سيكون الآتي أجمل

753

#خليك_بالبيت

أنسام الشالجي

تحدّثنا كثيراً عن الطاقة الإيجابية للفرد، وسنتناول في هذا العدد طاقة الجماعة أو المجتمع أو ما تسمّى علميا بطاقة الوعي الجماعي..
التعريف
تعرف موسوعة ويكيبيديا الوعي الجماعي (الوعي الجمعي) بأنّه المعتقدات والمواقف الأخلاقية المشتركة التي تعمل عمل قوة للتوحيد داخل المجتمع، أمّا تعريف طاقة الوعي الجماعي، فيبدو جليا أنّ مدربي الطاقة كلّهم اتفقوا على تعريف واحد، سواء في الكتب المهتمة بالطاقة أو في مواقع الانترنت الخاصّة بالموضوع نفسه وهو التعريف الذي عندي أيضاً وهو اجتماع من شخصين أو أكثر لهم الاهتمامات والأفكار نفسها، ليس مهما أن يكون الاجتماع في المكان نفسه، قد يكون من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، فالطاقة لا يحدّدها مكان، إنّ الافكار نفسها تنتج طاقة إيجابية أو سلبية وتنتشر في محيطهم.
واذا اختصر هذا التعريف بكلمات قليلة، فسيكون المثل الذي نسمعه دائما وهو (الذي يجاور سعيداً يكون سعيداً) ونستطيع أن نستبدل بـ(سعيد) صفات أخرى مثل ناجح ومتفائل وكريم، كذلك نستطيع أن نستبدل بها صفات سلبية مثل تعيس ومتشائم وفاشل، أي من تعودنا أن نشير اليهم بأصدقاء السوء الذين يؤثرون بطاقتهم السلبية في من يجاورهم أو يرافقهم ويجعلونهم مثلهم، ولنتذكر دائما أن الطاقة السلبية تنتشر كما الإيجابية.
تدريب ١
بمراقبتي لأخبار جائحة كوفيد ١٩ (كورونا) ورصدي للحالات التي أعرفها، توصلت إلى نتيجة وهي أنّ القلق والخوف كانا سببين أحياناً في حالات الوفاة وإن كانت الإصابة خفيفة، وما دفعني لتنظيم ورشة عمل اونلاين مع أهالي مصابين بكورونا كان ذلك الخبر عن رجل كهل يعاني من ضيق في التنفس وبعد أخذ مسحة منه لمعرفة حالته المرضية وبانتظار النتيجة، أرجعه ابنه إلى البيت واشترى منظومة اوكسجين وبعد ربطه بالجهاز بأقل من ساعة توفي وكانت نتيجة المسحة في اليوم التالي سالبة وكان سبب الوفاة الأوكسجين العالي!
اشترك خمسة شباب في الورشة، للتدريب على طاقة الوعي الجماعي، في اليوم الأول يذهبون إلى الجلوس مع المصاب الذي في الحجر المنزلي بعد أخذ الاحتياطات الصحية اللازمة كافة ومن بينها لبس الكفوف والكمامة وقناع النايلون الشفاف وبدلة واقية (هذه البدلة ليست صعبة المنال، ببساطة هي ممكنة الصنع في البيت من أكياس النايلون المختلفة الأحجام)، والجلوس يبدأ بحجة الإصابة أيضاً بسبب الملامسة.
اليوم الثاني كان التدريب على تأثير طاقة الوعي الجماعي، تحدّث المتدربون عن أهمية عدم القلق والمخاوف، وبعد ساعتين من التدريب، عادوا إلى الحجر مع المصابين.. وكلٌّ يحاول إيصال طاقة عدم قلقه اليه ثم إلى من في البيت، كان المتدرب الذي ادّعى الإصابة يردّد أن كورونا وإن كان متعبا الا أنّه في الأخير مرض تتغلب عليه الإرادة ولن يؤثر في إحساسه بالحياة حتى وإن ضاق تنفسه ولن يمنعه عن الطعام الصحي حتى وإن فقد الطعم.
وبعد ثلاثة أيام كانت الجلسة التدريبية الأخيرة عن مناقشة النتائج، واتفقوا جميعا أنّ الجو داخل بيوتهم تغيّر نحو الاطمئنان وأن المصابين بدؤوا يستجيبون للعلاج وتغلّبوا على ضيق التنفس واقتنعوا أنّهم بطريقهم إلى الشفاء بإذن الله.. وبالفعل كان الشفاء نصيبهم بدون الدخول إلى المستشفى.
تدريب ٢
ورشة التدريب الثانية على تأثير طاقة الوعي الجماعي أخذت فكرته من تصرفات الايطاليين مع بداية الجائحة وكانت الإصابات عندهم كارثية، بل إنّ عنوان هذه المادة اقتبسته من لافتة علّقتها عائلة تونسية تعيش في إحدى المدن الايطالية على شرفة شقتهم تقول: (كل شيء سيكون على ما يرام) ومثل النار في الهشيم انتشرت المقولة واللافتات وبدأت طاقة الوعي الجماعي تدفع إلى المزيد من الالتزام بالحظر والارشادات الصحية ووصل الايطاليون إلى هدفهم بالسيطرة على الجائحة وتمكّنوا من إيصال هذه الطاقة لكل أوروبا.
اشترك في الورشة الاونلاين ١٥ شخصاً بينهم ربّات بيوت ومتقاعدون وطلبة جامعيون من الملتزمين بالحظر والارشادات، وبدأ التدريب بكيفية إيصال طاقة الوعي للجيران وكانت الخطوات هي التحدث عن كيفية السيطرة على الجائحة كصديق بدون توجيه انتقادات جارحة وبلا استهزاء واستخدام صفات غير مقبولة وكانت الجلسة الثانية عن التأكيد بأن الآتي سيكون أفضل بعون الله وبالإصرار على الحياة والالتزام بالتوجيهات .. وبعد أسبوع كانت الجلسة الثالثة عن النتائج التي أكدت أن معظم الجيران ومن في الحي أصبحوا ملتزمين جدّاً ومتفائلين بأن الآتي أفضل..
دعوة
في موضوع سابق دعوت وسائط الإعلام، الفضائيات خاصة إلى تنظيم ورش عمل مماثلة على الهواء مباشرة، وأكرّر هنا دعوتي وأضيف اليها إنتاج فواصل وسپوتات عن طاقة الوعي الجماعي الإيجابية، وسنلمس تأثيرها ليس في مواجهة الجائحة فقط بل على الآتي من أيامنا، وبالنتيجة على عراقنا الحبيب أيضاً بعون الله. فالثقة برحمة الله والتفاؤل أمضى سلاح نستخدمه لأجل الحياة.