ثلوج في البصرة وإعصار يضرب الكحلاء.. انتظروا المزيد من مفاجآت الطقس
بشير الأعرجي/
لم تمر على العراق تحولات في الطقس وظواهر فلكية كما مرت خلال الأشهر القليلة الماضية، فمَن كان يتوقع أن يستيقظ أبناء البصرة، والثلج يغطي شوارع مدينتهم، او يضرب إعصار ضخم قضاء الكحلاء بمحافظة ميسان، في مشهد كانوا يرتعبون من متابعته ببرنامج وثائقي تلفزيوني. كل هذا حدث بانتظار المزيد من الظواهر والتقلبات «الفجائية» في الطقس دون القدرة على إيقافها او توقعها.
توقعات لثلاثة أيام فقط
خبير الأرصاد الجوية صادق عطية تحدث لـ»الشبكة العراقية» عن الظروف التي ترافق «الطقس المتطرف» للعراق، وأسباب هذه التغيرات خلال الأشهر الماضية، وقال: «الطقس في شتاء هذا العام متذبذب جداً، على عكس الأعوام السابقة، وتجبرنا الظروف المتغيرة على أن لا نتوقع لأكثر من ثلاثة أيام، لأن المنظومات الضغطية تتغير بالساعات».
وأضاف «حالات الطقس في العراق شبه ثابتة، لكن لكل منطقة ظروفها الخاصة، وبلدنا لا يختلف عن باقي دول العالم بما يخص التطرفات الجوية، لكن الغريب هو ما جرى في البصرة والكحلاء».
ماذا حدث؟
في بداية شهر شباط، لم تكن البصرة على موعد مع انقطاع التيار الكهربائي او هطول أمطار ملوّثة بدخان حقول النفط، إنما ضربت موعداً سجّله تاريخ البصريين كأول حالة هطول ثلج على مناطق متفرقة من المحافظة التي تعتبر الأكثر حرارة في العالم.
تساقط الثلوج لم يستمر إلا دقائق، ولم يتوقع أي عراقي أن تتشح هذه المدينة ببياض الثلج، ولو ظهر الخبر في النشرات الجوية على القنوات الفضائية، لاتهم الجمهور معدّ النشرة بالجنون، لكن الثلج هطل، واستنسخ حادثة غريبة حدثت قبل أشهر في محافظة ميسان.
في قضاء الكحلاء بمحافظة ميسان، شاهد أبناء هذه المدينة إعصاراً لم يروه طوال حياتهم، وصنّف على أنه من النوع «القمعي»، وتجول الإعصار في الشوارع وبين منازل ومباني القضاء، وضرب خطوط نقل الكهرباء الرئيسة فطرحها أرضاً، وتوجّه نحو البيوت والساحات وضرب «كرفاناً» للشرطة، فاقتلعه من مكانه وترك مَن فيه جرحى وسط ذهول من قوة «سويرة الهوة» كما يسميها أبناء الجنوب والوسط، في حادثة هي الأولى على مستوى العراق.
يومان عجيبان
نهاية شهر تشرين الثاني الماضي شهدت حادثة غريبة في تقلّب درجات الحرارة ببغداد، واستمرت ليومين، حيث انخفضت درجات الحرارة 17 درجة مئوية في غضون 48 ساعة، ووضعت مسؤولي الأنواء الجوية في العراق في حيرة من أمرهم.
رئيس منبئين جويين أقدم في الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي محمود عبد اللطيف تذكر هذه الحادثة خلال حديثه لـ» الشبكة العراقية»، وعن أسباب التطرف في طقس البلاد قال: «في يوم 29 تشرين الثاني الماضي كانت درجات الحرارة في بغداد 16 مئوية، لكنها انخفضت بشكل حاد لتصل يوم 1 كانون الاول الى 1 تحت الصفر، أي أنها انخفضت بمقدار 17 درجة في غضون 48 ساعة، وهو رقم مجنون، لم نعرف له مثيلاً «.
