كردستان تستعد له وترفع قيود الاحتفال..نوروز..الأساطير والحكايات

351

ضحى مجيد سعيد/

لطالما كان عيد النوروز مغموراً بالأساطير والحكايات الخيالية القديمة. وبغض النظر عن اختلافها وتشابهها، فإن الثابت فيها هو أن عيد النوروز يمثل فترة قدوم الربيع، أو بدايته على وجه التحديد.
وفي ظل تخفيف قيود كورونا في أغلب بلدان العالم وانحسار عدد الإصابات في العراق، من المتوقع أن تعود احتفالات أعياد النوروز هذا العام في كردستان العراق إلى سابق عهدها. وباختلاف الآراء عن أبعاد هذه المناسبة والدول التي تحتفل بها، فإن طقوس الاحتفال تكاد تتشابه بين أكراد العراق وبعض الدول الأخرى التي تحتفل بهذه المناسبة.
في الغالب، فإن الاحتفالات تستمر على مدار أسبوعين في شمال العراق، أبرز ما فيها زيارات الأقارب والتنزه والسفر وتناول الأطعمة التقليدية، ولا يُعرف –بالضبط- إلى أي زمن يعود الاحتفال بالنوروز، لكن التقديرات الحالية تُشير إلى أن عمره لا يقل عن ثلاثة آلاف سنة، ومع ذلك، لم تذكر كتب التاريخ بشكل دقيق الكثير عن نشأته وتفاصيله.
طقوس تتطور
على مر القرون، تطورت هذه الطقوس البدائية القديمة بمناسبة النوروز وتوسعت، لتتنوع الاحتفالات تدريجياً وتصبح ذات تأثيرات اجتماعية وثقافية أكبر. في إقليم كردستان العراق، ربما يقتصر الاحتفال بهذه المناسبة على الأكراد في الغالب، إذ كانت -ولا تزال- إحدى المناسبات المهمة لدى أكراد العراق، فمع يوم عيد النوروز تنطلق أغلب الأسر إلى سفوح الجبال والحدائق في رحلات جماعية.
يقول أحمد إبراهيم الخيلاني، البالغ من العمر 54 عاماً: “عادةً ما تستعد العائلات الكردية مع بداية شهر آذار من كل عام، باستثناء العامين الماضيين، بسبب جائحة كورونا، للاحتفال بأعياد النوروز.” وأوضح الخيلاني أن “مناسبة عيد النوروز تمثل فرحة كبيرة للاحتفال بقدوم الربيع، ولا يقتصر الأمر على الربيع فقط، بل إن تجمع العائلات والأقارب في هذه المناسبة على مدار ساعات النهار كان يسهم في تعزيز الأواصر بين الأسر، ناهيك عن تأثيراته في الترويح عن النفس.” يشير الخيلاني أيضاً الى وجود مناسبات أخرى خلال هذا الشهر، منها عيد المرأة وعيد الأم، بالإضافة إلى 21 من آذار.
يتابع أحمد الخيلاني أن “إحياء هذه المناسبة السنوية يتضمن فعاليات تتخللها طقوس وعادات وتقاليد، ولاسيما أن هذا الشهر من العام يعتبره الأكراد رأس السنة الجديدة بالنسبة إليهم.”
ويضيف الخيلاني أن “هناك مهرجانات تنظمها جهات رسمية ومجتمعية هنا في أربيل للعائلات الكردية احتفاءً بهذه المناسبة.” لافتاً إلى أن أبرز الطقوس هو إيقاد شعلة النوروز، فضلاً عن الذهاب في رحلات إلى سفوح الجبال، و”عادة ما نذهب مع العائلة عشية ليلة ٢١ من آذار لإحياء المناسبة مع حمل المشاعل المغمورة بالزيت لكي نوقد النيران هناك، حيث الاشتعال الأكبر. في صباح اليوم التالي نذهب باكراً خارج المدن إلى سفوح الجبال في رحلات جماعية مع الأهل والأقرباء والأصدقاء للاحتفاء بالطبيعة وموسم الربيع، ونحن نتمتع بجماله الطاغي في جبال كردستان ومناظره الخلابة.” وأضاف “نتبادل التهاني والتبريكات والأمنيات بقدوم العام الجديد.” واستدرك قائلاً إن “من طقوس الاحتفال بعيد النوروز، ارتداء الأزياء التقليدية للشعب الكردي، إذ يرتدي الرجال والنساء والأطفال الملابس الكردية.”
