ستُ جرائم والسبب .. خلافات زوجية

1٬169

رجاء خضير /

مرساتي أين ألقيها، وبأي مرفأ أقف معك لنوقف زمناً لا نستطيع معه النسيان.. كيف ننسى وأعمالنا تسري في داخلنا ومع نبضات القلب، أريد معجزة من السماء تعُيد بي السنين والأيام لأرى ما فاتني من أعمال اقترفتها في حياتي والآن هي سبب عذابي ومعاناتي التي لا تنتهي كما هو الزمن….

لمنْ أوجه الدعاء! ولماذا؟ وأنا قد ابتليت بأسبابٍ جفّ معها قبول الدعوات، ليسامحني مَن اخطأتُ بحقهم… ارحموا من بقي مني!!
ارحموهم !!
حدثت هذه القضية في جانب الرصافة من بغداد… في شتاء قارس البرد من عام (2014)…
نشأ في عائلة قليلة الأفراد، ينعم بحب ورضا والديه هو وشقيقهُ وشقيقتهُ الوحيدة، لذا كانت البنت مدللة تستجاب طلباتها من الجميع لا سيما شقيقها الكبير (صاحب القضية)…
أكملت دراستها الجامعية وسبقها الى ذلك شقيقاها، بعد التخرج مباشرة تقدم لخطبتها أحد زملائها في الجامعة، ولأنها كانت تميلُ إليه، طلبت من شقيقها الكبير أن يساعدها في اتخاذ القرار، ومنها عرف بأن هناك علاقة تربطهما، لم يسأل عن عمقها ولكنه اكتفى بأن وعدها بأنه سيساعدها لو وجده إنساناً جيداً وجديراً بها!
سألوا عنه، وكانت الأجوبة غير مطمئنة، فأسرتهُ متفككة وأفرادها كثيرون، ليس لديهم مصدر دخل ثابت، ورزقهم يوم بيوم، كما أنهم ينتظرون تعيين ابنهم الذي تقدم لخطبة الفتاة…
صارح والده بما حصل عليه من معلومات، ولكن أمام رغبة أختهم وفرحها الذي تنطق به عيناها وافقوا، وهم غير مقتنعين به!!
من يومها انقلبت حياتهم الهادئة الى مشاحنات ومشكلات بسببها، فكثيراً ما كانت تأتي باكية تشكو حزنها وخوفها من عيالها الى والدتها التي تقص ما تسمعه منها الى شقيقيها ووالدها!!
سارت الأيام سريعة وأنجبت طفلة جميلة سُعد بها أهل الفتاة ووفروا لها كل احتياجاتها، لكنها لم تكفّ عن طلب المزيد من النقود والمساعدات، انتبه شقيقها الكبير الى أن طلباتها ازدادت مع الأيام بينما حالها بقي كما هو، ما اضطره إلى أن يسألها في إحدى زياراتها لهم، حينها بكت وصارحته بأن كل ما تأخذه منهم يأخذه زوجها عنوة، ويصفهم بأنهم أغنياء وبخلاء. اشتاط أخوها غيظاً وطلب منها أن لا تخبر والدهما بمعاناتها وسلوك زوجها معها لأنه مريض بالقلب، ووعدها ثانية بالمساعدة…
وفي يوم لعبت الصدفة دورها غير المنتظر، ففي اليوم الذي طلبت فيه مبلغاً من المال من أهلها، شاهدَ شقيقُها زوجَها يلعب القمار فرِحاً سعيداً بين أصدقاء السوء، تقدم منه وهمس في أذنهِ أن يحدثه على انفراد، ذهل زوجها كيف عرف مكانه! تحدث معه بلطف ونصحه أن يقلع عن هذه العادة السيئة ويلتفت الى زوجته وابنته و…و…. ثم تركه…
