علاقة الأطفال بأجدادهم قصةُ حبٍّ لا تحظى بالاهتمام

813

ترجمة: ثريا جواد /

لا تخفى علينا جميعاً أهمية العلاقة بين الأجداد (الجد أو الجدة) والأحفاد، فهي علاقة من نوع خاص ولها نكهة مميزة، وغالباً ما تكون من أقوى العلاقات لأنها تمنح الأحفاد، سواء أكانوا صبياناً أم بناتاً، الشعور بالأمان والطمأنينة. ومحظوظ جداً من يرافق أجداده في حياته لأن ذلك يعطيه دافعاً إيجابيا قوياً يعزز وجوده، ويمكن للأجداد تقديم يد العون والمساعدة في تجربة شعور مختلف بالانتماء والهوية، فضلاً عن تزويدهم الأحفادَ بشتى النصائح والمعارف مما تراكم من خبراتهم وتجاربهم الطويلة.
حب غير مشروط
دراسة جديدة أجريت مؤخراً عن أهمية الأجداد ودورهم في حياة الأطفال الصغارعلى نطاق واسع، وحتى البالغين منهم وفهمها بشكل حدسي، إذ أنها توفر رابطة التعلق العميق بين الأطفال الصغار وأجدادهم من الناحية العملية. وتشير الدراسات أيضاً إلى أن فوائد الأجداد لا تعد ولا تحصى، وقد قام موقع ABC مؤخراً بسرد سلسلة من الأغاني القديمة التي تدور حول دور الأجداد وعلاقتهم بالأحفاد بعنوان “Old People’s Home for Old Years”، إذ بينت الآثار الإيجابية للإطفال الرضّع في حياة رفيقهم المسن (الجد أو الجدة) وصحتهم البدنية وحتى بالنسبة للأطفال البالغين على الرغم من أنهم لا يعتمدون على أجدادهم بشكل تام، لكن علاقتهم بهم تسير على نفس المنوال، فالأجداد بمثابة الجسورإلى البلدان واللغات والثقافات القديمة.
أفلام سينمائية
دور الأجداد وتأثيرهم البالغ في حياة أحفادهم دفعا كثيراً من مخرجي السينما العالمية لطرح هذا الموضوع في أفلامهم السينمائية، ومن أبرزها فيلم (الوداع) The Farewell في عام 2019 من بطولة الممثلة أكوافينا وتزي ما وزاو شيزن ومن إخراج وسيناريو الصينية الأميركية لولو وانغ وهو من أفلام الكوميديا والدراما التي تروي العلاقة الحميمة بين الأجداد والأحفاد، وتدور قصة الفيلم حول عودة سيدة صينية/ أميركية تدعى (بيلي) من نيويورك إلى بلدها الصين لقضاء أسبوع مع جدتها (ناي ناي) بعد أن تكتشف عائلتها أن الجدة مصابة بمرض السرطان في مرحلة متقدمة، ولم يتبق أمامها الكثير للعيش والحياة، ويقرر أفراد العائلة إخفاء الخبر عنها بينما تتحضر السيدة لحفل زفافها المنتظر.
فيلم (الوداع) يكشف لنا عبر شخصيته المركزية (بيلي) الرابطة الحميمية والإنسانية بين جدتها (أم والدها) وبينها، إذ أن رحلتها القصيرة تغذي شيئاً ما في داخلها، فقد تركت شقتها خالية في المدينة، وخيبة أملها المهنية ورفضها من برنامج زمالة مرموق لتجد نفسها مع جدتها في علاقة قوية وحميمية مع شعور بهويتها متأصل في الثقافات التي انحرفت عنها كل من الثقافة الصينية وثقافة عائلتها الخاصة والمثيرة للخصوصية، فضلاً عن بعض المنظور حول الشعور بالضيق الوجودي.
يتحدث الفيلم أيضاً عن الهجرة والهوية، وكان له صدى قوي في مجتمع الصينيين الأميركيين ومجتمعات الشتات الأخرى.
الانتماء والهوية
يظهر الفيلم أهمية العلاقات بين الأجداد والأحفاد رغم اختلاف الأجيال بينهم، وتقول مخرجة الفيلم لولو وانغ: قصة الفيلم واقعية مستوحاة من أحداث حقيقية لها علاقة بمرض جدتها، وتضيف: حياتنا وهوياتنا متجذرة بعمق في عملنا، وفي حياتنا الرقمية، واقترابنا من أجدادنا يمكننا الوصول إلى طريقة مختلفة للوجود في العالم، شعور مختلف بالانتماء والهوية، إنهم يقدمون لنا الإحساس الواسع بالمنظور الذي يأتي مع تقدم العمر ويشهد على اكتساح التاريخ.
وتوضح وانغ أنها في كل المقابلات التي أجريت معها كان يأتي الناس إليها باكين للحديث عن جداتهم، تقول: “هدفي هو ترك الناس يتحدثون عن الفيلم، أو يتحدثون عن حياتهم الخاصة وعائلاتهم، أو الاتصال بجداتهم” وهذه هديتي للعالم.