كارثة جيلية في التعليم تواجه دول العالم

442

رادينا جيجوفا وجاكلين هوارد، CNN – ترجمة: آلاء فائق /

اضطرت معظم حكومات العالم لإغلاق مؤسساتها التعليمية في العام الحالي ولو بشكل مؤقت، بمسعى منها للحد من تفشي جائحة كوفيد – 19، لكن هذا الإغلاق المؤقت هزّ عرش المؤسسات التعليمية ومستوى التعليم في جميع دول العالم.
كان التحذير الذي أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش المتمثّل في مواجهة العالم لـ”كارثة جيلية” واقعياً بسبب إغلاق أغلب مدارس العالم خلال فترة الجائحة.
وأعطى جوتيريش أولوية قصوى لضرورة إعادة الطلاب إلى المدارس وضرورة ممارسة المؤسسات التعليمية لدورها الطبيعي بتحريك عجلة التعليم بأمان بمجرد السيطرة على فيروس كوروناCovid-19، مشيرا إلى أنّ العام الحالي شهد إغلاق المدارس في أكثر من 160 دولة، مما أثر في أكثر من مليار طالب، في حين أن ما لا يقل عن 40 مليون طفل في جميع أنحاء العالم فقدوا تعليمهم هذا العام، حتى قبل حلول الوضع المدرسي الحرج.
آثار جانبية
يقول الأمين العام: “لقد واجهنا بالفعل أزمة تعلّم قبل الوباء”، مضيفا “نحن الآن نواجه كارثة جيلية يمكن أن تهدر إمكانات بشرية لا توصف، وتقوّض عقوداً من التقدم، وتزيد من التفاوتات الراسخة”.
وحذّر من مغبة الآثار الجانبية للجائحة على تغذية الأطفال، والمساواة بين الجنسين، من بين أمور أخرى مقلقة للغاية.
حملة “أنقذ مستقبلنا”
قال جوتيريس في رسالة فيديو أثناء إطلاقه حملة “أنقذ مستقبلنا” مع شركاء التعليم ووكالات الأمم المتحدة: “لقد أدت جائحة كوفيد -19 إلى أكبر اضطراب في حقل التعليم على الإطلاق”.
تدعو حملة “أنقذ مستقبلنا” إلى اتخاذ إجراءات فاعلة لإعادة فتح المدارس، وإعطاء الأولوية للتعليم في قرارات التمويل، ومدّ يد العون لأولئك الذين يصعب الوصول إليهم، والتركيز على طرق التدريس الإبداعية والمبتكرة.
التعليم يئن
يوضح جوتيريس: “رغم عدم إنكارنا للجهود المبذولة لإيصال الدروس عبر التلفزيون والإذاعة والإنترنت مضافاً اليها الجهود المثلى للمعلمين وأولياء الأمور، لكن لا يزال العديد من الطلاب بمنأى عن عجلة التعليم”.
حذر جوتيريش من أن المتعلمين ذوي الإعاقة، وأولئك الذين ينتمون إلى الأقليات أو المجتمعات المحرومة، والطلاب النازحين واللاجئين، وأولئك الذين يعيشون بالمناطق النائية هم الأكثر عرضة للتخلف عن الركب، مضيفا “حتى بالنسبة لأولئك الذين يمكنهم الوصول إلى التعليم عن بعد، فإن النجاح يعتمد على ظروفهم المعيشية”. “الآباء، لا سيما النساء اضطروا لتحمل أعباء الرعاية الثقيلة داخل المنزل”.
المفتاح الذهبي
من جهة أخرى، تشير دراستان جديدتان إلى أن اختبار كوفيد – 19 وتتبع مخالطي المرضى أو ما يعرف بـ”Contact Tracing” هو المفتاح الذهبي لإعادة فتح المدارس بأمان.
يذكر أن أكثر من 250 مليون طفل بسن الدراسة كانوا خارج المدارس قبل تفشي كورونا، ولم يترك سوى ربع أطفال المدارس الثانوية في البلدان النامية مدارسهم بمهاراتهم الأساسية.
وتتصارع البلدان بجميع أنحاء العالم الآن بشأن كيفية إعادة فتح المدارس بأمان وسط جائحة الفيروس التاجي وما إذا كان يجب إعادة فتحها على الإطلاق.
مؤخراً، سلطت دراستان جديدتان، تم إصدارهما بمجلة The Lancet Child & Adolescent Health الضوء على الاستراتيجيات التي يمكن أن تكون أساسية في إعادة الأطفال إلى الفصل الدراسي مع اختبارات موسعة للحالات وتتبّع فعّال للمخالطين لأولئك الذين ثبتت إصابتهم فعلا، وعزل أولئك الذين ثبتت إصابتهم أو ظهرت عليهم الأعراض.
وجد باحثون في بريطانيا أنّه يمكن إعادة فتح المدارس بأمان، شريطة أن يكون هناك تتبع كافٍ للمخالطين.
الهدف من تتبع الاتصالات
وجد فريق في أستراليا أنّه على الرغم من أن المدارس ظلت مفتوحة في نيو ساوث ويلز بين أواخر يناير وأوائل أبريل الماضي، إلا أن الأطفال والمعلمين لم يسهموا بشكل كبير في تفشي فيروس كورونا، لأنَّ استراتيجيات تتبع ومراقبة الاتصالات الاجتماعية كانت فعالة.
تستخدم الدراسة البريطانية نموذجاً لتقدير مقدار الاختبارات وتتبع الاتصال التي ستكون مطلوبة لمنع موجة ثانية من Covid-19 بعد إعادة فتح المدارس في سبتمبر الماضي. تشير الدراسة إلى أنه اعتماداً على السيناريو، سيحتاج ما بين 59 -87 بالمئة من الأشخاص الذين تظهر عليهم الأعراض في المجتمع إلى إجراء اختبار في مرحلة ما أثناء الإصابة، وسيحتاجون إلى تتبع جهات الاتصال الخاصة بهم وسيحتاج المصابون بالمرض إلى عزلهم من أجل منع انتشار الوباء.
ذروة وبائية ثانية
لكن حذّر الباحثون من أنه “بدون تغطية كافية لاستراتيجية عزل التتبع والتباعد الاجتماعي، فإنّ المملكة المتحدة تخاطر بحدوث ذروة وبائية ثانية “خطيرة” في ديسمبر أو فبراير المقبلين.
وأضاف جوتيريس “نحن في لحظة حاسمة بالنسبة لأطفال وشباب العالم”، “القرارات التي تتخذها الحكومات والشركاء الآن سيكون لها تأثير دائم في مئات الملايين من الشباب، وعلى آفاق التنمية للبلدان لعقود قادمة.”
وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة “لدينا فرصة للأجيال لإعادة تصور التعليم”. “يمكننا أن نقفز نحو أنظمة استشرافية تقدم تعليماً جيداً للجميع”.