تركت بعض قلبي في بغداد

764

كتابة:آية منصور – تصوير:كرم الاعسم /

لم تكن باليد حيلة، لكنها الحياة تسحبنا نحو اتجاهات تريدها هي. اضطر أيمن إلى ترك العراق وهو بعمر الثانية عشرة، وهجر منطقته التي يحبها، الأعظمية، لكنها بقيت تلازمه في رحلته الجديدة مع روائح الماضي وأصوات الذكريات التي لا تنتهي. يقول لي، وهو يسير بين أزقة بغدادية تشبه حضن الأم، إنه لم يتوقع يوماً العودة إلى العراق، كان ذلك بمثابة حلم يراوده بشكل مستمر، وكلما أراد حجز تذكرة، تبدأ المخاوف تقترب.
حاجز الابتعاد عن البلد استمر لأكثر من ١٥ عاماً، استطاع فيها أيمن أن يؤسس اسماً له في عالم الهندسة المعمارية، لكنه لم ينس شكل الطابوق العراقي، والمطبخ الدافئ بتصميمه البغدادي. يقول، وهو يدون بكاميرا هاتفه كل تفصيله تصادفه من المدينة:
-لم أصدق أنني هنا، أشعر وكأني في حلم من أحلامي التي كانت تراودني منذ سنوات طوال، كنت أخاف العودة، لكن هذا الحاجز انكسر، أشعر وكأني أبلغ من العمر عشر سنوات، أحب الوطن، حيث لا حرب أو هجرة أو رحيل.
يبتسم أيمن لكل وجه يصادفه، يحاول حفظ أكبر عدد ممكن من الوجوه، ويبحث عن المطاعم الشعبية بشوق كبير، يستمر بانبهاره وهو يتحسس جدران المنازل والمدرسة المستنصرية، يمسك بحضارة عمرها قرون طويلة ويعدها بالعودة، يؤكد: -سأترك جزءاً من قلبي هنا، لأعود، بالطبع، سوف أعود.