خدمة ” الدليفري” تغازل الكتب!

973

آية منصور /

اقتناء الكتاب الذي تريده لم يعد يحملك العناء الكثير، لا تحتاج بعد اليوم أن تتجول بين أزقة الكتب ورفوف المؤلفات الأدبية بحثاً عن مبتغاك، تكنولوجيا اليوم تضع الكتاب الذي تريده بين يديك.
انتشرت ثورة “الديلفري الورقي” بعد أن نجحت في المجالات الأخرى، كالثياب والمكياج والطعام، اذ تتسابق بعض المكتبات في وضع خدمة توصيل مرفقة برقم الهاتف، أو عن طريق رسائل الصفحات الإلكترونية، للرد السريع بشأن طلبات المتبضعين لهذا الكائن المعرفي. عشرات الآلاف من العناوين، يختار القارئ منها ما يريد، ويصله بعد يوم او يومين ولو كان في أقصى الشمال او الجنوب من البلاد.
فرصة كبيرة للطلبة
يبدو (أحمد وحيد) سعيداً جداً بمرفق الكتب الذي وصله من إحدى صفحات التسوق الإلكتروني، يتصفح كتابه بابتسامة، ويؤكد أنها ليست المرة الأولى له لاقتناء الكتب عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها –وحسب قوله- أكثر منفعة من التجوال بين المكتبات وعدم الخروج بنتيجة.
مبيناً :”أستطيع التفكير بما أفضله من الكتب دون عناء البحث وعدم إيجاد ما أريد، في أحيان كثيرة وأنا وسط شارع المتنبي، يعيق الزحام بحثي، فأعود بخفّي حنين.”
يرى أحمد، وهو طالب في كلية الطب – جامعة بغداد، أن الصفحات الإلكترونية هذه أتاحت الفرص للكثير من الطلبة، وخاصة غير القادرين منهم على الذهاب للشارع واقتناء الكتب العلمية الخاصة بالبحوث، ويبين أحمد لمجلة “الشبكة ” توافد زملائه للاتصال بهذه الصفحات حال معرفتهم بقدرتها على إيصال الكتب التي يبحثون عنها.
مضيفاً :”تمكن زملائي من إيجاد الكتب الخاصة بالبحوث، ولم يستغرق الأمر سوى بضعة أيام ليصلهم مبتغاهم، وتسليمها لهم بأسعار مناسبة جداً وخدمة التوصيل لا تتعدى الـ5 آلاف دينار عراقي، إنه أمر ممتع أن يصلك كتابك الى المكان الذي تريد.”

شارع المتنبي في الجنوب
(نور سالم)، فتاة تسكن مدينة الناصرية، حيث لا تجد أغلب الكتب التي تفضلها، لقلة المكتبات في مدينتها، عوضا عن عدم قدرتها على زيارة بغداد منذ فترة طويلة، تمكنت وبمساعدة هذه الصفحات من الحصول على ما حرمت منه، لتجد ان تصفح الصفحات الإلكترونية بمثابة السير في المكتبات الحقيقية ولكن بطرق أسهل وأجمل.
مبينة :”أحب قراءة الروايات والشعر كثيراً، وجلوسي الطويل في المنزل بعد تخرجي حثّني على إيجاد وسيلة ما لقتل هذا الفراغ من خلال القراءة، كان الأمر صعباً في بادئ الأمر لكوني أرى العشرات من العناوين ولا أستطيع الوصول اليها.
ولفترة ليست بالطويلة، كانت نور تعتمد على بعض الأقارب المتجهين الى بغداد لجلب الكتب التي تريدها عند العودة، ثم انتقلت بشكل كلي الى المكتبات الإلكترونية عن طريق الصدفة وبإعلان ممّول لإحدى المكتبات في شارع المتنبي والتي كانت تسجل خصماً بشراء أربعة كتب والخامس مجاناً، مع إمكانية توصيله لأية بقعة في العراق.
تقول :”في المرة الأولى لم أصدق، وشعرت أن هذه مجرد خدعة ، لكن ما إن وصلتني الكتب المطلوبة حتى شعرت بأن الظاهرة حقيقية، لأصبح اليوم زبونة دائمة لتلك المكتبة ، وما إن تصلني الكتب بعد كل طلب أقول وصلني شارع المتنبي، أقفز فرحاً وكأني أتنفس الكتب وسط ذلك الشارع العظيم.”

منفعة المكتبات
“علي طالب”، صاحب (مكتبة مكنزي)، وهي احدى المكتبات التي دخلت عالم هذه الظاهرة، يؤكد أن هذه الخدمة التي انطلقت منذ سنتين، كان سببها صعوبة الوصول الى شارع المتنبي، اضافة لوجود المكتبات القليلة خارج بغداد.
يقول طالب: “خدمة التوصيل جاءت بالنفع لأصحاب دور النشر والمكتبات للترويج لإصداراتهم وتوزيعها بسهوله وتوصيلها للقارئ، بالاضافة الى ترغيب وترويج الكتاب على السوشيل ميديا، وهذا ماينمي الوعي والرغبة عند الشباب باقتناء الكتاب، لتروج كذلك لحركة القراءة بين الجيل الجديد.”
أما صاحب مكتبة “غزال الكتب” محمد الآغا فيجد أن القرّاء الحقيقيين تجدهم في جميع المحافظات، والكتاب كذلك لا يبقى مركوناً في مكتبة او مدينة واحدة، وأن خدمة التوصيل أسهمت كثيراً في إيصال الكتب الى من يريدها في جميع مناطق العراق، وهذا مايوفر على القارئ تكاليف ومعاناة السفر، ومن خلال هذه الخدمة تمكنّا من رفع نسبة المبيعات وكسب الشهرة والمصداقية، إضافة لبناء أواصر المعرفة بين شرائح المجتمع ومع المحافظات كافة.
ويؤكد أن الكتب المطلوبة من قبل القراء هي الرواية والشعر، وكتب التأريخ والتنمية في المرتبة الأولى إضافة للبحوث.
الآغا اختتم حديثه بالقول: “الجميع متعاون، والصدق يجمع الطرفين، عاشقو الكتب يصلهم معشوقهم الى منازلهم ، يشكروننا على ذلك، ونشكرهم لتعاونهم.. إنها خدمة رائعة وظاهرة أروع نتمنى استمرارها لنشر الوعي بين افراد المجتمع كافة.”