سارة عبد الخالق: قبلت التحدي وحققت ما أريد!
آية منصور/
الفتاة الشغوفة بمساعدة الآخرين، كان طريقها وعراً ومليئاً بالعقبات في العمل الإنساني أمام الاعتراضات الكبيرة لذويها، الذين كانوا يجدون أن إتمام دراستها هو اكثـر أماناً مما تقدمه عن طريق العمل الخيري.
لأجل الفقراء
ورغم ذلك انخرطت سارة، التي درست طب الاسنان في بغداد، في العمل الإنساني بعد ان رفضت مغادرة العراق مع اهلها.
تقول سارة: في عام 2005، بدأت عائلتي الاستعداد للهجرة تماما من العراق، فرفضت ذلك، لرغبتي بإكمال الدراسة في العراق، حينها تمكنت من أن اصبح حرة وأن ارى العراق ومواطنيه بصورة واقعية دون تجميل، ذلك ان حركتي كانت مقيدة تماما، واغلب اماكن خروجي هي المطاعم، المدرسة والأقارب، وكل ما كنت اقوم بفعله هو تجميع مصروفي اليومي وتوزيعه بين الفقراء، ولا املك وقتا اضافيا للعمل اكثر بسبب تقييدي.
بدأت سارة برؤية اماكن خربة لم ترها مطلقا في حياتها، فقر لم تره مسبقا، كما تقول، وتضيف:
-لم اكن اعلم ما علي فعله في بادئ الأمر، كنت اشعر بالعجز وانا اراقب كل هذا الفقر، الأمراض والجوع، درست في برنامج شبابي، ومشروع تخرجي كان تجميع الطعام وايصاله للأشخاص المشردين والذين لا يملكون مأوى او عملا. ومن خلال هذا المشروع استطعت معرفة اولى الخطوات للوصول الى الشخص المحتاج ومساعدته.
مشروع صغير
معارضات عائلة سارة تصاعدت، كانت احداها رفضها اكمال دراستها في اميركا، واجبارها على العودة، الأمر الذي دفع سارة لمواجهة عائلتها بصورة مباشرة.
-بدأت بمشاريع صغيرة وحملات لإيواء المحتاجين والفقراء والمشردين، من خلال جمع التبرعات، وكان الآخرون يصفونني غالبا بعبارة “بطرانة”، كما ان والدي كان يريد لي ان افتح مشروعا خاصا بي والعمل بشهادتي، انه يدعمني رغم اختلافه معي، دعيت من قبل “الامم المتحدةس” كمتحدثة عن الشرق الأوسط، والى مؤتمر عن الوجه الآخر للحرب، وبعد معركة كبيرة مع والدي، استطعت الذهاب، وكانت القطيعة بيني ووالدي.
حاجز الخوف
درست سارة في اميركا تعاضد الأديان، والعدالة الاجتماعية، ثم بدأت بمشروع “لأني أحب السلام”، وهو تبادل رسائل بين انسان (س) في العراق، مع انسان (ص) في اميركا، لكسر حاجز الخوف بين الشعبين بعد الحرب.
-فعلت كل شيء من اجل هذه الدراسة وهذا العمل، عملت في مطاعم، كنت ارسم وابيع رسوماتي، اشياء كثيرة واجهتني، لكن من اجل العودة الى العراق.
منظمة الصحة والإغاثة
عملت سارة بعدها في منظمة الصحة والإغاثة العالمية، ثم عادت الى العراق من اجل العمل كمتطوعة في مركز صحي لعلاج المتعففين. وبعد اسبوعين تصبح المدير العام للمنظمة لتبدأ عملها الفعلي.
-بدأنا بسلّال غذائية، تعدت عشرات الآلاف، الى المناطق الساخنة ودور كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، ثم بعد بدء الأزمة ودخول داعش، تمكنا من الوصول الى جميع المخيمات.
-الوضع مأساوي، درجة الحرارة تتخطى الـ50 والأطفال حفاة، وحينما اسألهم عن ماذا يرغبون؟ يجيبونني: نرغب بالألعاب والمسدسات، من اجل ان نلعب لعبة الانتصار على “داعش”.
مدارس وملاعب
تمكنت سارة من فتح مشاريع اخرى غير الحملات الغذائية والصحية في اكثر المناطق خطورة في العراق، منها فتح مدرسة بالمشاركة مع منظمة فريمي، ومدرسة اخرى للفتيات في مخيم هرشم في اربيل، كما استطاعت فتح مركز للتوحد في كركوك، ومنظمتين احداهما “لأني احب السلام”، كما تمكنت ايضا من افتتاح ملعب في احد المخيمات مع وجود فريق متكامل لمساعدتهم ومدرب لتدريب اللاعبين.
-حاولت جاهدة من اجل الوصول الى الفتيات الإيزيديات، خصوصا بعد معرفتي بعددهن البالغ اكثر من7000 فتاة تنتظرهن عائلاتهن، كانت جميع الطرق مقطوعة امامي، ولا حل لي، لكن بعدها علمت ان بعض العوائل بدأت بشراء الفتيات، وهكذا يتم انقاذهن، افتتحت مشروعا لحماية الفتيات المنقذات من داعش، ورعايتهن، من خلال توفير الإيواء الغذائي والصحي والنفسي لأكثر من 250 فتاة كن مختطفات.
ترى سارة ان الكثير من منظمات المجتمع المدني ساهمت بنشر التوعية بين فئات المجتمع، وهذا لا يلغي وجود الكثير من المنظمات التي تعمل من اجل غاياتها وفائدتها الشخصية.
– هناك اكثر من 2500 منظمة، لكنها لا تعمل جميعها بالطبع، حتى ان اغلب الناس صاروا يتحاشون دخول المساعدات من قبل المنظمات، بسبب طريقة تعاملهم او تقديم الفائض لهم حتى ان بعضهم يتحاشى التقاط الصور معهم وحدث مرة معي حين اخبرني بعضهم: هل حضرتِ لتأخذي الصور وتذهبي؟
جائزة
حصلت سارة على جائزة الإغاثة والمصالحة في الشرق الأوسط من جامعة لندن في عام 2015، داخل الغرفة التي تتوج بها الملكة، كانت اول عراقية واصغر مرشحة تفوز بهذه الجائزة المرموقة والتي حصل عليها سابقا، بيل كلينتون، كوفي عنان وغيرهما.
-لم اتخيل حدوث هذا، كانت مفاجأة، هذه الجائزة تحديدا، يبحثون بين مئات الآلاف، ليختاروا شخصا واحدا في نهاية الأمر، وكنت انا!!