العلاج الشعبي بالألوان

1٬020

باسم عبد الحميد حمودي /

عرفت الإنسانية منذ القدم العلاج باللون وحدّد علماء الطاقة القدامى، ونقصد بهم رجال الكهنوت البابلي والفرعوني أنواع الألوان التي تمنح الطاقة الإيجابية للإنسان.
الطاقة الإيجابية للون
كانوا لا يسمّونها الطاقة الإيجابية بل بواعث للإنسان، وهم يجدون في اللون الأخضر السعادة والسرور وفي الأبيض الطمأنينة، وفي الأحمر نوعا من الهياج والقوة.
واذا تجولت في قرى مصر اليوم ووقفت عند مقابر الفلاحين المجاورة لقراهم ستجد أنَّ للقبر ارتفاعاً محدّداً تعلوه ما يشبه اللوحة المرسومة بالألوان، للدلالة على خدمة المتوفى وإشعاره بالراحة وهو في قبره !
إنَّ ذلك يعد نوعا من الإيمان الفرعوني القديم بارتباط الدنيا الحاضرة بالآخرة وهو معتقد تجسّده الاهرامات وما فيها من كنوز وأسلحة ودلائل طعام ومساكن للنساء والخدم والجواري، لكن هذا موضوع لا علاقة مباشرة له باللون الذي تتخذه الاهرام وهو لون ترابي كئيب، يبعث على الرهبة والادهاش معا وإظهار القوة .
في العصور البابلية المعروفة تجد قيامة تموز من العالم السفلي وقت الربيع حيث الأزهار تحيط بالأرض والخضرة تقدم السعادة للبشر المحتفلين بقدوم حبيب عشتار إلى العالم من جديد، حيث تتسربل بابل والمدن العراقية القديمة بالألوان الجميلة المفعمة بالسرور مثل الليلكي والاخضر والاصفر وتعلّق قلائد على جيد النسوة وقلانس للرجال بينما يتلو الكاهن الاكبر وهو الطبيب الاكبر قداس الخلود البابلي وسط فرح الناس الذين تشفى أمراضهم بالدعاء واللون معا !
صراع المرض مع الألوان
أكد أطباء من ألوان وعهود مختلفة عدّ الألوان المقبولة إنسانيا نوعا من العلاج النفسي ضد الأمراض، وقال الرئيس ابن سينا (980-1037م) بربط اللون بدرجة حرارة الجسم، وقال إن الأحمر يحرّك الدم وإنَّ اللونين الأزرق والأبيض يدفعانه للهدوء (يبردانه).
العالم الامريكي غد بالي (1873-1966) كتب موسوعة طيف قياس الألوان وهي موسوعة عن علاج الأمراض باللون، وهناك دراسات وبحوث لعلماء نفس وأطباء بشأن علاقة اللون بالشفاء من الأمراض.
كتب ودراسات
عدا ما كتبه الطبيب الفيلسوف ابن سينا في كتابه (القانون في الطب) عن تأثير اللون في العلاجات المرضية قديما، فإنَّنا نجد أنَّ مجموعة من الدراسات قد ظهرت في أوربا بشأن هذا الموضوع، منها كتاب الدكتور بانوكست عام 1877 بعنوان (الضوء وأشعته كدواء) وكتاب الدكتور أيدوين بايت (مبادئ الضوء واللون) عام1887، كما ظهر كتاب الدكتور دونالد واطسن بعد هذا تحت عنوان (قاموس العقل والبدن) ليتوسع في شرح موضوعة العلاج بالضوء.
وبتوالي الأيام تجرى البحوث الخاصة بتأثير اللون على الإنسان، وتقول بعض البحوث بأنَّ اللون الصفر هو الأكثر انسجاما مع البيئة ولذا نصح بعض علماء اللون باستخدام هذا اللون داخل الصفوف الدراسية شرط الا يكون فاقعاً، وقالوا بأنَّ اللون الأزرق يساعد في خفض ضغط الدم وعدوا اللون الأخضر مساعداً في البهجة والتهدئة، وقالوا إنَّ اللون الارجواني يدعو إلى استقرار النفس إضافة للون الأزرق الخفيف.
الفونغ شوي
يعد علم الفونغ شوي عند الصين هو علم الإحاطة بالمكان ويعدّ العلاج باللون جزءاً منه إذ عدّ اللون الأحمر ممثلا لعنصر النار واللون الرمادي للدلالة على المعدن والازرق للدلالة على الماء والاخضر للشجر والاصفر للتراب، وأعطوا لكل لون طاقته الإيجابية في بناء الانسان وشفائه من مرض ما.
ألوان للمرض… ألوان للشفاء
أخذت نظرية العلاج باللون مسارات شتى، فقالوا بوجود ألوان للمساء وأخرى للصباح بينما كان لون المائدة عند الطعام طريقا طيبا يدعو للسعادة وقت التناول، إذا كانت الألوان هادئة جميلة، وقد ثبت علميا أنَّ ربع الاشخاص الذين يميلون إلى العنف اذا جلسوا في غرفة مطلية بلون فاتح فذاك يجعلهم أكثر هدوءاً وأقلّ صخباً.
وقد جعل علماء اللون من غير التشكيليين للألوان قدراتها الشفائية، إذ يعد اللون الأصفر مساعداً في التفاؤل واللون البرتقالي باعثا على الطاقة الجسمية والذهنية المتجددة واللون الاحمر لون الطاقة والحيوية والشجاعة بقدر ما هو لون الايذاء وسيادة السادية … أحيانا.
الألوان والغذاء
ووجد العلماء في ألوان الاغذية دلالات على غنى المادة الغذائية بالفيتامينات المساعدة في علاج الجسم وتطوير قدراته مثل الصبغة الحمراء في الطماطة واللون الاخضر في السبانخ والخس والازرق في الباذنجان ولون السواد في الشاي، ولكل صبغة لونية تدرجاتها وفاعليتها الشفائية.
البيولوجيا الضوئية
جاء مصطلح البيولوجيا الضوئية ليحل محل مصطلح العلاج بالألوان ودرجت البحوث الجديدة في الطب البديل عن الطب الاكلينكي على استخدام هذا المصطلح وعلاجاته باللون عن المصطلح القديم المتداول، وبذلك انفتحت العلوم البيولوجية الجديدة في طب اللون والأعشاب على عالم جديد من البحوث والتجارب التي تتم لصالح الانسان.