حذارِ من اليأس الفشلُ خطوةٌ نحو النجاح
أنسام الشالجي /
يقول سبحانه في كتابه الكريم: (فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسرا)، ويقول المصطفى (ص) في حديث شريف: (لو جاء العسر حتى يدخل هذا الجحر لجاء اليسر حتى يخرجه).
العسر قد يكون فشلاً او يأساً وربما إحباطاً، هناك من يستسلم ويصف نفسه فاشلاً او يائساً ويؤثر شعوره هذا على كل من حوله وإما أن يستمر منعزلاً وخاملاً وخائفاً او أن يحول أي مكان يكون فيه الى جحيم من الصراخ والنقاش غير المجدي مع أسرته وأصدقائه وزملاء موقع عمله. أي أنه -بكلمات أخرى- يتحول الى طاقة سلبية وشخص غير مطاق.. أما اليسر فهو الإصرار على تجاوز ما واجهناه والتسلح بالأمل، وبالنتيجة سنتمكن من تحويل اليأس او الفشل الى طاقة إيجابية..
خطوة النجاح
في ورش العمل التي أنظمها للطاقة الإيجابية، طالبت إحدى المتدربات بالسماح لمجيء صديقتها للاستماع الى مشكلتها ومحاولة إيجاد حل لها، وجاءت (أم وسن)، سيدة أربعينية بوجه لا يعرف الابتسامة، ولم يتمكن الماكياج من تغطية تعابير الحزن والإحباط، وملابس بألوان قاتمة. مشكلتها بدأت مع رسوب ابنتها الوحيدة في الامتحانات الوزارية لسنتين وتركها للدراسة واتهام زوجها لها بأنها أم فاشلة بسبب تدليلها الزائد للابنة بينما كان الزوج يحث ابنته على الدراسة ويساعدها كثيراً للتقديم الى امتحان خارجي، وبالفعل، اجتهدت وسن بدعمه واجتازت الامتحانات الوزارية بمعدل أهلها للدراسة في كلية العلوم. أقنعت (أم وسن) نفسها بأنها فاشلة وعزلت نفسها عن زوجها وابنتها وأصبحت تنظف البيت وتهيئ الغداء وتذهب الى غرفتها، وإن حاول الزوج او الابنة او حتى والدتها إخراجها مما هي فيه، تبدأ إما بالبكاء او الصراخ، وفي النهاية بقيت وحيدة، تخاف الآخرين مخافة فشل آخر..
كان الحل في إقناعها بأن الفشل الذي اعترفت به وكاد أن يؤدي الى فشل ابنتها الدائم هو نفسه خطوة مهمة نحو النجاح، وكان عليها أن تراقب ابنتها التي بدأت من فشلها وصولاً الى نجاح باهر. ولأن هناك دائماً متسعاً من الوقت للبدء من جديد، وكان حديثها الصريح أول محاولات التغلب على نفسها، وكان الحل أن تغيّر ألوان ملابسها إلى ألوان تمنحها البهجة وبعض الراحة النفسية ما يغير تعابير وجهها وأن تغادرعزلتها وتفرح لنجاح ابنتها وأن تشكر زوجها الذي تحمل تصرفاتها ولم يلجأ الى امرأة اخرى. وخلال شهرين فقط، تغيرت أم وسن واعتذرت من ابنتها وزوجها عن كل ما تسببت لهما من متاعب يومية. الآن، وبعد أن استعادت ثقتها بنفسها وأصبحت طاقتها الإيجابية تنشر الراحة في بيتها، قررت أن تعود الى هوايتها في ابتكار الطبخات وبدأت تنشر صور أطباقها على صفحتها على الفيسبوك كخطوة اولى لتبدأ في البيع..
طاقة اليأس
كان (أحمد) قد قرر أن يكون طياراً، لكنه فشل في الاختبارات الجسدية، حاول زميله الذي اجتاز الاختبارات أن يدفعه الى اليأس لكنه قاوم الشعور باليأس و إن بدا محبطاً، وقرر ان يدرس الإرشاد الجوي.
يقول مبتسما: “أصبحت طياراً أرضياً”، وفعلاً، فإن الطيار، مهما كان محترفاً، لا يستطيع أن ينهي مهمته دون وجود مرشدين في المطارات والقواعد ومواقع الرادارات، ويضيف: “حتى الزِّي الرسمي للمرشد لا يختلف عن زي الطيار الا ببعض الإضافات او العلامات إن كان مدنياً او عسكرياً”.. و أكد أحمد أن ليس زميله فقط، بل حتى المقربون منه وتحت عنوان التعاطف معه، كادوا أن يدفعوه الى اليأس، لكنه اعتبر هذا (اليأس) طاقة للبداية، وفعلاً كانت طاقة هائلة اعتبرتها إيجابية وأصبحت كذلك.
آينشتاين
بسبب أزمة مالية واجهت والده، هاجرت عائلته الى إيطاليا وأرغم على البحث عن عمل ليعين والديه وشقيقته ونفسه، كاد يأس والده أن يعديه، لكنه في المقابل اعتبر اليأس خطوة انطلاق وبدأ يبحث عن منحة جامعية حصل عليها في زيوريخ- سويسرا التي واجه فيها الكثير، سواء مادياً او علمياً لفشله في درسي الكيمياء والأحياء ورسوبه في اللغة الفرنسية، هذه المرة كان الفشل خطوته لتكريس نبوغه في الرياضيات والفيزياء، ليصبح أهم عالم على مر التاريخ.. إنه آينشتاين.
حذارِ من اليأس
كان هناك برنامج رائع في إذاعة (جمهورية العراق من بغداد) اسمه (حذار من اليأس) وكان يمنح الحلول لقضايا عويصة، كان مصدراً للطاقة الإيجابية، لم يساعد صاحب، او صاحبة الرسالة- القضية، انما حتى المستمعون والمستمعات .. مهما تغيرت الظروف وتطورت الحياة، فإن متاعبها تبقى وأن الحاجة لبرنامج مثله ضروري وبالاسم نفسه، فكلمة (حذار) لوحدها تشكل الخطوة الأولى للنجاح.