حيدر شكور: سلاحي الصبر والتأني والخبرة

1٬019

محسن ابراهيم/

جنود بمعنى الكلمة يسّطرون بحروف من نور البطولات والأمجاد التي قام بها أبطال قواتنا الأمنية، وقد لمعت العديد من أسماء المراسلين الحربيين، حيث لعبوا دوراً بارزاً في تقوية الروح المعنوية للجنود والمشاهدين بفضل نجاحهم الباهر في رسم صورة حية لكل ما يجرى على أرض المعركة, سلاحهم الكاميرا والمايك وملابس تعـرّفهم بأنهم مراسلون.

«الشبكة» التقت، لا على التعيين، مع مراسلين لقناة العراقية هما حيدر شكور وحيدر نصيف فكان هذا الحوار:
في البداية حدثنا المراسل حيدر شكور عن تجربته قائلاً:

في عام 2013 وعند استشهاد محمد الكروي تم الاتفاق مع وزارة الدفاع لتغطية المعارك, تغطيتي الأولى كانت من الرمادي وكانت سرادق الاعتصام مازالت منصوبة والوضع ينذر بسقوط المحافظة, مرت 7 أيام وأنا لم أغط شيئاً, حتى التقيت بقوة مكافحة الإرهاب، وحينها كانوا متجهين لتأدية احد الواجبات، وكان لقائي الأول مع الفريق عبد الوهاب الساعدي وكان وقتها يحمل رتبة لواء ركن، وكانت تغطيتي الأولى بالقبض على ستة قادة من تنظيم داعش في جزيرة الخالدية, بثت العملية ونالت استحسان المتابعين ومنذ ذلك الحين وأنا أرافق جهاز مكافحة الإرهاب وأقوم بتغطية العمليات العسكرية.

وعن أهم مايتسلح به المراسل الحربي أضاف:

السلاح الأهم للمراسل الحربي هو الصبر والتأني والخبرة وقراءته للساحة, عند وضع الخطة لاقتحام أية منطقة لابد لي من التواجد لمعرفة جغرافية المكان ومحاور الدخول ومكان العدو ونقاط القوة والضعف, كل هذه الأشياء تجعلني مهنياً في تغطيتي للمعركة, ولي الفخر أني صورت أول سيارة مفخخة وأول انزال جوي في مصفى بيجي, جرحت أكثر من مرة وعدت الى العمل متحدياً كل المصاعب.

تجربة المراسل الحربي في العراق تجربة حديثة العهد عن رأيه بهذه التجربة أضاف:

تجربة المراسل الحربي في العراق أو في قناة العراقية بالتحديد تشعرني بالفخر أني كنت أحد الأسباب إن لم أكن أهمها في نجاح التجربة, وعلى كثرة المؤسسات الإعلامية في العراق لم يتجرأ أحد على تغطية المعارك, الحمد لله أنا من كنت أغذي أغلب وكالات العالم بالصورة الحقيقية للمعركة ولي الفخر أني كنت المصدر للكثير من وكالات الأنباء العالمية.

وعن تأثره بالمواقف التي يصادفها أثناء عمله قال:

بالطبع أتأثر بما أراه حين يستشهد أحد المقاتلين الذين رافقتهم لمدة طويلة. وأتأثر لرؤية النازحين ومعاناتهم, لكن في الوقت ذاته أنا إعلامي وعليّ أن أكون محايداً لا لأنقل مشاعري إنما أنقل الحقيقة المجردة من كل شيء.
المراسل عين لما لايراه الآخرون.

في كثير من الأحيان حين ألتقي بالعوائل يرشدوني الى أشخاص كانوا ضمن تنظيم داعش ويشخصوهم بالاسماء وفي هذه الحالة كنت مصدر معلومات للقوات الأمنية, وأغلب العوائل كانت تخربني أني كنت العين التي تنقل لهم ما لا يعلمون به

المراسل حيدر نصيف كانت له تجربة طيبة ومثمرة حدثنا عنها قائلاً:

تجربتي كمراسل حربي هي من أعظم التجارب التي خضتها في حياتي، وكانت في طياتها الكثير من القصص الرائعة وثقتها مع أبطال العراق من جيش وجهاز مكافحة الإرهاب والحشد الشعبي. ومنذ ما قبل الفتوة المباركة ولهذه اللحظة عملت مراسلاً حربياً في كثير من القنوات الفضائية، وكنت أغطي جميع عمليات قواتنا الأمنية, بعد صدور فتوى المرجعية باشرنا بنقل وتوثيق المعارك, بدءاً من سامراء ومروراً بتكريت والعوجة وبيجي وصولاً الى الموصل, كانت تجربة رائعة جداً خضت فيها معركة نقل الحقيقة الى المشاهد.

وعن أكثر المحاور أهمية في عمله تحدث..

معركة الرمادي كانت من أصعب وأشرس المعارك وخصوصاً في منطقة الملعب, هذه المعركة كانت شرسة في كل تفاصيلها, لكن أبطال قواتنا المسلحة كانوا أشرس من جرذان داعش، وتم قتل الكثير من العناصر الإرهابية, المعركة الأخرى هي معركة الموصل القديمة والكل يعلم أن المنطقة القديمة تمتاز بالأزقة الضيقة, لذلك كان القتال فيها عنيفاً وينتقل من دار الى دار ومن شارع الى شارع، هذه المعارك كانت من أشرس وأعنف ما غطيته في عملي.
هل كان إعلامنا الوطني بمستوى التحدي سألناه فأجاب:

بالتأكيد استطعنا بإمكانياتنا المحدودة التي لاتوازي الإعلام الغربي الذي يساند داعش إعلامياً في كثير من الأحيان, وهو إعلام دولي تخصص في توثيق وتشويه الحقائق ونشر مايفعله داعش وتصديره على أنه انتصار برغم هزائمه المعلنة للجميع, لكننا بإمكانياتنا المحدودة استطعنا أن نوصل الحقيقة بتفاصيلها كافة.

هناك كثير من المواقف التي تصادف المراسل الحربي وتترك أثراً في نفس المراسل عن هذه المواقف قال:

عند عودتنا من معركة الموصل القديمة باتجاه مقر اقامتنا في الخطوط الخلفية صادفتني امرأة قد أغمي عليها من شدة الاعياء والتعب وأطفالها يتصارخون فيما حولها, أوقفت العربة التي كانت تقلنا ونزلت إليها مسرعاً, وجدتها قد فقدت الوعي, نقلتها الى مقر الطبابة وبعدها الى المستشفى العسكري, الحمد لله استعادت وضعها الطبيعي فيما بعد, هذا مشهد من مشاهد عدة تصادفنا يومياً.

مالم تنقله الكاميرا ويحتفظ به المراسل أضاف

مالم تنقله الكاميرا لشيء مخيف.. فليس كل ما يصور ينقل، هناك حوادث مخيفة في تفاصيلها قد تشعر المشاهدين بالالم, أذكر أحد المواقف ولأول مرة أتحدث به في معركة حي الصحة في الموصل كنت أرافق جهاز مكافحة الإرهاب واشتبكنا مع العدو, ظهر داعشي من على أحد أسطح المنازل واطلق قذيفة آر بي جي وأدت الى استشهاد أحد أفراد مكافحة جهاز الإرهاب. وثقت المشهد بكاميرا موبايلي الخاص وطلب كثيرون مني هذا المشهد، لكني رفضت لما يحمل من موقف مؤلم.