هدايا عيد الميلاد
هدية الكريسماس هي هدية تُقدَّم احتفالاً بعيد الميلاد، وغالباً ما يجري تبادل هدايا عيد الميلاد في الخامس والعشرين من كانون الأول، أو في اليوم الأخير من موسم الكريسماس الذي يستمر 12 يوماً، الليلة 12 التي تصادف 5 كانون الثاني يتم فيها تقديم الهدايا، وفقًا للتقاليد المسيحية، هي رمز لتقديم الحكماء الثلاثة لهداياهم للرضيع يسوع.
أسواق الهدايا
التسوق في أعياد الميلاد هو من الطقوس السنوية التي يعشقها بعض الناس ويخشاها بعضهم الآخر، لكن في لندن سوف تكون مدللاً في اختيار الهدايا.
(هامليز) هو أفضل متجر في العالم لبيع ألعاب الأطفال، يقع فرعه الرئيس في ريجنت ستريت بلندن، يعود تاريخه إلى سنة 1760م، وله فروع حول العالم وبعض الدول العربية، يعج بمختلف أنواع لعب الأطفال الضخمة، ولاسيما إبّان أعياد الميلاد في (وينتر ووندرلاند) أرض عجائب الشتاء في هايدبارك (حتى 1 كانون الثاني) ، ومهرجان ساوث بانك وينتر تايم على طول الضفة الجنوبية في لندن.
المفرقعات
أصبحت مفرقعات عيد الميلاد مألوفة جداً في جداول الاحتفالات بإنكلترا عندما تستعد العائلات لهذا اليوم الرائع وترتب الطاولة، كل أسرة بريطانية تكون ضمن ديكورها التصميمي بعيد الميلاد مجموعة من المفرقعات، وعادة ما تكون في داخلها الحلويات والهدايا الصغيرة الأخرى. تعود عادة المفرقعات هذه إلى القرن التاسع عشر، عندما توصلت شركة حلويات إنكليزية لفكرة تعزيز بيع الحلوى، وقد تمكنت هذه الشركة من بيع أكبر عدد ممكن من هذه المفرقعات بهذه الخدعة.
التِيجان الملونة
كل بريطاني يعد نفسه ملكاً في عيد الميلاد! لكنها ليست تيجاناً حقيقية، بل مصنوعة من الورق، تنفتح لتشكل تاجاً حقيقياً. يرتدي الكبار والأطفال على حدٍ سواء هذه التيجان الملونة فيشكلون مشهداً زاهياً بالألوان البهيجة، أضيفت القبعة الورقية في أوائل القرن التاسع عشر واستمر التقليد حتى يومنا هذا.
عشاء أعياد الميلاد
عشاء عيد الميلاد في بريطانيا هو ذاته في الولايات المتحدة، إذ تتزين موائد البريطانيين بالديك الرومي المشوي، وزّة أو دجاجة مشوية مع خضراوات. لكن هناك بعض المواد الخاصة التي لا تكون شائعة على موائد العشاء الروتينية كالجزر الأبيض، وهي خضراوات جذرية تشبه الجزر، طعمه مألوف، ويحب البريطانيون حلوى البودينغ (نوع من حلويات الكريمة، مكوناتها حليب ونشا وسميد وبيض)، لكن بودنغ يوركشاير ليس تقليدياً، بل هو أشبه بالبسكويت المحمص والمفرغ من الهواء، يكون منتصفه فارغاً لاحتواء الصلصة أو مرقة اللحم.
مشروب الواسيل
تعني كلمة (واسيل Wassail) بلهجة البريطانيين المحلية (الصحة الجيدة) أو (أن تكون بصحة جيدة)، وهي كلمة تطلق على مشروب واسيل، وهو من المشروبات الساخنة، ويعد من طقوس الشرب الإنكليزية التي تعود إلى العصور الوسطى وغايتها ضمان حصاد جيد من التفاح في العام التالي، وهناك طرق مختلفة لتقديمه مثل عصير التفاح الساخن المسحوب، لكن يمكن صنعه أيضاً بالاعتماد على النبيذ. تعلو طبق واسيل في الأصل شرائح من الخبز المحمص أو قطعة خبز لامتصاص السائل.
تشارلز ديكنز
يعود الفضل الكبير للروائي والكاتب الإنكليزي الساخر تشارلز ديكنز، الذي حظيت أعماله الأدبية بشهرة فائقة على طرفي المحيط الأطلسي، مثل (قصة مدينتين) و (ترنيمة عيد الميلاد) في إحياء طقوس أعياد الميلاد التي كانت كامنة داخله منذ طفولته.
