قضاء القاسم.. مدينة مهملة تخطِّط لنهوض اقتصادي

1٬433

#خليك_بالبيت

عامر جليل إبراهيم – تصوير: حسين طالب /

عندما تقلِّب في صفحات تاريخ قضاء القاسم، فإنك سوف تقف مدهوشاً من عظمة هذه المدينة الموغلة في القدم، فهي بالآرامية (سورا) أيام البابليين والآشوريين، وهي حي (باخمرا) أثناء حكم الدولة العباسية، ثم مدينة الإمام القاسم بعدها. مدينة فيها من الفسيفساء الاجتماعي ما يحيِّرك، ففيها قادة الإسلاميين ومدارسهم الشهيرة، وفيها أعلام الشيوعيين ومثقفوهم، سكن فيها أشهر التجار اليهود، فيها المدينة وتعقيداتها وفيها الريف ببساطته.
“اذا جئت للسكن في القاسم فصعب أن تتركها وترجع من حيث جئت،” هذا لسان حال الآلاف من البصريين الذين نزحوا إبّان حرب الخليج الأولى من الفيحاء وسكنوا قضاء القاسم.
“مجلة الشبكة العراقية” التقت قائممقام قضاء القاسم السيد (وسام العيساوي) الذي تحدث عن المدينة وتاريخها.
يقول السيد العيساوي: قضاء القاسم من الأقضية التي تتبع محافظة بابل إدارياً، وهو من المدن التي نمت سكانياً بسرعة كبيرة، فعديد نفوسها الآن ما يقارب الـ 215,000 ألف نسمة بعد أن كان نحو 77 ألفاً في عام 1987م.
تقع مدينة القاسم على نهر الفرات، وتبعد 35 كيلومتراً عن مركز المحافظة في الحلة و140 كيلومتراً عن العاصمة بغداد، مساحة القضاء 245,468 ألف دونم. هذا القضاء من الأقضية المهمة في منطقة الفرات الأوسط، تحول إلى قضاء عام 2013م بعد أن كان ناحية تابعة لقضاء الهاشمية. يمتاز بالطابع العشائري الملتزم والمتماسك وتتناغم فيه طبائع أبناء المدينة مع عادات أهل الريف. يحتضن هذا القضاء مرقد الإمام القاسم ابن الإمام موسى الكاظم (ع) فمنّ على أهالي القضاء باسمه وببركاته.

فعاليات متنوعة
يشتهر القضاء بفعالياته المتنوعة والموزعة بين الإنتاج الزراعي والحيواني والتجارة والصناعات الشعبية والسياحة الدينية والآثارية، لكنه لم يغفل العلم فأُسست فيه (جامعة القاسم الخضراء للعلوم الزراعية)، وتشتمل على كليات الطب البيطري والعلوم الزراعية الحديثة، حسب السيد العيساوي الذي استمر قائلاً: اشتُهر القضاء بالمرقد الذي تشرفنا بحمل اسمه؛ مرقد الإمام القاسم ابن الإمام موسى الكاظم (عليهما السلام).
في مدينة القاسم من الأماكن الأثرية ما يقارب الـ 60 موقعاً أثرياً، وعندما تسمع اسم مدينة (سورا) القديمة، فهذا الاسم يعود بك آلاف السنين.
وتل سورا يمتد من مدينة القاسم باتجاه الطليعة ويصل إلى قضاء الهاشمية، في القضاء مرقد لقائد ثورة هو أحمد بن الحسن المثنى ويسمى (أحمر العينين) ومرقد زوجة الإمام علي (ع) أسماء بنت عميس وابنها الإمام المعين وهو على تل سورا، ومرقد زيد بن علي ويبعد عن الإمام القاسم بـ 20 كيلومتراً، ومرقد العلوية خديجة في مركز المدينة وعلى تلّة أثرية عالية، فضلاً عن التلال الأثرية الأخرى.
وتشتهر مدينة القاسم، بل تعجُّ بالحاكة (ويسمى الواحد منهم بالعامية: حايج)، هذه المهنة التي توارثها الأبناء عن آبائهم وأجدادهم وكانت تنتج أشهر انواع “البُسُط”، لكن بمرور الزمن والتغيرات اندثرت هذه الحرفة وأصبحت شبه معدومة بسبب التكلفة والأسعار.
والقضاء عبارة عن منطقة زراعية خصبة لوقوعه على نهر الفرات وفيه مشاريع زراعية ضخمة وبيوت زجاجية، ويشتهر كذلك بتربية المواشي والأبقار وحقول الدواجن.

