المصورة حمدية الراشدي: الصورة الفوتوغرافية رسالة ووثيقة

660

محسن العكيلي /

بينها وبين الكاميرا عشقٌ خاصٌ، فهي صديقتها الأقرب، ومع مرور الوقت ازدادت هذه العلاقة قربا، تصطحب كاميرتها وتسجّل ما تلتقطه عيناها من مشاهد ومناظر في ربوع الموصل الحدباء، يستهويها تصوير حياة الناس وتسجيل الأحداث وهي ترى أنَّ الصورة الجميلة أو المعبّرة هي التي يدرك الآخرون قيمتها.
والتصوير الفوتوغرافي يعني لها الكثير، اكتشفت به ذاتها وأصبحت تبحث عنها أكثر، فهي تعشق الإبداع في التصوير وترصد بروحها وعينيها كل ما هو جميل ومميّز، لتكون من المميزات بهذا الفن .
بداية المشوار
لم تكن مصوّرة استهوتها آلة التصوير فحسب، بل كانت عيناً فاحصة لما يدور من حولها، لذا مارست تصوير المدن ومشاهد الحياة، فضلا عن التقاطها صوراً للمواقع التاريخية والطبيعية، واضعةً نفسها في مواقع احترافية وندّيَّة للمصورين الذكور.
حمدية شيت أحمد الراشدي المولودة في عام 1959 في قضاء تلكيف، ومنذ بواكيرها الأولى فتنها العمل الإعلامي حين تعرّفتْ على الإعلامية والمذيعة المتألقة فـرقـد ملكو عند مشاركتها في الفعاليات المدرسية، دخلت عالم التصوير الفوتوغرافي عام 1982.
حين عملت صحفية ومندوبة إخبار توثّقها بالصور الفوتوغرافية، كانت البداية في مكتب جريدة العراق في محافظة نينوى، تتلمذت على يد الراحل سامي النصراوي رئيس الجمعية العراقية للتصوير لتسبر أغوار عالم الفوتوغراف، وحصلت على درجة الامتياز في تلك الدورة ورُشِّحتْ إلى دورة أخرى في المانيا وحالت ظروف الحرب العراقية الإيرانية دون سفرها، شاركت بعد ذلك في دورات فوتوغرافية عدّة، وتلقّت محاضرات على يد أساتذة التصوير والإعلام، وفي عام 1981 صوّرتْ أوَّل مهرجان للأغنية الجماهيرية في بغداد، وبعد منحها هوية الجمعية العراقية للتصوير رُشِّحتْ للهيئة الإدارية وأصبحت عضو الهيئة الإدارية ومسؤولة العلاقات والإعلام ورئيسة لجنة اختبار المصورين منذ عام ١٩٨٣ حتى عام ٢٠٠١، حصلت على شهادات مختلفة من مشاركاتها في معظم المعارض الفنية وغطّتْ معظم الفعاليات الجماهيرية والثقافية والصحفية في محافظة نينوى بأقضيتها ونواحيها .
تأثير مباشر
ترى حمدية الراشدي أنَّ للبيئة والزمان تأثيراً مباشراً في تصوير الأشياء والأشخاص والحالة الاجتماعية في تاريخ معين، من أبنية وتراث وأزياء ومهن وأجهزة ومعدّات استخدمها الإنسان، والظرف الذي يمرّ به، كلّها تظهر في الصورة الفوتوغرافية التي التقطتها عدسة الراشدي لمناطق الموصل وفعالياتها.
البصمة البارزة للراشدي هو التصوير الصحفي الذي وثّقتْ فيه الأحداث والمناسبات والتراثيات وحركة الحياة وتقلباتها ونشرها في الصحف فضلاً عن بصمتها الواضحة في العمل لأكثر من عشر سنوات في لجنة اختبار المصورين في الجمعية العراقية للتصوير فرع نينوى، وقد كانت وما زالت ترصد اللقطات الفنية المعبّرة التي تجسّد الحالة المطلوبة كصحفية تفسّر المكتوب بالصورة العاكسة للخبر، فتقطع الشك باليقين. التصوير لدى الراشدي رسالة وتوثيق وخدمة تجاه الوطن والناس، تنقل عبره الموروث الثقافي المحلي إلى العالم.
تميُّز المرأة
حمدية الراشدي ترى أنَّ التصوير الفوتوغرافي في تطوّر مطّرد بعد استخدام الكاميرا الرقمية (الديجتال)، إذ كان التصوير يعتمد على الفيلم الحسّاس وعملية التحميض ثم الطبع، أما اليوم فتلتقط الصورة بكاميرا رقمية وتُنقل إلكترونيا وتجرى التعديلات عليها وفق برامج خاصّة، وأصبح التصوير حاجة ضرورية ويومية، ومعظم الناس يصوّرون دون تمييز، فالمرأة والرجل يصوّران في كلّ مكان على حدّ سواء وهناك العديد من النساء يعملن في مهنة التصوير، وثمة إقبال كبير على المصوّرات في تصوير الحفلات والمناسبات الخاصّة. الفرق بين المرأة والرجل في عالم الفوتوغراف يكمن في شاعرية الصورة، واختلاف الميول والآراء والتوجُّهات، وما يحرّك كلاً منهما ويلفت انتباه كلّ منهما، والصورة الجميلة أو المعبّرة هي التي يرى فيها الآخرون قيمة فنية.
حصلت الراشدي على دروع وشهادات تقديرية طوال مشاركاتها في المعارض الفوتوغرافية المقامة في المهرجانات الدولية وفي معرض نيسان الدولي ومعارض متنوعة أخرى.