ستار كاووش.. ولِدَ من تجاور زقاق ونحيب

720

ماذا يعني أن ترتطم بصباح ملون؟ صباح جنوبي الى حد تشعر أن “شيلة بريسم تحيط قلبك بحنان عشر أمهات”.. صباح يسدل شعره مرناً كالضحك حالكاً كالأمل الهارب، هو ذا ابن كاووش، الولد الهارب من قبائل الهنود الحمر والممزوج بعبق زنجبار، والمدهون بتنويمات الجنوبيات القاتمات كالبردي الذي لم يغادر خجله، هو “ستار كاووش”.. رجل الخطوط المستيقمة، وأبوّة الزخارف، ولد من تجاور زقاق ونحيب، فجاء على هيئة عرس في “مدينة الثورة”، صاخب الى حد اشتعال العراك في توازي السكر والفرح، لم أكن اعرفه، “المعرفة أن تغرق الى حد اليتم في الآخر”.. غير اني كنت اقرب اليه من مربعات قميصه، ربما اكثر قرباً من انسدالات شعره المتكررة على براري جبهته. جمعتنا زياراتي الخاطفة لأكاديمية الفنون، وظهاري غير متقنة في حسن عجمي، وشغف اللون، ومقص الحلاق، وكان يتفوق علينا دائما في كل هذا، ياللمتطرف، حتى في جنوبيته يسبق الجميع، انه الشرق اللابس عباءات براك، وربما امهاتنا الساخرات من وجوه بيكاسو، ولا أدري كيف له ان يكون وقحاً الى حد انه منذ بداياته وقف بعيداً عن الجميع وفي وسطهم، حتى انهم و “ياللغرابة” احبوه، وكانوا يخلعون انانيتهم في باب لكنته الجنوبية ليدخلوا مجردين كالخبز.. هل كانت مصادفة ان اسمه “ستار” ربما، لذا ستر كل انانيات الحمقى الذين لامسهم الزهو واعتقدوا أن “أمهات التاربخ يقدمن لهم الشاي كل صباح، وايامه القادمات يقبلن ايديهم”.. وفي نهاية المعادلة “انفق ستار نقود صبايا التاريخ وعاشرهن جهاراً قرب عيونهم المفتوحه”.. يحدث ان يسخط الله ويدفع بمثل هذا الشقي الى حفل الأكاذيب، ليعيد خلق التوازن، وينجب من نصف اللون الأحمر في جواريبه سلالة منهجية تشكيلية جديدة، “لاتمت لخطوط الماثلين في التصنع” بعض رذاذ الارتجاف، لذا أحببناه، لدرجة اننا “قلدنا قلائده وشالاته” لكنه آثر ان يأخذ نصف النهر ويمضي، هكذا سقطت “قاعة الرواق” في الحمى القرمزية، ولم يعد مركز فنون بغداد الى وعيه، من اجل هذا ربما “اخفى اللوحات واستجلب مئات الحمقى الى اروقته”،”انه ستار كاووش، وريث الجدائل الخضر والمحمداوي، والكثير من تبغدد الوجع.. جال في الارض ليلبي دعوة العم فان كوخ، ويقطن جواره.. حدثتني غيمة أن “فان” يأتي كل صباح ليسأله: لماذا لم تأت مبكرا لتعلمني الفرح .. لذا، وهذا ماتعتقده الانهار “سبب الحزن الراكد في عيونه”.