في زلزالي تركيا وسوريا التغيير المناخي.. متهم حتى تثبت براءته

374

إعداد وترجمة: آلاء فائق /

أثارت زلازل السادس من شباط الماضي المميتة والمدمرة، التي ما زال وقعها قوياً ومؤلماً على قلوب الكثير من الناس، مخاوف العالم خشية وقوع المزيد منها، وقد تكون عواقبها كارثية على الناس والمباني معاً. وتتصاعد المخاوف بشكل متسارع في الكثير من الدول العربية ودول الشرق الأوسط بعد زلزالي تركيا وسوريا،زلزالان أديا إلى مقتل أكثر من خمسين ألفاً ونزوح عشرات الآلاف من السكان، وألحقا دماراً واسعاً في أجزاء كبيرة من تركيا، التي تعد واحدة من بين أكثر الدول المعرضة للزلازل في العالم.
ذوبان الأنهار الجليدية
تتساءل الصحفية (كاترينا بيلوسوفا)، المهتمة بدراسة التغير المناخي والحفاظ على البيئة والطاقة الخضراء، عن إمكانية أن يكون التغير المناخي سبباً رئيساً في حصول مثل هذه الزلازل العنيفة، مرجحة سبب حصولها بذوبان الأنهار الجليدية في قشرة الأرض، إذ أن التغير المناخي يزيد من توزيع تغيرات الوزن، ما يزيد من احتمالية وقوع مخاطر كـ (تسونامي) وانفجارات بركانية وزلازل.
وبما أن أسباب وقوع زلزالي (الاثنين الأسود) في تركيا وسوريا غير معروفة حالياً، لكن ثمة أدلة علمية متزايدة تبين أن التغير المناخي يزيد المخاطر البيئية كالهزات الأرضية، كما أوضح مستشار الأمم المتحدة وعالم البيئة الأستاذ (إبراهيم أوزدمير) في عمود له في (اليورونيوز)، إذ أوضح أنه بسبب الاحتباس الحراري، يذوب المزيد والمزيد من الأنهار الجليدية، ما يغير توزيع الوزن في قشرة الأرض، ناهيك عن زيادة الزلازل واستيقاظ البراكين، إذ يمكن للتغير المناخي أن يؤثر كذلك على حركة محور الأرض. وشدد أوزدمير على أن “هذه هي النتيجة الخاصة للاحتباس الحراري العالمي، التي تحذرنا من مستقبل مضطرب بشكل زلزالي.”
كما يسلط أوزدمير الضوء على أن الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ والطقس تضاعفت خمسة أضعاف خلال العقود الخمسة الماضية، ما أسفر عن مقتل أكثر من مليوني شخص، 91 بالمئة منهم في البلدان النامية، مشيراً إلى أن هذه الكوارث تزداد سوءاً تدريجياً.
شركات الوقود الأحفوري
كذلك أكد أوزدمير أن شركات الوقود الأحفوري العملاقة مسؤولة -إلى حد كبير- عن حالة الطوارئ المناخية، لكنها تتمتع بحصانة شبه كاملة. ويضيف: “لا تزال مصالح الوقود الأحفوري لها تأثير هائل عبر القطاعات والحدود الدولية، على الرغم من الأدلة المتزايدة على أنها من بين أبرز الأمور المسببة -في نهاية المطاف- للتغير المناخي وحالة الطوارئ المناخية الحالية.” مؤكداً أن المشكلة دورية، إذ يوجد تفضيل طويل الأمد لمصالح شركات الوقود الأحفوري وحلفائها على حساب مصائر الناس ومستقبل الكوكب.
يذكر أن موقع EcoPolitic قد تناول، في وقت سابق، دراسة أجراها اقتصاديون في مختبر (اللامساواة العالمي)، حيث توصلت دراسة عن أغنى 10 بالمئة من سكان العالم، أو ما يسمون بـ (النخبة الملوثة)، او (polluting elite) أنهم يولِّدون نحو نصف انبعاثات الكربون السنوية. وكما ذكر الموقع سابقاً، فإنه في الولايات المتحدة استيقظت حمم بركان هاواي في ولاية (ماونا لوا)، الأكثر نشاطاً، الذي ستكون له عواقب سلبية كبيرة على المناخ والبيئة.
حالة الطوارئ المناخية
لقد دفعتنا حالة الطوارئ المناخية، التي بدأت تتكشف تدريجياً، إلى سماع تنبؤات رهيبة عن: كيف أصبح عالمنا مكاناً غير مستقر وغير صالح للعيش؟ فمن ذوبان الجليد، وارتفاع مناسيب سطح البحار، والظواهر الجوية الشديدة، والفيضانات، والجفاف، كلها تؤدي، ليس فقط لتدمير البيئة، لكنها أيضا ستسفر عن مخاطر صحية عديدة وأزمات في الأمن الغذائي. وكما لو أن ذلك لم يكن كافياً، فإن هناك أدلة علمية متزايدة على أن التغير المناخي قد يلعب أيضاً دوراً في الظواهر الجيولوجية كالزلازل، وأمواج تسونامي، والانفجارات البركانية.
وبينما لا يزال ثمة نقاش حول الحجم الذي قد تصل إليه هذه التأثيرات الثانوية للاحتباس الحراري، يبدو أنه لم يعد هناك أدنى شك في أن الخطر حقيقي ولا مناص منه، ففي بعض الأحيان لا يتطلب الأمر سوى الحد الأدنى من الاضطراب الخارجي لحدوث خطأ لإطلاق حركة زلزالية مدمرة.
تحذيرات علماء المناخ
عندما نشر عالم الجيوفيزياء وخبير المخاطر المناخية (بيل ماكغواير) من جامعة كوليدج في لندن في العام 2012 كتابه الشهير Waking the Giant ، رددت وسائل الإعلام ما تم تقديمه باعتباره استيقاظاً جديداً لتغير المناخ، لكن لم يكن هناك أيضا نقص في ردود الفعل المتشككة: كيف يمكن لعناصر الغلاف الجوي، كالماء أو الهواء، أن تؤثر على الظواهر التكتونية التي تعتمد على الصخور الصلبة؟
صحوة العملاق النائم
حذر ماكغواير من أن العملاق النائم تحت أقدامنا (الأرض)، يحتاج في بعض الأحيان إلى دفعة صغيرة فقط للاستيقاظ على شكل زلازل أو ثوران بركاني أو انهيارات أرضية، وأن الاضطراب الإضافي الضئيل يمكن أن ينتج عن التغيرات المناخية، قائلاً إن “العديد من هذه العمليات تعمل بالتأكيد على نطاقات صغيرة،” يضيف ماكغواير لـموقع OpenMind: “بصفتي زميلاً متخصصاً في الزلازل، تجدني ملزما بالقول: إذا كان الخطأ جاهزا ومستعداً للانفصال، فكل ما هو مطلوب هو ضغطة خفيفة للانطلاق، وإذا كانت الأنظمة مهيأة بشكل حاسم، فإن التغييرات البيئية المرتبطة بالانهيار المناخي السريع والمتسارع يمكن أن تؤدي المهمة بسهولة.”

عن موقعي/ ايكوبولتك
واوبن مايند