خان الربع.. محطة تراثية لاستراحة الزائرين

792

عامر جليل إبراهيم – تصوير: حسين طالب

خان النخيلة، أو خان الربع، هو أحد أبرز الخانات الأثرية في العراق، وأحد المعالم التاريخية لمدينة كربلاء. يبعد عن مركز المدينة بنحو 18 كم، ويقع على طريق النجف ـ كربلاء. يعود تاريخ بنائه إلى العهد العثماني، ويسمى بخان الربع لأنه يتوسط ربع المسافة بين محافظة كربلاء المقدسة ومحافظة النجف الأشرف، كان يستخدم لراحة المسافرين القادمين إلى كربلاء، حيث مرقدي الإمامين الحسين والعباس (عليهما السلام).
“مجلة الشبكة العراقية”، وفي رحلاتها المستمرة للتعريف بالمناطق الأثرية، التقت منقب الآثار في مفتشية آثار كربلاء، السيد زاهد محمد التميمي، ليحدثنا عن تفاصيل هذا الخان.
يقول التميمي: يقع خان الربع ضمن قضاء الهندية ناحية الجدول الغربي، الى الجنوب الشرقي من محافظة كربلاء المقدسة بمسافة (18) كم ويبعد عن الشارع الرئيس لطريق كربلاء ـ نجف بمسافة (226) متراً.
أصل التسمية
ويؤكد التميمي: أن تسميته بخان الربع لكونه يقع في ربع المسافة بين محافظتي كربلاء ـ النجف، كذلك سمي بخان النخيلة لأنه يقع ضمن منطقة زراعية تمتاز بكثرة النخيل.
يستمر التميمي بالقول: أنشئ الخان أيام العهد العثماني، تحديداً في زمن والي بغداد العثماني سليمان باشا الكبير عام 1793م، وقد أمر بإنشاء الخان السيد محمد سعيد آل شمسة على نفقته الخاصة، وقد بني باستخدام الطابوق الفرشي بقياسات مختلفة، والجص هو المادة الرابطة، مع إضافة مادة النورة إلى الجص لزيادة تماسكه وصلابته.
يتابع التميمي بالقول: أعيد بناء الخان عام 1897م، حين تعرض لسقوط أجزاء كبيرة منه بسبب تقادم الزمن، ونتيجة اتخاذ الخان مخزناً للأسلحة عام 1991م من قبل النظام السابق والفترة التي أعقبت ذلك، ثم قيام القوات البولونية عام 2003م بتفجير أدى الى سقوط أغلب أواوين الخان، لذا قامت الهيئة العامة للآثار والتراث بأعمال الصيانة، لمواسم عدة، وانتهت الصيانة بشكل كامل عام 2013م.
يضيف التميمي: جرى بناء عدد من الخانات الممتدة من البصرة الى بلاد الشام، لتكون محطات استراحة للوافدين الى العتبات المقدسة والمسافرين المتجهين الى بلاد الشام، القادمين من الجزيرة العربية، وكانت تتوزع بينها بمسافة 20كم، أي مسار نهار كامل.
تفاصيل الخان
يروي التميمي تفاصل الخان فيقول: يشكل الخان مربعاً أضلاعه (86,20× 85,80) م مدعمة من الخارج بأبراج ركنية نصف دائرية، نصف قطر كل منها 1متر عند القعر، تستدق في الأعلى لتصل الى 50سم، وتنتصف أضلاعه الثلاثة الشمالية والجنوبية والغربية بثلاثة أبراج كبيرة نصف دائرية يبلغ نصف قطر كل منها 3,40م، ويدعم جدران الخان عدد من الدعائم المستطيلة التي تبرز عن الجدران 10سم وعرضها 1,20م وارتفاعها 2م، الغرض منها تقوية الجدران التي في وسط كل إيوان من الأواوين الملاصقة لها، ولهذا الخان مدخل فخم يقع في منتصف الضلع الشرقي، يعلوه عقد مدبب مرتفع، وتحيط بالمدخل من الخارج حنايا عرض كل منها 1,60م وتزين العقد الكبير زخرفة حصيرية عملت بواسطة التلاعب بطريقة رصف الآجر، وخلف المدخل الأول مدخل آخر أقل ارتفاعاً يعلوه عقد منبسط يؤدي الى ساحة مربعة الشكل تعلوها قبة كبيرة نصف كروية، وعلى جانبي الساحة رواقان داخليان يدوران حول صحن الخان من جهاته الشمالية والجنوبية والشرقية.
أما المدخل الرئيس من الجهة الشرقية فيؤدي الى صحن مكشوف أبعاده (58,75×68,5) م تطل عليه من جميع الجهات 45 إيواناً معظمها بأبعاد (10,10×2,5) م عدا الأواوين الوسطية وأبعادها (4,30×2,5) م تعلوها فتحات، وهذه الأواوين عقود مدببة ارتفاعها 4,30م، والأواوين الوسطية الكبيرة 5,30م وتوجد في صحن الخان بئر بالقرب من الواجهة الشرقية المطلة على الصحن، وتعلو البئر قبة دائرية الشكل، كما يحتوي الخان على دكتين للصلاة ترتفع كل واحدة منهما عن الأرض 1م, وتبلغ المساحة الإجمالية للموقع، مع المحرمات المسيجة بسياج BRC مساحة 48,19 دونم، كما توجد أبنية في الخان جرى الكشف عن أسسها في السنوات السابقة بالجهة الشرقية المواجهة للمدخل الرئيس للخان، يعتقد أنها أبنية ملحقة بالخان، وكذلك يوجد مرتفع في الجهة الجنوبية لم يتم التحري عنه.
عمارة إسلامية
أما عن الرواق الداخلي فيقول التميمي: عرضه 4,5م وطوله 68,5م ينصفه المدخل الرئيس، وكذلك تؤدي إليه مداخل ركنية من الصحن والرواق، تعلوه العقود المدببة، وهي ميزة العمارة الإسلامية، كما تعلوه القباب نصف الدائرية التي أعطت جمالية للرواق، وتطل على الرواق أواوين ذات عقود مدببة بأبعاد 1م×0,5م للتهوية والإنارة، وعلى جانبي الإيوان حنايا غائرة في الجدار، وهي جمالية، وكذلك لوضع قناديل الإنارة ليلاً، كما تحتوي الأواوين على مواقد ذات فتحات للأعلى لطهو الطعام والتدفئة شتاء، وترتفع الأواوين عن أرضية الرواق بـ 70سم لتوفير حماية للساكنين فيها من الحشرات الزاحفة، وعدد الأواوين الملاصقة للجدار الخارجي 18 تقابلها 10 أواوين، وقد تفنن المعمار العراقي في عمارة الأواوين من حيث اختياره لفتحات التهوية والإنارة، وكذلك سمك الجدران التي تصل الى 80سم، المبنية من مادة الطابوق الفرشي الذي له خاصية امتصاص الرطوبة، وهذه الميزات وفرت للساكنين في الأواوين جواً معتدلاً صيفاً، ودافئاً شتاء.
يختتم التميمي حديثه بالقول: بتوجيه من محافظ كربلاء المقدسة تم تعبيد وإكساء الطريق المؤدي الى الخان من الشارع الرئيس وإنشاء ساحة لوقوف السيارات، وإيصال التيار الكهربائي إلى الموقع، وتسييج المكان لمنع التجاوز عليه، وزراعة شتلات النخيل على طول محيط الموقع.