فنانون تحت مشرط الجراح.. النفسي!
ارشيف واعداد عامر بدر حسون /
ان الأغنية التي تختارها من بين الأغاني الكثيرة التي تستمع اليها، الأغنية التي ترددها، اثناء سيرك وحيداً، اثناء وجودك في الحمام، الأغنية التي تجد نفسك، دون وعي ودون قصد، تردد كلماتها وانغامها، لها دلالة كبيرة على نفسيتك، وعلى مزاجك، وعلى نظرتك الى الحياة.
وفنانونا وفناناتنا كباقي الناس لهم اغنياتهم التي تنطق بها حناجرهم، دون وعي، في خلواتهم.. فهل تحب ان تعرف نفسيات فنانينا وفناناتنا، من اغنياتهم التي تختارها عقولهم الباطن، من بين كل الأغاني؟ وهل تحب ان تعرف دلالة اختيار كل منهم لأغنيته؟
عبد الوهاب
ان عبد الوهاب لا يغني في الحمام احدى روائعه المشهورة، لا يردد الجندول او الكرنك او كليوباتره، ولا حتى “الدنيا سيجارة وكاس”، بل يردد احدى اغنيات شكوكو! وعندما يخلو كبير موسيقيي الشرق الى نفسه، يجد صوته يردد دون وعي “يا دايحة قلبي بقزازه.. لماذا الهجر لماذا”.
ويقول الدكتور مظهر سعيد، عالم النفس الكبير، ان اختيار عبد الوهاب لهذه الاغنيات بالذات يدل على انه من بيئة متحذلقة تميل الى الكلمات الرنانة الجوفاء، وانه يميل الى المبالغة في تصرفاته وافعاله.
يوسف وهبي
اما بطل الفزع، وعزرائيل المسرح، يوسف وهبي، فاغنيته التي يترنم بها في البيت وعندما يشعر بالوحدة او الانسجام هي احدى الأغنيات القديمة التي كان يرددها الكوميدي المعروف حسن فائق، عندما كان متخصصاً في القاء المنولوجات الفكاهية، منذ اكثر من ربع قرن، انها منولوج “شم الكوكايين خلاني مسكين، مناخيري بتزن وقلبي حزين”!
ويقول عالم النفس ان اختيار ابي حجاج لهذه الأغنية بالذات يدل على انه يميل بطبعه الى المبالغة، والى المآسي، والى نقد العيوب الاجتماعية، كما تدل على انه يؤثر الأسلوب العنيف على الاسلوب الرقيق في معالجة الامور!
فريد الأطرش
وينسى فريد الأطرش كل اغنياته، وكل اغنيات غيره من المطربين، عندما يخلو الى نفسه، لا يذكر الا اغنية واحدة هي “نورا”.. ان فريد يردد “نورا” في خلواته، يرددها دون ان يقصد ترديدها، وكثيرا ما يفاجأ هو بالأمر، فيسرع الى تغيير الأغنية ذات التاريخ الحزين.
ويقول عالم النفس الكبير ان ترديد فريد لهذه الأغنية بالذات يدل على ان ذهنه مشغول بامرأة، وانه يعيش على الذكريات، اكثر مما يعيش في الواقع، يعيش في الماضي اكثر مما يعيش في الحاضر!
مريم فخر الدين
اما حسناء السينما مريم فخر الدين، فتغني في وحدتها اغنية غريبة، لا يتوقع احد ان تكون هي اغنيتها المختارة التي ترتاح اليها نفسها، انها تغني انشودة، من اناشيد عهد الطفولة السعيدة، تبدأ هكذا: “هنا مقص، وهنا مقص.. هنا عرايس بتترص!”.
ويقول عالم النفس ان دلالة اختيار عقلها الباطن لهذه الأغنية هي انها مازالت تعيش في عهد الطفولة، ولم تدرك ما حدث لها بعد ذلك، ان لها طفلاً، او طفلة، تهيم به، او بها غراماَ!
هدى سلطان
اما هدى سلطان فلا تفتأ، كلما خلت الى نفسها، وفي عزلة من غرف بيتها، او في الحمام، او ترفع عقيرتها بغناء احدى اغنياتها الناجحة، وهي اغنية “كتلوني يا بوي كتلوني”.
ويقول عالم النفس ان اختيارها لاحدى اغنياتها يدل على اعتزازها بنفسها وبفنها، وان اختيارها لهذه الأغنية بالذات يدل على اضطراب مجهول في نفسيتها، وعلى شعورها في بعض الأحيان، بمعنى من معاني الاضطهاد.
ليلى فوزي
وتمثال السينما الشمعي الجميل، ليلى فوزي، تردد في خلواتها، في هذه الايام اغنية “ليه خلتني احبك”.
ويقول الدكتور مظهر ان ليلى، بترديدها هذه الأغنية، تنفس عن بعض ألمها، وتحتج على الظروف التي وضعتها فيها الأقدار، انها تحب، ولكنه حب لا امل فيه، وهي في وضع عاطفي مستحيل.. ولذلك فانها تشعر ببعض الراحة، عندما تقول محتجة على حبيبها الذي تركها، قائلة “ليه خلتني احبك”!
نعيمة عاكف
اما نعيمة عاكف، فلعقلها الباطن اغنيته المفضلة.. انها لا تكف عن الغناء، اثناء وحدتها في بيتها، ولا تغني الا اغنيتها الاثيرة، التي ترتاح اليها، ان نعيمة تغني دائماً “عاجباني وحشته، وحشته عاجباني”.
ويقول عالم النفس ان اختيار نعيمة لهذه الأغنية بالذات يدل على انها تتحدى العالم وتنفذ رغباتها.. يدل على انها تختار لنفسها ما تريد، ولا يختار لها احد ما لا تريد!
عبد الحليم حافظ
ولعبد الحليم حافظ اغنية نفسه المفضلة.. انه لا يردد على “قد الشوق”، ولا يغني “توبه” ولا “كذاب”… بل تراه يردد في رقة وفي حنان انية “حبيتك وباحبك، وحا احبك على طول” للمطرب الشعبي محمد عبد المطلب.
ودلالة هذا، في رأي عالم النفس، هي ان عبد الحليم يفكر في الحب، ولكنه يخشاه.. او انه يحب فعلاً، ولكنه لا يجرؤ على البوح بحبه، ولذلك فهو ينطلق في الحمام معترفاً بحبه الخالد.