عندما يرتدي الفايبر كلاس.. قبعة المرور!
رجاء الشجيري /
لن يخذل الطموح صاحبه إن تعامل معه بروح الاندفاع والصبر وكسر حواجز الخوف والتردد . ومع الخطى الأولى تتسع دائرة الأحلام ليصيرها صاحبها واقعاً ملموساً . الفايبر كلاس كان أداة إياد محمد عبد الكريم في تحقيق طموحاته وأحلامه في خدمة المجتمع، قدم مجسمات وأفكاراً نصبت في الشوارع وهي تحمل جمالية وتوعية للناس فكانت مع “الشبكة” تجربته:
تشكيل وطفولة
برزت ملامح موهبته مبكراً في طفولته، إذ كان يحب تشكيل ألعاب الميكانيك وصناعة ألعاب الطائرات الهوائية، وكان الفضول الميكانيكي يدفعه إلى التساؤل: ماذا يوجد داخل هذه الألعاب بعد (تفصيخها) وإعادة دمجها، وكان يعمل نحتاً من طين حديقتهم بأشكال مختلفة، كما كانت موهبته بالرسم حاضرة في مدرسته خلال المرحلة الابتدائية، إذ السبورة والجدران تضجان برسوماته.
انطلاق
بالرغم من طرق إياد محمد لأكثر من وسيلة رزق، إلا أن موهبة مزج الرسم والنحت والميكانيك لم تفارقه، حتى قرر أن تكون هي المهنة المنشودة التي ستعزز موهبته وأهدافه في الحياة، فبدأ يتعلم من اليوتيوب والنت عن عالم الفايبر كلاس، وبقي يتابع كيفية عمله، وما الابتكارات الحديثة حوله.
يحدثنا عن أول أعماله فيقول: عملت أول مجسم لي، وهو عبارة عن دولفين بارتفاع ثلاثة أمتار، ثم خزاناً من الفايبر كلاس وماكنة، وكذلك عملت أنبوباً بقطر ثلاثة أمتار. مضيفاً: وكانت هناك قصة لهذا الأنبوب الاستثنائي، فقد شاهدت مهندساً كورياً -في صورة له التقطها- وهو يتباهى بصناعته لأنبوب بقطر ٣ أمتار من الفايبر كلاس، وهي صناعة صعبة جداً وإنجاز فريد معقد التنفيذ.. وبقيت صورته والتحدي في مخيلتي. استطعت بعد ذلك أن أصنع الأنبوب ذاته، وبنفس قطر الارتفاع، وأن ألتقط صورة مع الأنبوب -كما الكوري تماماً- لأن التحدي ظل يشغلني كثيراً إلى إن حققته.
كما يذكر أن الفيسبوك ساعده: بدأت بنشر أعمالي عبر صفحتي والكروبات، وأصبح الطلب عليها في تزايد.. الحمد لله بدأت أعمل بمساحة أكبر مما كنت، من مكان صغير إلى مرآب أكبر، ليصبح معي عمال أيضاً من ثلاثة إلى سبعة، وبدأت السيولة تصبح أفضل وطلبات المجسمات تتطور وتزدهر…
خدمة مجتمعية
بعد سير عمل إياد بنجاح وازدياد الطلب على ما يصنعه من مجسمات مختلفة، أخذ على عاتقه أن يخصص جزءاً من ربحه لخدمة الناس والمجتمع بشكل مجاني، فكانت له مبادرات مجتمعية كثيرة، منها تقديمه مجسماً يمثل طفلاً يرتدي زي شرطي المرور.
يقول إياد: لطالما راودتني عبارة أرددها كثيراً في شوارعنا المزدحمة هي “أن تصل متأخراً خير من أن لا تصل”، ففكرت أن أصنع مجسماً لخدمة شرطة المرور، يمثل طفلاً يحمل هذه العبارة، لكي تلفت أنظار الناس حين يقودون بسرعة مفرطة.. وأهديت هذا المجسم إلى مدينتي الفلوجة، وقد نصب فيها، والمجسم الثاني لدي مسعى أن يكون في بغداد لينصب فيها أيضاً.
كما كانت لإياد مبادرات مجتمعية أيضاً في صنع حاويات لرمي الأوساخ توضع أمام المدارس على شكل ثعالب، لكي تعزز لدى الطفل أو التلميذ روح اللعب أيضاً في أنه بسلوكه يرمي الأوساخ ليلتهمها الثعلب.. كذلك فكرة مجسم الطبيب الذي يحمل صندوقاً فيه مادة التعفير لمكافحة كورونا وبدء العام الدراسي، إذ يقوم التلاميذ بتعفير أيديهم قبل الدخول إلى المدرسة ..
بيوت بتكاليف منخفضة
صناعة الفايبر كلاس وتطورها المستمران شملا الكثير من الصناعات، لسهولة تشكيله وخفة وزنه، ما جعله عنصر جذب لصناعة السيارات. فمثلاً كانت جلاسبار (G2) أول سيارة رياضية صنع هيكلها بالكامل من الفايبر كلاس.. لكن حلم إياد عبد الكريم المجتمعي في خدمة الناس كان أن يصنع بيوتاً بتكلفة منخفضة، وبسرعة عالية، للعوائل الفقيرة وذات الدخل المحدود، إذ يقول: الميكانيك والفايبر كلاس ومادة الإسمنت الحديثة، يمكن جمعها لعمل بيت صغير ضمن تكلفة ليست عالية، وهو بيت مقاوم فيه كل المواصفات العالية، فيمكن صناعة القالب ضمن الفايبر كلاس والمكائن والجي آرتي مع الإسمنت والألياف الزجاجية، فتخلط لتصبح سماكتها خفيفة والبناء أيضاً خفيفاً، لكن بمواصفات بيت متكامل يتميز بأنه عازل للصوت، والحرارة، والمياه، ومقاوم للزلازل، ومقاوم كذلك للحريق. مضيفاً: وإذا توفرت الأرض وأصبح المكان متوفراً، يمكن أن يكون قالب البيت جاهزاً في ثلاثة أيام فقط…
طموح ورسالة
رحلة إياد محمد هذه في تحقيق حلمه وخدمة الناس والمجتمع كانت لا تخلو من طموح ورسالة يتمثلان بتشغيل أكبر عدد من الأيدي العاملة، وبث الحماس وحب الخير ومساعدة الناس، وحذف كلمة مستحيل من قاموس أي انسان يؤمن بقدرته وموهبته. مؤكداً على ألا يبخل الإنسان بما لديه من مال وأفكار في خدمة الآخرين، إلى جانب ربحه ومشاريعه ،لأن مساعدة الناس هي سر التجارة الرابحة في الحياة والعمل..
أما طموحه فكان الأول فيما ذكره لنا من تحقيق إنجاز البيوت المصنوعة من الفايبر كلاس وتطبيقها على أرض الواقع لانتشال العوائل الفقيرة والسكن فيها بأقل تكلفة، أما الحلم والطموح الآخران فهما: أن أعمل مسابقة على غرار أرب آيدول، لكن لأجمل اختراع وأجمل صناعة وابتكار، وكلي ثقة بأن ستكون هناك مواهب شبابية مذهلة وبطاقات وإمكانيات عالية .