الليالي والأيام الحسينية

444

#خليك_بالبيت

باسم عبد الحميد حمودي /

هي أربعون يوماً وليلة تبدأ في العاشر من شهر محرم الحرام وتختتم في اليوم العشرين من صفر.
الصراع بين المقدس والمدنَّس
في هذه الليالي والأيام يكون لقارئ المجلس الحسيني القدر الكبير في إحياء ذكرى الاستشهاد ووقائع فاجعة القتل الظالمة والاجتراء على ابن بنت رسول الله (محمد) صلى الله عليه وسلم من قبل زمرة ضالة قاتلت حفيد محمد باسم الدولة مدعية أنها تقتله باسم الدين، وشتان ما بين المقدس، وهو ابن رسول الله، والمدنَّس، وهو كل مجاميع القتلة من قادة جند يزيد وجيشه.
الأيام العشرة الأوائل
درجت المجالس الحسينية التي تحيي هذه الذكرى الحزينة، وتستلهم منها العِبَر، على بدء التنبيه بالمآثر الحسينية منذ اليوم الأول والليلة الأولى من محرم الحرام لإعادة تجسيد الوقائع المؤلمة التي تنتهي باستشهاد الإمام الحسين في العاشر من محرم.
في هذه الأيام والليالي يجسِّد قارئ المنبر الحسيني وقائع يوم (الطف) حيث جرت المعركة الأخيرة بين سبعين رجلاً وفتىً يقودهم الإمام الشهيد وبين الآلاف من جند يزيد.
في هذه الليالي العشر يبدأ الخطيب (أو الملّاية في المجلس النسوي) في الليلة الأولى بذكر الأهلّة والأشهر الحرم عند المسلمين والتذكير بضرورة إقامة مجالس استذكار الوقائع الحزينة في مقتل الإمام وأهل بيته وأصحابه.
في الليلة الثانية يذكر الخطيب فضائل أهل البيت النبوي الكريم وذكر خروج الإمام الحسين من الحجاز متجهاً إلى الكوفة وحديثه قبل هذا مع السيدة أم سَلَمة وأخيه محمد بن الحنفية الذي عارض خروجه هو وعبد الله بن عباس, وإبراز الإمام لهما رسائل العراقيين الداعية للخروج والبيعة له عليه السلام.
في الليلة الرابعة يجري ذكر أهوال الطريق الصحراوي والمقابلة مع جابر بن عبد الله الأنصاري.
في الليلة الخامسة يكون حديث المجالس عن استشهاد مبعوث الإمام الحسين إلى الكوفة، ابن عمه مسلم بن عقيل، الفاجعة, وهنا يذكر الخطيب كيف وصل مسلم إلى الكوفة وحفاوة الناس به ثم انصرافهم عنه بعد هذا مضطرين، نتيجة سياسة الترهيب التي اتبعها والي الأمويين في الكوفة، حتى مطاردته وقتله.
في الليلة السادسة يكون الحديث عن مصرع الحر الرياحي وحبيب بن مظاهر, وعن أحوال النساء الاطفال العطشى في المخيم الحسيني.
في الليلة السابعة يكون الحديث عن مناقب وشجاعة الإمام العباس بن علي قائد جيش الحسين وشجاعته الفائقة في القتال وهزيمة الأعداء, لكن شجاعة العباس الكبيرة تقابلها الكثرة الظالمة التي كانت تهاجمه على البعد وهو يحمل قِرَب الماء إلى مخيم النساء والأطفال وصموده بوجه العدوان حتى تغلبت الكثرة على الشجاعة فأثخنوه بالنبال ثم قطعوا يديه ثم رأسه الجميل في مشهد مأساوي مؤلم.
في الليلة الثامنة تجري مراسم عُرس القاسم بن الحسن على السيدة سكينة بنت الحسين، وتتولى المجالس النسائية تجسيد العرس بأبهى صورة حتى استشهاده، عليه السلام، ليلة عرسه.
في الليلة التاسعة تتجسد وقائع استشهاد علي الأكبر، وفي الليلة العاشرة يتولى خطيب المجلس تلاوة وقائع استشهاد الطفل عبد الله الرضيع وهو بيد والده الإمام الشهيد وتصوير حسرة الإمام على ولده الراحل. فيما يكون صباح اليوم العاشر مخصصاً لتلاوة وقائع المقتل الرهيبة الحزينة وسير المواكب في أرجاء المدن والقرى وأصحابها يرددون مقولات شعرية حزينة في ذكرى الإمام الشهيد.
الأيام الاخرى
تجري فيها جلسات المجالس في الجوامع والحسينيات ودور الموسَرين وفضاءات القرى للحديث يومياً عن مناقب آل البيت الكرام, واستذكار بعض وقائع معركة الطف حتى الوصول إلى اليوم الأربعين حين تجري وقائع دفن رأس الحسين عليه السلام في كربلاء مع جسده الطاهر من قبل قبيلة بني أسد، ومن والاهم، في أرض كربلاء فيما يسمى شعبياً (مَرَد الراس) أي عودة الرأس الشريف إلى جسده في مشهد حزين من مشاهد هذه المأساة التي يتكرر تجسيدها كل عام.