في الليل جاءتهم ابنتهم تبكي وتتهم شقيقها بأنه تهجم على زوجها، أقسم لها أخوها بأن شيئاً من هذا لم يحدث، فقط التقى به صدفة ونصحهُ. صدقت شقيقها وعادت الى البيت وأوضحت لهم الحكاية، ولكنهم رفضوا سماعها واتهموها بأنها تساند شقيقها ضدهم، وهنا تدخل قريب لهم كان يزورهم وطلب منهم أن يكفوا عن معاملتها بهذا الأسلوب السيئ لئلا يخسروها!!
صمت الجميع وكأنه فتح أمامهم الطريق للتفكير بشيٍء ما!!
بدأ زوجها يطالبها بالمزيد من المال من أهلها، ولفرط حب أهلها إياها كانوا يلبون لها ما تطلب! الى أن أتى يوم طلبت فيه مبلغاً غير معقول، سألها والدها هل أنتِ مقتنعة بما تقولين؟ وهنا انفجرت بالبكاء والصراخ وطلبت منهم أن يطلقوها منه فلم تعُد قادرة على احتمال تصرفاته معها، وكشفت حجابها ليشاهد والدها آثار التعذيب الذي تعرضت له، صرخ بها والدها: ولماذا سكتِ طوال هذه المدة! وهنا دخل شقيقها الكبير ليرى ويسمع ما كانت تخفيه عنهم، ولم تكتف بهذا القدر، بل خلعت ملابس طفلتها لتريهم آثار الضرب على جسدها الغض!!
وطوال كلامها معهم كانت أمها تطلب منها السكوت خشية على أولادها من المشاجرة معه!
غلت الدماء في عروق شقيقها الكبير الذي توجه فوراً الى بيت زوجها، وحينما دخل وجدهم يأكلون ويضحكون وكأن شيئاً لم يحدث لزوجة ابنهم! وحينما رأوه يدخل قام زوجها ودفعه الى الخارج وهو يصرخ بأنه سيطلق أخته وسيحرق قلبها بأخذ الطفلة منها…
عاد الى البيت وشرح لهم ما حدث، وأجمع كلُّ من في البيت أن يعطوه فرصة أخرى من أجل ابنتهم…
وعادت والذلّة واضحة عليها ،أما الإهانات فقد تلقتها من الكل وليس من زوجها فقط… صبرت وتحملت الى أن جاء اليوم الفصل، حين طردوها وهم يلعنون أهلها ويصفونهم بالأشرار ويتهمونهم في شرفهم.. من شدة غضبها شرحت لأهلها كل شيء وأقسمت بأنها لن تعود اليه او تنتحر وتتخلص من هذه المعاناة…
طلبوا من زوجها أن يأتي اليهم ليضعوا النقاط فوق حروف الزوجية وينتهي كل شيء، لكنه لم يستجب لهم سوى بالسباب والشتائم، دخل شقيقها الكبير غرفته ثم خرج مسرعاً، صرخت الأم عليه فلم يجبها، وأسرع والده محاولاً منعه وكان شقيقه الأصغر في العمل، دخل بيت أصهاره فوجدهم مجتمعين فأطلق النار على زوج أخته وعلى كل منْ في البيت،.. سمع والده صوت الإطلاقات النارية، وعرف أن مأساة حدثت ولكنه لم يعرف حجمها، دخل مع الجيران ليروا الجثث هنا وهناك وابنه يصوب مسدسه الى الأعلى ويطلق ما بقي من إطلاقات.
ضمّهُ والده اليه وأخذ المسدس من يده وكأنه هو الذي اقترف هذا الجُرم، حضرت الشرطة واقتادت الأب الذي أراد تحمّل الجريمة، ولكن الجيران شهدوا بأنه ليس هو من ارتكب الجريمة بل ابنه الذي لم ينطق حينها بحرف! بعد جلسات عدة صدر الحكم بحقهِ بالإعدام شنقاً حتى الموت…
لم تكن جريمة قتل واحدة بل ستُ جرائم في آن واحد….
غياب الوعي والاختيار الخاطئ وعدم معالجة المشاكل بشكل هادئ وجيد هو ما أوصل جميع من في القضية الى هذه النهاية المؤسفة….