
كيف يحتفل المسلمون برمضــــــــان حــــــــــول العالم؟
ترجمة: آلاء فائق /
يُعد شهر رمضان المبارك مزيجاً قوياً من الإيمان والثقافة والتاريخ، ويتجسد ذلك من خلال تقاليده في جميع أنحاء العالم. ففي كل عام، تمارس المجتمعات المسلمة في جميع أنحاء العالم مبادئ الامتناع عن الطعام خلال هذا الشهر الفضيل.
هنا نلقي نظرة على بعض تقاليد رمضان الرائعة حول العالم.
قد تجد أوجه تشابه في كيفية ممارسة تقاليد شهر رمضان بجميع أنحاء العالم. وفي حين تظل بعض المفاهيم كما هي، إلا أن هناك اختلافات دقيقة في الطقوس المرتبطة به وفقاً لطبيعة المجتمعات.
لعبة المحيبس في العراق
لقد ظل بعض هذه العادات الرمضانية حياً على مر الأجيال. ورسوخ هذه العادات والتقاليد في رمضان هي سمات يمكن التعرف عليها في المجتمعات الإسلامية المختلفة بجميع أنحاء العالم.
تزدان مقاهي العراق طيلة العام، ولاسيما المقاهي الشعبية، بالعديد من الألعاب المسلية كلعبة الشطرنج، والدومينو، والطاولي، وغيرها. أما في ليالي رمضان فتشهد مقاهٍ عدة، وأحياء شعبية، لعبة الصينية، أو المحيبس، اللعبة الأكثر شهرة في العراق، حيث يتجمع الرجال بعد الإفطار للمشاركة فيها، تتكون اللعبة من مجموعتين، كل فريق يضم عشرات اللاعبين، وتتناوب الفرق على إخفاء الخاتم. تبدأ اللعبة بقائد مجموعة يمرر الخاتم بتكتم لأحد أعضاء فريقه. يجلس أعضاء الفريق على الأرض وقبضاتهم مشدودة في أحضانهم. يجب على الفريق الآخر تخمين أي من المشاركين لديه الخاتم، هذه اللعبة الخادعة بسيطة، ولكنها مثيرة للاهتمام، وقد جرى تناقلها عبر الأجيال.
حق الليلة في الإمارات
يبدأ الاحتفال التقليدي في شهر رمضان بالإمارات بحق الليلة. ويبدأ هذا الاحتفال بقدوم الشهر الفضيل عشية الـ15 من شعبان، والغرض منه هو نشر الوعي بين الناس والأطفال حول أهمية شهر رمضان. على مر السنين، أصبح هذا التقليد من أكثر تقاليد الشهر الفضيل ممارسة، حيث يخرج أطفال الحي إلى الشوارع مرتدين ملابس مبهجة، يجوبون الأحياء حاملين أكياساً قماشية يجمعون فيها الحلويات والمكسرات التي يقدمها لهم الأهالي بكرم، ويرددون أغنية فلكورية “أعطونا الله يعطيكم، وبيت مكة نوديكم.”
ومن التقاليد المثيرة للاهتمام الأخرى مدافع رمضان، التي تحدد مواعيد السحور والإفطار يومياً.
التطهر بالمياه في إندونيسيا
من أكثر اللحظات التي ينتظرها مسلمو إندونيسيا هو قدوم شهر رمضان، الذي يتميز بالطهارة الجسدية والروحية، لذلك من الضروري استقباله بالتطهر، لتشعر مختلف مستويات المجتمع الإندونيسي بنشوة رمضان.
يقوم الشعب الجاوي، ولاسيما وسط جاوة، بتطهير أنفسهم للترحيب بالشهر. يطلقون عليه (بادوسان)، وهي كلمة مشتقة من (أدوس)، التي تعني الاغتسال. بادوسان هي طقوس متوارثة من الأجداد لتطهير النفس جسدياً وعقلياً، وعادة ما يقوم الشعب الجاوي بأداء بادوسان قبل يوم واحد من بدء شهر رمضان.
تجري عملية أداء هذا البادوسان عن طريق النقع أو الاستحمام بمصدر مائي من الظهر حتى المساء. بدأ التاريخ المبكر لظهور تقليد البادوسان في عصر مملكة (ماجاباهيت) حيث كان (كساتريا) و(براهمانا) و(إمبو) يؤدون طقوس التطهير الذاتي بشكل روتيني. يجمع هذا التقليد بين عناصر الثقافات الهندوسية والبوذية والروحانية التي تطورت منذ فترة طويلة في جزيرة جاوة. ثم أصبح البادوسان جزءاً من التقليد الجاوي الذي تأقلم مع التعاليم الإسلامية من قبل والي (سونغو). بمرور الوقت، يستمر تقليد البادوسان في التطور ويصبح جزءاً مهماً من التراث الثقافي الإندونيسي الذي يحافظ عليه الشعب الجاوي. للبادوسان معنى عميق في الأساس، وهو وسيلة للتأمل الذاتي فيما يتعلق بالأخطاء التي ارتكبت في الماضي.
كأس (الزريك) في موريتانيا
طقوس رمضان في موريتانيا بسيطة جداً، فالموريتاني يبتهل بهذا الشهر روحانياً، ليست لهم أية تقاليد خاصة برمضان، ولا توجد مبالغة في الاحتفال به واستقباله. فهو شهر العبادة، يحيون نهاره بالصيام وليله بالقيام، باستثناء ليلة الـ27، حين يقومون ببعض الزيارات للأقارب. في وقت الإفطار يفطر الموريتانيون بتناول التمر والشاي الموريتاني وكأس من (الزريك)، وهو مزيج من الحليب والماء، ويأتي الأكل لاحقاً بعد أداء صلاة التراويح، وهذا من عاداتهم التراثية، التي قد تغيرت اليوم عند بعضهم.