جرعة حب ترفع المناعة

941

#خليك_بالبيت

أنسام الشالجي /

لم يكن محمد كريم، مساعد المختبر في مستشفى الموانئ في البصرة، وهو يمرّ بالمصابين بكورونا لأخذ عينات للتحليل يفكّر أن يصبح نجما تتسابق الفضائيات إلى لقائه وأن يتشارك الآلاف من العراقيين نشر أخباره وفيديوهاته في صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي..
نجم إنساني
مع أول فيديو له تم نشره على الفيسبوك وهو يغني (سلامات) لمصاب وهو يسحب منه عيّنة من دمه، كانت آثار الاطمئنان النفسي واضحة على وجه المصاب ويشكره بالكلمات وبوضع يده فوق رأسه وبدأ الجميع يسأل عمن يكون صاحب الصوت الشجي الذي بخضم عمله كفرد من أبطال جيشنا الأبيض لم ينس أن الحب أفضل علاج لأي مرض.. وأصبح نجما إنسانيا حقيقيا بعد نشر فيديو له وهو يغنّي لسيدة كبيرة في العمر (يا أمي يا أم الوفا) وبعد أول لقاء له مع الفضائيات عرفنا اسمه ومكان عمله.
جرعة أمل
يؤكد محمد كريم أن الحب قادر على كل شيء وأنّه حين كان يغني لتلك السيدة المصابة شعر وكأنّه يغني لأمه الراحلة ويضيف أن مخافة العدوى جعلت المصاب يبقى لوحده في المستشفى ويزداد قلقا مما جعله يكون قريبا من المصابين وأن يشعرهم بأنّه ابنهم أو أخوهم ويعبّر عن هذا القرب والحب بالغناء.. ويسمّي الأغاني التي يغنيها للمصابين (جرعة) ويقول: “جرعة أمل بجرعة أغنية ترفع مناعة المصاب وتعادل جرعات أدوية حقيقية”…
قصص مؤلمة
أصبحنا نؤمن جميعا أن الخوف الذي تسببت به الجائحة في بداياتها جعل أفراد العائلة يتخلون عن الذي أصيب بكورونا وتركوه في المستشفى لوحده وربما قرأنا جميعا قصة ذلك الاب الفرنسي الذي خابر طبيبه المعالج أفراد عائلته ليأتوا لتوديعه، مؤكدا أنّه سيضمن لهم عدم الإصابة لكنّهم رفضوا وتسبب حزنه بانهيار مناعته وتوفي فور أن أبلغه الطبيب برفض عائلته رؤيته وقرأنا قصة تلك الأم المصرية التي رفض أبناؤها حتى الصلاة عليها وأصبحت فقرة في نشرات الاخبار وليس فقط منشورا على مواقع التواصل الاجتماعي.
(حنية) العراقي
كان الخوف من العدوى سببا في أن تأخذ إدارات المستشفيات في العراق وخارجه قرارا بعدم مصاحبة المصاب أو زيارته..ولكن العراقي المعروف بـ (حنيته) جعلنا نشاهد من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ابنا من السماوة رافق والده الشيخ والعاجز في المستشفى وكان سببا في تغلبه على خوفه وقلقه. وشخصيا، أعرف شابة رافقت والدتها وأكدت أن اهتمام الكادر الطبي لم يكن قاصرا، لكن وجودها قربها جعلت مناعتها ترتفع وتقاوم كما أكد لها الطبيب.. وهناك الابن الشاب الذي كان يزور والدته طوال إقامتها في المستشفى..
كلمة تكفي
قطعا لا نريد من خلال هذه الامثلة أن نشجع على مصاحبة المريض لأن الإصابة بالعدوى حقيقية من جهة ومن جهة أخرى فإن هذه المصاحبة ستسبب في إرباك عمل الكوادر الطبية فضلا عن تسببها في زحام في المستشفيات التي من المفترض أنّها للمصابين فقط، إنما نحاول أن نقول إن الحب يصنع المعجزات وهناك أساليب عديدة للتعبير عنه، مكالمة تلفونية ودعاء وتأكيد للمصابين بأننا قريبون منهم لو كانوا بحاجة لأي شيء وأحيانا كلمة طيبة واحدة تكفي.
صور حب
ولنتذكر كيف تمكن أفراد جيشنا الابيض من التعبير عن حبهم من خلال منشورات وفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، ففي مستشفى الحسين في كربلاء المقدسة، شاهدنا الممرض الذي يغني مع المصابين الصغار ويلعب معهم، وأطباء وطبيبات يغنون للمصابين في باحة مدينة الطب والمصابين يلوحون لهم من النوافذ ورأينا طبيبين شابين من كركوك التحقا بالعمل فور تعافيهما من كورونا وتبرعا بالبلازما للمصابين والأمثلة كثيرة في جميع المحافظات العراقية.
طاقة الحب
منذ أن بدأنا في سلسلة (أسلوب حياة) في ٢٠١٥ ونحن نؤكد تصالح الشخص مع نفسه بخطوة تمنحه طاقة إيجابية كبيرة يستطيع من خلالها أن يؤثر في الآخرين ويدفعهم إلى مواجهة إيجابية مع أي عارض حياتي؛ إن كان اجتماعيا أو وظيفيا أو صحيا..
قطعا لا نريد أن نكرر ما سبق وأن نشرناه إنما نذكركم بأن الحب يبدأ أن يحب الشخص نفسه، حبا سويا وليس أنانيا وأن يتمنى للآخرين ما يتمناه لنفسه ولنضع الحديث الشريف “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” دائما دستورا لحياتنا وتعاملنا مع الآخرين. ولو نلتفت حولنا سنجد أن كل أمر حقيقي في حياتنا حب، الايمان والارادة والاصرار، كلها طاقة حب إيجابية، ولنتذكر أن القلق معدٍ ويؤدي إلى الاصابة وأن الخوف معدٍ أيضا وقد يؤدي إلى الموت (لا سمح الله) وأن الحب معدٍ أيضا ويؤدي إلى رفع المناعة ليس من كورونا فقط، إنما من أمراض أخرى ومن المشاكل أيضا.

النسخة الألكترونية من العدد 363

“أون لآين -6-”