جميل حمودي:شتمت الاستعمار الفرنسي وأنا أعيش في باريس!

559

عبد الجبار خلف/

أحاطني الفنان التشكيلي الكبير جميل حمودي (بغداد 1924 – 2003) بألوان من الحنين عبر حديثه وهو يستل لي يوماً من أيام عمره لن ينساه، كان ذلك يوم 22 آذار 1962 ، وقد كان يحمل ذكرى غريبة.

استذكر الفنان جميل حمودي تفاصيل ذلك اليوم قائلاً: في أواخر عام 1961 كنت مشتركاً في مؤتمر عن ثقافة البحر الأبيض المتوسط في إيطاليا كمندوب عن العراق، وكنت حينها مقيماً في باريس، وفي المؤتمر ألقيت محاضرة عن أثر العراق الثقافي في ثقافة حوض البحر المتوسط، وبيّنت ذلك عبر الآثار الرافدينية القديمة والأساطير في حضارات اليونان والرومان ودول آسيا والبحر المتوسط، ولما أكملت المحاضرة رحت أتطرق الى الحالة التي يعيشها العرب، وقد كانت حرب الجزائر قائمة ضد الاستعمار الفرنسي، فتطرقت الى ذلك وشتمت الاستعمار بشكل صريح وأنا لم أنس أنني أعيش في فرنسا.

وأضاف: وعندما عدت الى باريس سرعان ما تلقيت سيولاً من التهديدات بالقتل لي ولعائلتي من قبل الفاشيست وأنصار الاستعمار، وحوصرت بهذه التهديدات التي شعرت أنها تهدد حياتنا فعلاً، فقررت مغادرة باريس بأي شكل من الأشكال.

وتوقف الفنان حمودي عن الكلام، كأن الحيرة تلفّ صوته، ثم قال: ولكن كيف سأغادر باريس مع عائلتي وأنا محاط بكل تلك التهديدات الصريحة بالقتل؟ كنت أشعر بصعوبة التخلص من التهديدات ومن أصحابها الذين اعتقدت أنهم يتربصون بنا، وبصعوبة فائقة غادرنا باريس ووصلنا الى بيروت، ومن بيروت جئنا الى بغداد، وكان يوم وصولنا الى بغداد هو يوم 22 آذار عام 1962، وصلنا بالطائرة وعندما نزلت منها في مطار بغداد انحنيت على الأرض وقبّلتها، وقد انتابتني حالة لا يمكن وصفها، وكانت فرحتي كبيرة جداً حيث اللقاء بالأهل بعد غياب عشرين سنة.

وختم بالقول: كان هذا اليوم بالنسبة لي عيداً، وهو من الأيام المهمة في حياتي لن أنساه أبدا.