تطوير مستقبلي
يقول السيد العيساوي: يحتاج هذا القضاء إلى تطوير مستقبلي، فهو من المناطق السياحية المهمة في محافظة بابل إذ يرتاده آلاف الزوار كل شهر، وما يقارب مليوناً ونصف المليون طوال السنة، ونسبة كبيرة من السيّاح هم من دول العالم، ونحن بحاجة إلى تطوير البنى التحتية لاستيعاب هذه الأعداد الكبيرة والمتزايدة وتقديم الخدمات لهم على النحو الذي يليق بسمعة المدينة، ومن أهم هذه المشاريع مشروع الصرف الصحي للمدينة وتعبيد الطرق وبناء المدارس الحديثة.
يكمل: وضمن خططنا المستقبلية بناء فندق سياحي، ومشروع آخر نعوِّل عليه هو ربط محافظة واسط بطريق المرور السريع مع محافظة النجف الذي يمر بمدينة القاسم لينضم طريق القاسم – الشوملي الذي يربط شبكات وسط العراق بأغلب المحافظات، فالنجف سوف يتحول طريقها إلى المرور السريع عن طريق القاسم – الديوانية وكربلاء عن طريق القاسم – ميسان الكوت، كلها سوف تتحول، فضلاً عن الطريق البري الذي يربط العراق بالجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى العتبات المقدسة مروراً بطريق القاسم ليختصر الكثير من الوقت والجهد.

الخدمات
يؤكد السيد قائممقام القضاء: نحن (الحكومة المحلية) نعد سنوياً خطة خاصة بالمدينة والريف حسب الأموال المخصصة لنا، ويعتمد مقدارها على الكثافة السكانية وتخصيصات المحافظة، ومنذ سنة 2012م حتى الآن لم يخصص لنا أي مشروع، هذا العام أعددنا مشاريع لتطوير ما يقارب ثلاثة أرباع شوارع المدينة، وقد صودق عليها بمساعدة الأمانة الخاصة لمرقد الإمام القاسم التي تبنت الموضوع عن طريق رئاسة الوزراء ووزارة التخطيط.

الاحتياجات
يضيف السيد قائممقام قضاء القاسم: إن المشاريع التي تقدم ليست متكاملة، فالمدينة تحتاج إلى مشاريع متكاملة من أرصفة وشوارع وصرف صحي، فضلاً عمّا تحتاجه القطاعات الأخرى كالتعليم والصحة والزراعة والصناعة، كل القطاعات طالها الإهمال، وهذا التطوير بحاجة إلى رؤوس أموال.
أما إيجابياتنا في إدارة القضاء وشؤون سكانه، فمنها انفتاحنا على أي مقترح لاستثمار موارد القضاء، فمن يريد استملاك الأراضي الزراعية فأصحابها مستعدون أن يتعاونوا مع من يريد الاستثمار وتطوير المدينة، وإذا سارت خططنا بالشكل المطلوب فسوف تصبح مدينة القاسم من المدن السياحية الضخمة.
وأهم مشروع خططناه بالاتفاق مع الأمانة الخاصة ومع أهالي المدينة هو توسعة مرقد الإمام القاسم وتحويله إلى منطقة سياحية.
“مجلة الشبكة” استطلعت آراء بعض المواطنين عن أحوال المنطقة، فكان أول المتحدثين هو المواطن (أبو حسين)، صاحب مطعم كباب، يقول: الإمام القاسم له الفضل علينا وأكثر المحال تعتاش على الزيارات المليونية، ونتمنى أن تتحول هذه المدينة إلى مركز سياحي ديني كبير.
أما المواطن الذي التقيناه في قائممقامية القضاء (محمود أحمد كسار) فيقول: المنطقة فقيرة وتفتقر إلى الخدمات في الصحة والتعليم وتعبيد الشوارع، ولولا وجود مرقد هذا الإمام وبركاته لكانت مدينة القاسم مدينة أشباح، نتمنى أن تلتفت الحكومة إلى هذه المدينة المهمة، ونحن نجهل حتى الآن أسباب عدم تحويلها إلى مدينة سياحية دينية بالرغم من وجود مرقد الإمام القاسم ابن الإمام موسى الكاظم (ع) وأخي الإمام الرضا (ع).

النسخة الألكترونية من العدد 363

“أون لآين -6-”