دأب كثير من الناس في العالم طوال سنوات عديدة في فترة أعياد الميلاد على قراءة روايته الشهيرة (ترنيمة عيد الميلاد) عن الثري البخيل المدعو سكروج، الذي يحوم حوله شبح شريكه الراحل مارلي ويقوده إلى فعل الخير قبل أن يدهمه الموت، فينقذ حياة ابن موظف يعمل عنده. لا شك أن هذه الرواية الأخلاقية/الإنسانية تركت أثراً عميقاً في الوجدان الاجتماعي.
قد يكون عيد الميلاد الأبيض الذي نحلم به بعيداً عن لندن، لكنه كان شائعاً في شباب ديكنز، الذي كتب عن الأعياد والترانيم وحلوى البودينغ. الأهم من ذلك كله، تجسيد ديكنز لروح عيد الميلاد، سوف تجد ذلك في لندن عندما تلين شفاه البريطانين المتيبسة لتغني ترانيم عيد الميلاد تحت الشجرة العملاقة في ميدان ترافالغار (ساحة الطرف الأغر في قلب لندن)، أو تتذوق النبيذ الساخن (مشروب يُصنع عادةً من النبيذ الأحمر مع التوابل وأحياناً الزبيب).
التمثيل الصامت
يُعرف باسم (البانتومَيم)، هو أحد تقاليد أعياد الميلاد البريطانية التي تحيّر الزوار دائماً، التمثيل الإيمائي عبارة عن تكيفات صاخبة للقصص الخيالية الشعبية، مليء بالتلميحات الجنسية، تجد الرجال يرتدون ملابس النساء والعكس بالعكس.
قد يعتقد بعض الناس أن التمثيل الصامت أو ما يعرف بـpantomime هو مخصص للأطفال فقط، لكن سحر البانتو الجيد هو أنه يحتوي على شيء للجميع، وقد يظن آخرون أن التمثيل الإيمائي عبارة عن كوميديا تهريجية مبنية على قصة خيالية أو قصة أطفال تتضمن موسيقى ونكات محلية وتنتج تحديداً في وقت قريب من عيد الميلاد.
الخطاب الملكي
بدأ تقليد الخطاب الملكي عام 1932، حين ألقى الملك جورج الخامس خطاباً بالمناسبة، أما اليوم فتلقي الملكة خطاباً في يوم عيد الميلاد الساعة الثالثة عصراً من كل عام. في أول خطاب بُث عبر الراديو في يوم عيد الميلاد، أدلى الملك جورج بتصريحات حول تأثير التكنولوجيا وكيف كانت لديه القدرة على الوصول إلى الناس على نطاق واسع.
الترانيم
ليس لترانيم (الكارول) أصول في العقيدة المسيحية، فهي ترانيم وثنية في الأصل كانت تُنشد أثناء الانقلاب الشتوي، وكان الوثنيون يغنون ويرقصون في دوائر. كلمة كارول هي في الواقع فرنسية تنطلق من القرون الوسطى وتعني الرقص في دائرة مع الغناء. نشأت أناشيد عيد الميلاد لأن الكنيسة الأولى أرادت تحويل المواضيع الوثنية والأعياد المرتبطة بها إلى موضوعات مسيحية. كُتبت معظم أغاني (كارولز) التي ابتُدعت في ذلك الوقت وغُنيت باللغة اللاتينية، لذلك لم تكن شائعة على الإطلاق.
لكن في القرن الـ13، ومن أجل جعل الترانيم تحظى بشعبية بين المستمعين، كان فرنسيس الأسيزي (قديس في الكنيسة الكاثوليكية) يغني ترانيم الميلاد، لكن في القرن الـ17عندما انفصلت بريطانيا عن الكنيسة الكاثوليكية، أُلغيت مع أشياء أخرى. في وقت لاحق ظهرت الترانيم في 1840 في أثناء حكم الأمير ألبرت والملكة فيكتوريا، إذ استجلب الأمير ألبرت كثيراً من التقاليد الألمانية إلى إنكلترا كانت ترانيم (الكارولينج) واحدة منها.
تختلف ترانيم الميلاد المعروفة منذ مئات السنين في الكنائس عن الأغاني الميلادية الشائعة، ففي البلدان العربية تقاليد ترنيميّة عريقة لدى الموارنة والروم والأقباط.
ومع اقتراب احتفال المسيحيين بعيد الميلاد، تطغى على الشاشات والمراكز التجارية ألحانٌ شائعة ارتبطت بالاحتفال بهذا العيد، من أشهرها لحن (جنغل بلز) التي عرّبها الرحابنة وغنتها فيروز بعنوان (ليلة عيد).