المئات من جماجم قادة المقاومة الجزائرية حبيسة المخازن بمتحف باريس

706

تيم بوقاعدة /

عادت قضية جماجم المقاومين الجزائريين المحفوظة بمتحف الإنسان بباريس، إلى واجهة الجدل السياسي والتاريخي بين الجزائر وفرنسا، عقب بث قناة فرانس 24 تقريرا حول الموضوع، أكد خلاله مدير متحف الإنسان بباريس ميشال غيرو، وجود 18 ألف جمجمة لأشخاص تم العثور عليها خلال بعثات التنقيب.

تم التعرف على 500 جمجمة، من بينها 36 جمجمة تعود لمقاومين جزائريين بعضهم قادة بارزون في المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي في أواسط القرن التاسع عشر.

وأكد مدير المتحف بأن جماجم المقاومين الجزائريين يتم الاحتفاظ بها في قاعة منعزلة بالمتحف، بعيداً عن مرأى الزوار، نظراً للجدل القائم بين فرنسا والجزائر حولها، وأضاف غيرو “وعلى الرغم من أنها تعتبر أجساماً علمية، إلا أن لديها أيضاً قيمة أخلاقية إذ تتعلق بسلالة من الأبناء والأحفاد”.

الخيار السياسي أولاً أم القانوني؟

وفي رده على مراسلة النائب البرلماني الجزائري عن جبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، حول التدابير التي تنوي الحكومة القيام بها لاسترجاع جماجم أبطال المقاومة، قال الطيب زيتوني، وزير المجاهدين، إن الملف قد أُدرج ضمن الملفات موضوع المباحثات مع الطرف الفرنسي، وتم التكفل به بالتنسيق مع مصالح وزارة الشؤون الخارجية وسفارة الجزائر بباريس.
لكن المحامية فاطمة الزهراء بن براهم، تشكك في الإجراءات القانونية التي اتبعتها الجزائرية من أجل ذلك، وقالت لـ”هافينغتون بوست عربي”، إن الوزارة بعثت برسالة لكتابة الدولة الفرنسية لدى وزير الدفاع المكلفة بقدماء المحاربين والذاكرة، في حين أن الطرف المعني بالملف مباشرة هي وزارة الثقافة المشرفة على المتحف الذي توجد به جماجم الشهداء.
وأضافت بن براهم، التي زارت المتحف، وقدمت طلب استرجاع ثلاث جماجم تعود لعائلة “الشيخ بوزيان” قائد ثورة الزعاطشة ببسكرة (جنوب الجزائر) بطلب من أحد أحفاده، كما ينص القانون الفرنسي، ودعت المحامية كل من لهم صلة برجال المقاومة المحتجزة جماجمهم بمتحف باريس، أن يتقدموا بطلب استرجاعها، ولم تقلل المحامية من جهود الحكومة الدبلوماسية لاسترجاع الجماجم، وإنما أرادت أن تعمل بطريقة قانونية من أجل استرجاع هذه الجماجم بموازاة بما تقوم به الحكومة من جهود.

المحاكم الدولية بيننا

وذهب فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان (حكومية) إلى إمكانية استرجاع هذه الجماجم بطريقة رسمية، وعلى فرنسا الاستجابة لطلب الحكومة دون مماطلة أو تسويف، وأكد قسنطيني لـ”هافينغتون بوست عربي”، بأنه في حالة رفض الحكومة هذا المطلب فسترفع القضية أمام المحاكم الدولية لاسترجاع حق الأحفاد في دفن أجدادهم بطريقة لائقة، وفضح الممارسات الاستعمارية الوحشية التي ترفض إلى غاية الآن الحكومة الفرنسية الاعتراف بها.
من جهته، أكد أطيب الهواري، الأمين العام للمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء، بأن هؤلاء الأبطال جزء من ذاكرتنا الوطنية، ولا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي من أجل استرجاعهم بشتى الطرق القانونية أو القضائية، وأضاف الطيب الهواري بأن الفرنسيين لهم عقدة من تاريخهم الاستعماري الوحشي في الجزائر، وهم يرفضون الاعتراف بذلك خوفاً من فقدان شخصيتها الرمزية في أنها مهد حقوق الإنسان والحريات.

ذاكرة الشعوب لا تموت

واشترك العديد من النشطاء على الشبكات الاجتماعية، في نقاشات الذاكرة وكيفية استرجاعها والحفاظ عليها، وأدانت في مجملها الممارسات الوحشية للاستعمار الفرنسي، وإصرار الحكومة الفرنسية في تمجيد هذه الممارسات من خلال رفض الاعتراف، وعدم تسليم رفاة الجزائريين وأرشيفهم.

ويذكر أن سر قضية جماجم المقاومين الجزائريين لم يكشف سوى في آذار 2011 من طرف الباحث الجزائري علي فريد بالقاضي. وقد تم إطلاق عريضة تطالب بإعادة هذه الجماجم للجزائر وقع عليها أكثر من 30 ألف شخص من كلا البلدين.
ومن أبرز قادة المقاومة الموجودين بمتحف باريس نذكر؛ محمد لمجد بن عبد المالك -المعروف باسم شريف بوبغلة- والشيخ بوزيان، قائد مقاومة الزعاطشة في منطقة بسكرة جنوب الجزائر عام 1849، وموسى الدرقاوي، وسي مختار بن قديودر الطيطراوي، والرأس المحنطة لعيسى الحمادي الذي كان ضابطاً لدى شريف بوبغلة، وكذلك رأس الضابط محمد بن علال بن مبارك، الذراع اليمنى للأمير عبد القادر.

وقد وصل هؤلاء إلى متحف باريس على شكل هدية من الدكتور “كايو” بين سنتي 1880 و1881، وقد جرى تحنيط هذه الجماجم وحفظها بمادة مسحوق الفحم لتفادي تعفنها.

بتصرف عن هافينغتون بوست عربي