صنّاع النصر الحقيقيون
محسن ابراهيم/
لحظة إعلان النصر العراقيّ على قوى الإرهاب، لا بدّ أن نستذكر صنّاع هذا النصر الحقيقيين الذين لولاهم لما كنا نحتفل اليوم بعودة الوطن معافى بعد دخوله نفقاً مظلماً لسنوات ثلاث.
صانعو النصر هؤلاء هم شهداء العراق الذين بذلوا أغلى ما يمكن أن يبذله إنسان في سبيل وطنه. أولئك الذين توشحوا بعلم العراق وارتدوا زيهم العسكري بعد أن غادروا ترف الحياة ثم قدموا أرواحهم مهراً واتخذوا السواتر بيوتاً وكتبوا بدمهم فصول قيامة العراق الجديدة.هنا بعض قصص البطولة المعمّدة بدماء شهدائنا الذين أخرجوا العراق من محنته إلى فضاء النصر.
أبو الغيرة
عرفه العراقيون من خلال مايبث من فديوهات على شبكة التواصل الاجتماعي, يحفز المقاتلين على الصمود والتضحية, تنهال دموعه غيرة على وطنه واهله وأرضه, إنه المقدم الركن علي سعدي النداوي آمر أحد الافواج في قيادة عمليات الجزيرة والبادية والمتمركزة في الأنبار, التحق بالكلية العسكرية وتخرج فيها برتبة ملازم, مارس عمله بكل فخر كضابط في الجيش العراقي ليكمل بعدها دراسة الأركان العسكرية ويحصل على شهادة الماجستير بدرجة الامتياز عن رسالته الموسومة (اللياقة والتدريب البدني العسكري) فترك بعدها التدريس وإلقاء المحاضرات وإعطاء الدوات التدريبية في كلية الأركان العسكرية والتحق ليقاتل ضد أعداء العراق. يقول أحد جنوده إن الشهيد فتح أهم وأخطر محور عسكري في حديثة بقوة قوامها عشرة جنود فقط، حيث اعتبرها جنود مقر فوج المغاوير الثالث أشبه بالعملية الانتحارية بسبب فتك قناصي داعش. أربعة منهم كانوا يتربصون بالجنود من مسافات بعيدة بحيث تصعب رؤيتهم، إلا أن النداوي طوق المكان وخاض ضدهم معركة أدت إلى مقتل الإرهابيين الأربعة وعند وصول النداوي لرؤية جثث القناصين شاء القدر أن يكون أحدهم حياً رغم إصابته، وقام بإطلاق النار على صدر النداوي واستشهد حينها.
أسطورة عراقية
عرفه الجميع شجاعا مقداماً لم يمتلك غير حب الوطن, كان شاباً محبوباً متديناً شجاعاً وكريماً، لكن الأهم من كل هذا أنه كان عراقياً أحب جميع أصدقائه وجنوده بدون تفرقة. الشهيد البطل الملازم الأول وسام التكريتي من مواليد 1988 طالب في جامعة بغداد كلية اللغات / لغة انكليزية ترك الكلية المدنية وذهب إلى الكلية العسكرية. كان الشهيد محبوباً ومحباً للجميع، أكمل مسيرته العسكرية في جهاز مكافحة الإرهاب / الفرقة الذهبية / فوج صلاح الدين مع مدة طويلة من التدريب الخاص في العمليات الخاصة, شارك في معارك الفلوجة / الهياكل والنعيمية, وشارك أيضاً في عمليات تحرير سامراء من داعش وأخيراً استقر في مصفى بيجي, رفض أن يتمتع بإجازته المستحقة وأقسم أن لا يعود قبل أن يحرر العراق من دنس داعش وأن ينتقم لشعبه وزملائه الشهداء. إحدى العمليات العسكرية التي قام بها تضمنت التنكر بزي داعشيّ والهجوم عليهم والقضاء على عدد كبير منهم في بطولة لا يمكن وصفها!
آخر اللحظات كانت في مصفى بيجي عندما حاولت مدرعة داعشية مفخخة الدخول إلى المصفى فأطلق البطل النار عليها ثم لاحقها وصعد على متنها وقتل من بداخلها لكي يوقفهم وينقذ زملاءه، لكن يد الغدر كانت بالمرصاد و ضغط آخر عنصر من داعش على الزناد وفجر المفخخة وتطايرت جثة الشهيد لتلتحق بركب الشهداء. تُدرس قصة الشهيد البطل حالياً في الكلية العسكرية البريطانية (سانت هيرست).
قناص الدواعش
تجاوز الـ 64 عاماً، خضّب الشيب رأسه ولحيته, يشعر بالاسترخاء والراحة في ساحة الحرب ضد عصابات (داعش) ، يصيبه الملل خلال إجازته الدورية فهو يعشق بندقيته المميزة التي قضت على 321 أرهابياً, “علي جياد عبيد” المعروف بـ(أبو تحسين الصالحي) ينحدر من مدينة البصرة في جنوب العراق حيث ولد فيها سنة 1953، عُرف بقدرته على قنص قناصي داعش وقادته. الشجاعة الأسطورية لـ(أبي تحسين) المقاتل ضمن قوات الحشد الشعبي، دفعت موقع (ميلتري نيوز) أشهر موقع عسكري في العالم إلى تخصيص قسم خاص به رافقه ونشر عشرات التقارير والفيديوهات عنه، استشهد الصالحي في شهر أيلول من العام 2017م خلال معركة تحرير قضاء الحويجة من رجس الدواعش.