للحب أساليب قذرة..!

478

رجاء خضير /

هل رأيت إنساناً يجمع بين الحب والحكمة؟ شتات مصدرهما، تائه أنت بينهما, لا تستدلُ الطريق وكلما اعتقدت أنك وصلت نهاية الطريق, تجد أنك في أوله!!
قصت (د) حكايتها التي أوصلتها الى هذا المطاف فقالت: تعرفتُ عليه في أحد معاهد التقوية للطلبة, ولأني كنت متفوقة في دروسي، كان أكثر الطلاب يحتاجون إلى مساعدتي في الدروس.
هو من بين الجميع لفت انتباهي, بل وسيطر على تفكيري بمرور الأيام التي تسارعت من أجل كتابة قصة حب من طرف واحد (أنا) في بداية الأمر, ثم أعلن حبهُ لي بعد ذلك.. وهكذا نسجت خيوط المحبة حولنا بيتاً ليضم أحلامنا وأمانينا.
تخرجنا في الإعدادية وحصلتُ على معدل عال يؤهلني لدخول أرقى الكليات، أما هو فبالكاد نجح وبمعدل ضعيف جداً, لذا ذهب الى إحدى الكليات الأهلية، وقد حاول معي أن أترك الكلية التي قُبلت فيها لألتحق بالكلية التي هو فيها.
واقترحتُ على أهلي ذلك الأمر بحجة أن أجدُ تعييناً في إحدى الدوائر، رفضوا وثاروا واتهموني بالجنون، اذ كيف أضحي بأرقى الجامعات التي هي حلم كل الشباب وأذهب الى مستوى أدنى..
وهنا أقسم والدي إن نفذتُ الأمر فسيحرمني من الدراسة بكل أنواعها..
قصصتُ لحبيبي ما حدث لي مع أهلي! صمت ولم يقل شيئاً..
وأضافت (د):
بدأت الدراسة في الجامعة التي قبلتُ فيها، ولاحظتُ أن حبيبي -وبمرور الأيام- قلل الاتصال بي والسؤال عني, الى أن اصبحتُ أنا فقط التي أتصل وأسأل, وفي كل مرة يختلقُ عذراً لعدم التواصل معي، الأمر الذي لاحظتهُ شقيقتي الكبيرة التي تعرف قصتنا منذ بدايتها، وسألتني عن عدم ارتياحي من ناحيته وما سبب حيرتي!!
أجبتها بأنني لا أعرف حقيقة ما أمرُّ به، هل هو يحبني، أم ضاع حبه لي في الطرقات المتباعدة بيننا!! لذا صممت أختي أن تزوره في الكلية لتتحدث معه بصراحة..
ذهبت أختي الى هناك فرأتهُ جالساً مع إحدى الفتيات الجميلات, ومن كيفية الجلسة حصلت أختي على أجوبة كثيرة شغلتنا كثيراً، ارتبك حبيبي عند رؤية أختي ووقف ليعرفها على منْ كانت بقربه بالقول: (هذه ابنة عمي وقد قُبلت في هذه الكلية)، لم تدعه أختي يكمل حديثة، عادت الى البيت وتحدثت معي بصراحة, أن أتركه وألتفت إلى دراستي ومستقبلي، ووصفت حبيبي بالجحود ونكران حبي له.
قلتُ لها إني لا أستطيع نسيانه، فهو حبي الأول، قد تكون هذه ابنة عمه فقط، ولأنه من المحافظات الجنوبية قد يجد نفسه ملزماً برعايتها والاهتمام بها, وهذا ما أكده لي في أحد اتصالاتي به..
