لننشر عدوى الوعي الاجتماعي

668

#خليك_بالبيت

أنسام الشالجي /

في حوار تلفزيوني، أكد ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق، د. ابراهيم أدهم، أن التصدي لارتفاع منحنى الإصابات بكورونا في موجته الثانية في العراق يتوقف على وعي المواطن.
لاحظنا جمبعا ارتفاع نسبة الإصابات مع ارتفاع نسبة الوفيات بعد أن كان العراق يبدو مسيطراً على انتشار الوباء، مع الإشارة الدائمة إلى أن البنية التحتية الصحية ليست كما نتمنى.. لست بصدد كتابة مادة صحية أو تقرير خبري،. إنما سأستمر في كتابة مادة ضمن سلسلة (أسلوب حياة). وكما قلنا سابقا، فإن كل تصرف متعودين عليه يصبح أسلوب حياتنا ونؤثر على غيرنا، في الأقل المقربون منا سلباً أو إيجاباً..
الطوفان
تحت عنوان الوعي فروع عديدة من بينها الوعي الاجتماعي والقومي والوطني والصحي والدراسي والشخصي، ومؤخراً الوعي الإلكتروني.. سنتحدث هنا عن الوعي الاجتماعي الذي وجوده يجعل من مجتمع ما صحياً، بمعنى أنه مجتمع سليم تربط أفراده العلاقات الجيدة بعيدين عن الأنانية، أي أنه مجتمع ممتلئ بالطاقات الإيجابية وفقدانه يحوِّل هذا المجتمع إلى أفراد لا يحسنون التصرف وشعارهم قد يكون (أنا ومن بعدي الطوفان).
ما هو الوعي؟
تعرف موسوعة ويكيبيديا الوعي الاجتماعي بأنه الوعي بالمشكلات المختلفة التي تواجهها المجتمعات والتجمعات بصفة يومية. والوعي هو نتيجة للتفاعل بين أنفسنا وعالمنا المادي المحيط بنا، وهو يلعب دوراً مهماً في التطور الاجتماعي سواء أكان هذا الدور إيجابياً أم سلبياً.
ومن خلال دراساتي، لمست ما تطرحه الدراسات من أن أولى بذور الوعي يزرعها الوالدان ومن ثم يأتي دور المدرسة، الابتدائية خاصة، والمجتمع. ونتفق جميعا على أن المشاكل الاجتماعية التي واجهها العراق، بسبب الحروب والحصار والفوضى، تسببت في ارتفاع أعداد المتسيبين من المدارس وانشغال معيل الأسرة بالبحث عن قوت عائلته. وبين هذه العوائل، تكون المرأة أو الأم غالباً هي المعيل. إذاً من أين يكسب الطفل وعيه الاجتماعي؟ سيكون الجواب الأسهل هو الإعلام.. قد يكون الجواب صحيحاً لكنه ليس الجواب كله، إنما يكسبه من البنى التحتية المتوفرة التي تقف سداً يحول دون انتشار الشائعات والأفكار السيئة..
العدوى
كما أن الفيروس يعدي، فإننا اتفقنا أن الطاقة الإيجابية تعدي أيضاً، وبهذا المعنى فإن للوعي عدوى وكذلك للوقاية عدوى.
إن قلة وعي أحدهم تجعله ينشر بين أهله ومعارفه أن كورونا مؤامرة اقتصادية، وشاهدنا في مواقع التواصل الاجتماعي من يدافع عن هذه الفكرة السيئة قائلاً إنه لم يشاهد مصاباً سواء من أقربائه أو جيرانه، وأصبح تمرده على التوجيهات الصحية والتباعد الاجتماعي أسلوب حياته الجديد وأصاب غيره أيضاً.
ما العمل ؟
قطعاً ليس في مقدور المنظمات المعنية أن تنظم ورشات عمل للتدريب على اكتساب الوعي الاجتماعي، ليس بسبب حظر التجوال فقط، إنما بسبب التباعد الاجتماعي كذلك. الدور لوسائل الإعلام المختلفة، ليس فقط في عرض الآلاف من السپوتات عن مخاطر عدم الالتزام بالتوجيهات الصحية، إنما إقامة ورش عمل تلفزيونية، أن يكون المدرب على الشاشة ومن يشاهده يطبق ما يراه مع أفراد عائلته، وستكون الورشة أكثر تأثيراً إذا كان تفاعلياً، أي الاتصالات، سواء هاتفياً أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. إن شخصاً واحداً يتدرب على كيفية رفع الوعي الاجتماعي ويتصرف بما اكتسبه سيؤثر على المحيطين به، وينتقل هذا التأثير من خلالهم إلى الجيران، ومن خلالهم إلى المنطقة كلها..
الصدمة
ولنشر الوعي الاجتماعي، والذي يشكل أساس الوعي الصحي، تفيد الصدمة. وفي وضع كورونا، الصدمة تكون في نشر ما يعانيه المصابون بالفيروس من متاعب صحية، ليس في العراق وحده، إنما حتى في الدول التي تتميز بأنظمة صحية متطورة، ولاسيما في ظل عدم التوصل إلى لقاح او علاج ناجع حتى الآن. في الأوضاع الاعتيادية فإن الحديث عن الأمراض المُعدِية وغيرها قد يؤدي إلى طاقة سلبية، لكنه مع كورونا سيحوِّل الطاقة السلبية إلى إيجابية لبديهية نؤمن بها جميعاً هي أن الإنسان يحب الحياة. كذلك بين فترة وأخرى، بث تقرير مصور قصير عن مواقع الدفن البعيدة عن المقابر العائلية، وهذا لوحده يشكل رعباً، التفكير بأن لا قريب أو صديق سيزوره في قبره يوماً. وللرحيل دون وداع قصة وجع أخرى، كلها تفيد في سپوتات قصيرة صادمة تتسبب في القضاء على الشائعات.
وأخيراً
أكرر قولي إن للوعي عدوى تنتقل أحياناً أسرع من الفيروس..لم نتأخر كثيراً، بخطط وأفكار بسيطة نستطيع أن نجعل من الوعي الاجتماعي أسلوب حياة نحافظ من خلاله على صحتنا وصحة القريبين منا، وإن أنقذت نفسك فالطوفان سيخطف من تحب، وكونوا بخير دائماً.

النسخة الألكترونية من العدد 361

“أون لآين -4-”