وفي سؤال عن لون الزي الذي يختارونه، يقول إنه اللون الأخضر التقليدي، ومن ضمن الطقوس تبادل الزهور والثمار المتنوعة، ونعدها نقطة تفاؤل ببركة العام. وفي سؤال عن أبرز المناطق التي يكون فيها الاحتفال، يقول الخيلاني إن “هناك مناطق عدة، لكن الغالبية يذهبون إلى مدينة عقرة (واحد من أقضية محافظة دهوك شمالي البلاد)، لأن لها خصوصية بسبب موقعها الجغرافي، وعادة ما تكون المكان الأكثر اكتظاظًاً بالمحتفلين، حيث يلتقي القادمون من قضاء ميركه سور شمالاً مع القادمين من محافظة نينوى، مع القادمين من محافظة أربيل، فضلاً عن القادمين من قضاء الشيخان. كذلك فإن قضاء عقرة من المدن التاريخية الواقعة على منحدر جبلي، إذ تطل على وادٍ مليء بأشجار الفواكه المختلفة والمتنوعة لهذا يشكل موقعها منظراً فريداً من نوعه.”
تحضيرات مبكرة
فيما تقول كجال لطيف محمد (48 عاماً): “بدأنا بالتحضيرات منذ بداية هذا الشهر، إذ قمنا بشراء الملابس الكردية والأكسسوارات وهيأنا المواد الأساسية للمائدة واحتياجات الرحلة مع الأقارب، وعادة ما نقوم بهذه الاستعدادات قبل مدة، لأن الأسواق خلال العيد تكون مغلقة.” تضيف كجال: “ربما نطيل الرحلة الى ثلاثة أيام، وأبرز ما نحتاجه الخيمة والوقود والمنقلة والفحم، بالإضافة إلى ذلك نقوم بتحضير الأكلات العراقية المعروفة مثل الدولمة والبرياني والشيخ محشي والسمك والمشاوي والكليجة، وغيرها من الأكلات الكردية، بالإضافة إلى الحلويات والمكسرات والفواكه لتزيين المائدة.”
كما تؤكد كجال على أن الكرد ينتظرون هذا الشهر من عام إلى عام، ولاسيما أنه يجمع أعياداً عدة. أردفت قائلة إن “أبرز ما يميز أعياد النوروز نحن النساء والأطفال على وجه الخصوص، إذ نضفي طابعاً جميلاً على عيد النوروز بارتدائنا الثياب الملونة والمزركشة المستمدة من ألوان زهور الطبيعة، بالإضافة إلى الأكسسوارات المستوحاة من التراث، وتستغرق الاستعدادات للاحتفال بهذه المناسبة عادة من خمسة عشر يوماً إلى شهر، بدءاً من اختيار ألوان الملابس إلى تجهيزها وخياطتها.”
عيد النوروز لا يقتصر على الشعب الكردي فقط، بل يشمل قوميات وبلداناً عديدة، مثل إيران وتركمانستان وطاجيكستان وأوزبكستان وقرغيزستان وكازاخستان ومقدونيا وجنوب القوقاز والقرم ومنطقة البلقان وكشمير وكوجارات وشمال غرب الصين، وغيرها من الأقوام في غربي آسيا.
ومع الاستعدادات للاحتفال بهذه المناسبة، تركز أمنيات أكراد العراق على أن يعم الأمن والسلام ربوع العراق من شماله إلى جنوبه.