الوعد الذي أمات أمي

599

رجاء خضير /

منْ يوقف سير السنين والزمن؟ هو نفسه الذي يمسح تجاعيدهما؟ منْ قال ان العشق يتوقف بمضي السنين؟ السنوات تتوقف والعشق يمضي الى اللانهاية، هكذا رضعناه من حليب امهاتنا, اللاتي لم يتفوهن به خشية غدر الزمن
قالت (ت) بعد صمت طويل….
التقيته بين مئات طلبة الكلية, تعلقت به واحببته, كنت أحدث به قلبي, قلبي الذي أوصد ابوابه له…. بمرور الأيام عرفت أنه ليس طالباً معنا, كان يأتي لأنه مدرب لفريق الجامعة الرياضي, وبمرور الوقت عرفت جدول حضوره, لذا بت انتظر مجيئه, ومع الأيام أنتبه لحضوري ونظراتي التي لا تفارقه, وبسبب ذلك تقدم في احدى الصباحات الربيعية مني وسلمّ عليّ وعرفني باسمه, صارحني بأنه منتبه لحضوري, وقت كلامه معي شعرت بأن قلبي توقف ودارت الدنيا بي, ومن يومها امتنعت عن الذهاب الى ساحة التمارين خشية رؤيته بعد مضي أيام معدودة رأيته يأتي الى القسم ويسأل زميلتي عني, لاحظتهما عن بُعد يتحدثان, وبعدها توجه نحوي, ولم يدر بخلدي أنه سيفاتحني بحبه, وهذا ما حصل ولم اخف مشاعري تجاهه بعد أن تأكدتُ من حبه, كان يراقبني طوال رؤيتي للمباريات
آه…. كم سعدت بهذه العلاقة الجميلة والتي لا تتجاوز مساحتها الكلية فقط
اضافت (ت)
قررت أن أبوح لأمي بما يمرُّ بي, اعتبرها صمام الأمان لنا جميعاً صارحتها بما يخفيه قلبي, كانت تستمع لي, ولاحظتُ أن صفرة صبغت وجهها ,سألتها ما بك يا أمي؟ هل قلت شيئاً خطأ… ولكنها بقيت على صمتها ولم تجب
عاد والدي مساء من عمله مع شقيقي وسأل عن أمي, أحترت ماذا اقول, لتحل هي الموضوع بخروجها من غرفتها وصمتها, قالت لوالدي بعد أن أخذ قسطاً من الراحة, سأخبرك بشيء يجب أن تعلمه, لقد تقدم أحد الشباب لخطبة أبنتك أوضح لها لماذا سيكون الرفض؟
واضافت (ت)
وهنا سكت الجميع وكأن الطير على رؤوسهم ونظر والدي الي بغضب, ولم أعرف سر غضبه, وماذا تقصد أمي بحديثها ذاك!
وهنا شعر والدي بأننا لا نفقه من الأمر شيئاً فقال. اعلموا جميعاً وأنتِ خصوصاً, بأننا قرأنا فاتحة قرانك لأبن اخي و أنتما رُضع!
وجه حديثه لي… لا تفكري بغيره !
وهنا لم اتمالك اعصابي وصرخت (ولكنه متزوج ).
اصدر والدي أوامره بأن لا يناقش احد هذا الموضوع!!
بكيت بكاء مراً اذ لم أسمع بهذا الأمر…..
عاتبت أمي ولمتها لوقوفها مع والدي ضدي,
اجابتني أمي ببرود…. ولماذا أخبرك, انتِ لم تكملي دراستك بعد! وابن عمك لم يعد الى الآن!
دعوت الله بأن لا يعود, هو متزوج وله ابناء فلماذا يعود! وهو ما رأيه بقصة الخطوبة ونحن رُضع! هل سيتجاهل التطور والتقدم التي يعيشها هناك ليأتي ويعيش تقاليد ما قبل التاريخ !
في اليوم التالي ذهبت الى الكلية وكان (!) حبيبي بانتظاري, بعد أن ابلغته هاتفياً بضرورة اللقاء وحديثه بما حصل, وما عرفته من والدي اصابه الذهول وهو يستمع لمِا جرى,
وحينما اكملت ما عندي,
أقسم ووعدني بأن لا يتخلى عني, بل سيكافح ويجاهد في سبيل اقناع والدي…
لقد اصطحب حبيبي وجهاء العشيرة واشرافها ولكن والدي رفض ذلك بحجة أنني مخطوبة لابن عمي.
لم يفقد الأمل, كان يضرب لي الأمثال بصبر العشاق وعدم فقدهم الأمل عرف والدي منْ هو (حبيبي) لذا منعني من الذهاب الى الكلية كي لا التقي به, وذهبت توسلاتي ادراج الريح…. وهكذا أصبحت سجينة جدران البيت فكرت بأشياء كثيرة قد تغضب الله,
وتسبب العار لأهلي…. لذا هدأت واتصلت بابن عمي (الخطيب الغائب) وقصصت له كل شيء, بل وطلبت مساعدته, بعد صمت أجابني….
هذه عادات وتقاليد علينا أن نحترمها, فصرخت به….. و أين كنت طوال هذه السنوات لم تفكر يوماً بالاتصال بي, ثم لماذا تزوجت, وانجبت, اسست لك حياة مستقرة, لماذا اذن تفكر بزوجة ثانية لا تريدك,.
أخترت أنت ! و أنا أخترتُ ايضاً
لم اعرف وقتها أن والدي يستمع مكالمتي مع ابن عمي دفع باب غرفتي ودخل ليسحبني من يدي وينزل بي الى غرفة أمي بعد أن تجمع أخوتي يتوسلون به أن يتركني ولكنه أخرجهم وأغلق الباب
صعب النقاش وتعالت الأصوات بيننا, اعترفت بحبي لهذا الخطيب الغريب فما كان منه الا وأخرج مسدساً من بين ملابسه وأراد تصويبه نحوي وهو يردد أقتلك واخلص منك قبل أن تجلبي لي العار حالت أمي بيني وبينه لتصدر رصاصه منه وتستقر بقلب أمي التي وقعت ارضاً فوراً, ليكسر أخوتي الباب بعد سماعهم صوت الرصاصة, وبدأ صراخهم حينما شاهدوا أمنا تسبح بدمائها, نقلوها الى المستشفى لتلفظ انفاسها الأخيرة هناك!!
وصرختُ بأعلى صوتي….
ماذا جنيت يا والدي… هل العادات والتقاليد البالية ستعيد أمي؟
وعذاب الضمير, اين سيكون منك!
آه… هل سيبعث أبن أخيك رسالة تعزية, وهذا ما أريده أن يحصل… لتحصد خساراتك العديدة.