وأشار إلى أن «تطرّف المناخ في العراق يعود لسببين: الأول يتعلق بانخفاض النشاط الشمسي، والثاني هو تذبذب الكتل الهوائية شمال الأطلسي، ولهذه الأسباب فأنا أجزم بصعوبة او استحالة التنبؤ بأحوال الطقس لمدة طويلة كما في السابق».
خرافات
قبل أيام ظهر القمر مكتملاً، لكن لونه تغيّر الى «ثلجي»، وقبله بأيام كان قمراً «دموياً» يميل لونه الى الأحمر، إضافة الى تغير حجمه فيما بعد الى «العملاق»، وشاهده العراقيون من دون ان يعلموا سبب هذه التغيرات في حجم ولون القمر.
«نجم سهيل» هو الآخر كان مثار اهتمام العراقيين بعد ظهوره نهاية شهر آب من كل عام، حيث يربطونه بظواهر جوية وخرافات تتعلق بالتشاؤم، وفي بعض الأحيان بانتشار أنواع من الأمراض، لكن هذا النجم بريء من الاتهامات التي سيقت بحقه.
خبير الأرصاد الجوية صادق عطية قال «لا علاقة للنجوم أو الشمس بالظواهر التي تمر على العراق، وخصوصاً نجم سهيل الذي يبعد عن الأرض ملايين الكيلومترات، انها محض خرافات تداولها أهلنا منذ عقود».
وأضاف: «بعض خبراء الفلك في العالم أصدروا تقارير تخوفوا فيها من قدوم عصور جليدية الى الأرض، واعتمدوا في تقاريرهم تلك على اختفاء الثقوب الشمسية، لكن نحن نؤكد ان تغير المناخ لا علاقة له بالشمس، انما بدرجة ميلان الأرض».
البصرة في فوهة التنور العالمي
الصيف الماضي، ارتفعت درجة الحرارة في العراق الى معدلات غير مسبوقة، بحسب ما ذكره صادق عطية، وقال «البصرة كانت لها حصة الأسد من تصدر المدن الأكثر حرارة، واختصت بتأثير ما سمي بـ(فوهة التنور العالمي) حين وصلت درجات الحرارة فيها الى 54 مئوية لنحو شهر، وهي مدة تحدث لأول مرة في البلاد، حيث كانت في السابق لا تتجاوز اليومين بنهاية شهر تموز».
ما السبب؟
غالبا ما تصدر هيئة الأنواء الجوية توقعاتها للطقس خلال أسبوع، ترصد فيها درجات الحرارة العظمى والصغرى والأجواء من حيث هطول الأمطار او ظهور قطع الغيوم والجو الصحو، ودائما ما تكون التوقعات مطابقة بنسب كبيرة للغاية، غير أنها اليوم تغيرت بشكل لافت وجعلت الخبير المعتمد من قبل الأمم المتحدة يتحدث عن توقعات لثلاثة أيام فقط لا أكثر، فما السبب؟
الخبير عطية تحدث عن أهم الأسباب التي دعت الى هذا التطرف في المناخ، فقال: «التلوث في البلاد والاعتداء على البيئة وغياب المساحات الزراعية وتأثر الجهة الشمالية الغربية من البصرة بالمساحات الجرداء، هذه الاعتداءات السافرة على الطبيعة غيّرت المناخ وزادت من تقلباته غير المتوقعة».
لكن، هل من غير المتوقع أيضا أن يستمر تساقط الثلوج في البصرة كل شتاء، أو أن تضرب الأعاصير مناطق لم تشهد طوال تاريخها إلا زخات المطر وعواصف الأتربة؟
عطية تحدث من جديد عما تنتظره مدن العراق من ظواهر جوية غريبة، وقال «كل شيء متوقع، لننتظر المزيد من مفاجآت الطقس».