لكن ثمة أمراً غريباً طرأ على علاقتنا, فقد بدأ يطلبُ مني مساعدات مادية ريثما تأتي مساعدة أهله التي ينتظرها, وبدون علم أختي ساعدتهُ كثيراً، وليست مرة واحدة، بل تكررت مرات عدة، وتحدثت مع نفسي أنه يعرف جيداً مستوى عائلتي المادية لذا بدأ يطلب, لم يكن خطؤه فقط، بل خطئي ايضاً, فلم أسأله يوماً اين يذهب بهذه المبالغ خشية أن يتركني، ولم أعرف وقتها مصير هذه المساعدات، الى أن اكتشفت يوماً –وبالصدفة- سر هذه الطلبات، إذ سمعتُ في إحدى المحادثات الهاتفية صوتاً نسائياً بقربه يحثهُ بأن يطلب مني المزيد، تجاهلتُ الأمر, لكن وقبل إغلاق الهاتف طلب مني مبلغاً خيالياً, أجبتهُ مباشرة أنني لا أستطيع توفير مثل هذا المبلغ، لكنه أكد لي بأنه في حاجة للمبلغ لإجراء عملية له.
صمتت (د) ثم قالت: وقررتُ إبلاغه بما سمعتهُ!! وترددتُ في قول الأمر.
ومن حيائي وخوفي عليه، لئلا يكون مريضاً أو يحتاج الى عملية سريعة، وعدته أن أعطيه ما أستطيع تدبيرهُ من مال.
شكرني, وكالعادة وعدني بإعادة المبلغ دون صدقٍ في هذه الوعود, وخلسة عن أهلي، ذهبت الى المستشفى الذي سيجري فيه العملية وأنا قلقه عليه وخائفة، سألت في الاستعلامات عنه, لم أحصل على ردٍ واضح، بل قالت إحدى الممرضات: (دخلت مريضة تدعى (أ) واسمها الثلاثي يطابق الاسم الذي تسألين عنه)!!
تجرأتُ وذهبت الى الغرفة التي ترقد فيها هذه المريضة ومن فتحة الباب الصغيرة, شاهدته واقفاً بقرب المريضة يقبل رأسها وبصوته العالي سمعته يقول: لا تقلقي فالتي تحبني ثرية وتعطيني كل ما أريد!!
غلت الدماء في عروقي وحاولت كبح جماح هذه الثورة، إلا أن صبري نفد وقتها، دفعتُ الباب ودخلتُ ليفاجأ، حاول شرح موقفه و.. وحاول.
سألتها هي: ما نوع العملية التي ستجرينها قالت ببرود إنها عملية تجميل لأنفي.
التفتُّ اليه والشرر يتطاير من عيني: أهذه العملية الخطيرة التي تحتاجها أنت؟
وأين مصير المبالغ التي أخذتها مني بطريق الكذب والاحتيال؟
لقد جعلتني وسيلة للوصول الى هدفك, هذه ابنة عمك كما تدعي. وهنا أحسستُ أن يداً تطوقني من الخلف وتشد شعري لترميني أرضاً وهو يتفرج بلا حراك, دفعتها عني ووقفت ولا أدري كيف امتدت يدي الى أجهزة طبية قريبة من سريرها لأمسك بمشرط كان بينها, وغرستهُ في صدرها لتقع أرضاً.. صرخ بي وتجمعت الممرضات، وبين هذه الضجة هربتُ وعدت الى البيت, لأعترف لأختي بكل شيء!
صرخت أختي بوجهي ووجهت لي اللّوم على عدم أخذ رأيها في كل ما جرى لي، ونحن نتحدث طرقت الشرطة الباب لتطلبني وتقتادني وسط ذهول ودهشة أهلي جميعهم!!
هي لم تمت، وقد عرفنا أن أهل حبيبي وأهلها يطلبون منا المال من أجل سحب القضية من الشرطة!! هل تصدقون أن أحلامي وخيوط حبي كانت أوهن من خيوط العنكبوت..؟
وما زالت المحادثات بين أهله وأهلي حول المبلغ الذي سندفعه لهم,
أتمنى على الشابات أن يقرأن قصتي ويتعظن مما مر بي..