زينب العقابي.. إعاقتها دفعتها لتحقيق النجاحات

1٬664

آية منصور/

“نؤمن بأن القدر قد يأتي لنا بأمر محزن للغاية لكنه قد يصبح فيما بعد كتلة من القوة تدفعنا لتحقيق النجاح”، هكذا تستهل زينب العقابي حديثها وهي تقف على ساق واحدة بعد أن خسرت ساقها الأخرى منذ صغرها بانفجار لغم، لكنها سرعان ماحولت ذلك الحدث الحزين الى مصدر كبير من الإلهام والتشجيع للآخرين.
القدَر الذي غير حياتها
اللغم الذي غير مجرى حياتها، وجدته عائلتها يوماً، وقرروا الاحتفاظ به دون علمهم لما سيأخذهم، وبقي هذا اللغم معهم لسبع سنوات، حتى قرر الانفجار بيد والد زينب، في حديقة المنزل، ليقضي على يد والدها، وساقها.
تقول زينب: أصر الطبيب على تغليف قدمي وتخليصها من الشظايا، لكن حاجة والدي الى الأوكسجين أجبرتنا على الانتقال لمشفى آخر، كانت خلالها قدمي قد بدأت بمفارقة جسدي والتهشم شيئاً فشيئاً، ليفاجئني طبيب بخبر تلوث الساق: يجب أن تبتر! فغدت زينب ذات السبعة أعوام، في اليوم التالي، بدون قدم. وكما يراها أقاربها، من ذوي الإعاقة! بدأت زينب بمحاولات التأقلم على قدم وحيدة، والسير لمسافات طويلة بدون عكاز، تحملت لسنوات طوال نظرات وأحاديث الشفقة التي تحوم حولها.
إعدام الوعي!
تؤكد زينب أن ساقها التي كانت مغطاة بجزء تجميلي لمدة ١٧ عاماً: أحزنني عندما زدت علماً وزاد وعيي بأن ذاك الجزء هو مجرد جزء تجميلي، ولم أرَ في الجزء التجميلي سوى سعادة للمجتمع، تعويد للمجتمع على الكمال، على تقبل نمط معين لا غير، وجدت في الجزء التجميلي إعداماً للوعي بما يدور خلف الكواليس، حينما كنت طالبة جامعية وأخبرهم ان عندي بتر، كان الجميع يشعرون بالشفقة علي! فأضطر للشرح من أجل إفهام الشخص المقابل ما يعني البتر وما تعني القدم الصناعية.
التخلص من الألم
ازدادت مسؤولية زينب، وبعد تفكير طويل قررت رفع الجزء التجميلي، من دون إخبار أهلها حتى. توجهت نحو الطبيب، وطلبت منه رفعها، وأبقت ساقها مكشوفة للعامة، كانت الطريقة الأنسب للطلب من الآخرين تقبل ذوي الاحتياجات الخاصة والتعامل معهم بطريقة طبيعية.
– في اليوم الأول لي، خرجت الى أحد مراكز التسوق، تقبلت نظراتهم، وأجبت على أسئلتهم، أما عائلتي وأقاربي فاحتجت بعض الوقت حتى استطاعوا استيعاب فكرة أن أخرج لهم بقطعة الحديد تلك.
معاق وأفتخر
استحدثت زينب صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان “معاق وأفتخر” ولاقت ترحيباً هائلاً من مجتمع ذوي الاحتياجات الخاصة، وحافزاً كبيراً لها من خلال ما تنشره لهم، وبتشجيعها استطاع الكثير إظهار إعاقته دونما خجل او خوف.
-تغيرت آراء العديد من ذوي الإعاقة من خلال تحفيزهم، رغم تعرضهم لسيل من التحطيم داخل مجتمعاتهم، لايزال البعض يستهجن ذلك، لكن في الحقيقة من الطبيعي جداً عدم رضا الجميع طالما أني قد وُفقت في تغيير رأي الكثيرين.. فكلي أمل في تغيير رأي الآخرين مع مرور الزمن.
سفيرة النوايا الحسنة
تعمل العقابي في قسم الترخيص لشركة أدوية عالمية، بعد أن تخرجت في جامعة الشارقة قسم الصيدلة بامتياز مع مرتبة الشرف، و من ثم توجهت لدراسة الماجستير في انكلترا وتحديداً تخصص شؤون اجتماعية دولية وتطوير مجتمع. كما شاركت في ماراثون حول الإمارات العربية السبع بالتعاون مع مؤسسة الجليلة واستمر لمدة 12 يوماً لقطع مسافة 575 كيلومتراً، وكان عائد المارثون الخيري لصالح تأهيل الأطفال من ذوي الإعاقة.
في عام 2015 قامت بتوقيع عقد مع شركتي أوتو-بوك وليمبتيش أكبر الشركات في مجال الأطراف الصناعية، لتكون أول سفيرة عربية عراقية في العالم لذوي الاحتياجات الخاصة. وبذلك تكون زينب أول عربية تتبوأ هذا الموقع وتوقيع العقد والحصول على لقب سفيرة:
لكل حدث، وإن كان صغيراً، دور عظيم في حياتي، استمتع في تقدير أبسط التفاصيل والأحداث، تشعرني بعظمة النعَم وتدفعني للاستمرار بقوة اكثر.