ما الحكمة من تنحّي مؤسس Amazon؟

496

رفاه حسن /

” بصفتي رئيساً تنفيذياً، سأظل منخرطاً في مبادرات أمازون المهمة، لكن سيكون لدي أيضاً الوقت والطاقة اللذان أحتاجهما للتركيز على صندوق اليوم الأول، وصندوق بيزوس إيرث، وشركة استكشاف الفضاء Blue Origin وصحيفة الواشنطن بوست، والأشياء الأخرى التي أنا شغوف بها”.
“من رسالة تنحي جيف بيزوس”

فوجئ العالم مطلع شهر شباط/ فبراير الجاري بقرار التنحي الذي أعلنه (جيف بيزوس)، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون، لكن هذه الاستقالة لم تكن هي الأولى التي صدمت العالم في السنوات الأخيرة، إذ قدم بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت استقالته في الربع الاول من سنة 2020 وقد برر ذلك برغبته في التفرغ للأعمال الخيرية.
بالعودة إلى (جيف بيزوس)، فقد عزا سبب التنحي إلى رغبته في تخصيص المزيد من الوقت للعمل على شغفِهِ القديم في استكشاف الفضاء عبر شركته Blue Origin فضلاً عن رغبته في التركيز على صحيفة الواشنطن بوست التي اشتراها سنة 2013 كما أوضح في رسالة التنحي الخاصة به.
مَنْ جيف بيزوس؟
لقد كان بيزوس أول من استشرف المستقبل وعرف أن التوسع في استخدام تكنولوجيا الاتصالات وشبكات الإنترنت سيؤدي في النهاية إلى هذا التطور الكبير في خدمات البيع حول العالم، ولقد رأى مستقبل المحال والمتاجر وأهمية مواكبتها التطور الآتي لا محالة. ومن هذا المنطلق أسس بيزوس شركة Amazon عام 1994، وقد كانت البداية تتمثل في موقع بسيط لبيع الكتب المستعملة، وكان الرأي الشائع عن الشركة في الأوساط التجارية أنها فاشلة منذ البداية وأنها ستنهار ولن تصمد طويلاً أمام المنافسين، لكن الشركة ومؤسسها أثبتا عكس ذلك تماماً، إذ حققت الشركة أرباحاً ممتازة في سنتها الأولى بحصولها على طلبيات من 50 ولاية أميركية و45 دولة حول العالم، ثم في غضون خمس سنوات أُدرجت أسهم الشركة في سوق المال، وبحلول عام 1997 حققت الشركة أرباحاً تقدر بـ 54 مليون دولار. وانتقل بيزوس بعد ذلك من صاحب موقع بسيط لبيع الكتب المستعملة إلى واحد من أغنياء العالم، وها قد صُنف بأنه “أغنى رجل في العالم” في الربع الثالث من سنة 2020 بعد أن بلغت ثروته 200 مليار دولار، وكان أول شخص تصل ثروته إلى هذا الرقم.
كانت حياة بيزوس مليئة بالإنجازات، نذكر منها تخرجه في قسم الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في جامعة Princeton University بمرتبة الشرف، بعد تخرجه شغل منصب نائب المدير في شركة D.E. Shaw والأمر المهم حقاً هو كونه أصغر شخص شغل هذا المنصب في ذلك الوقت. واستمر في العمل في هذا المجال لمدة أربع سنوات، ثم في الثلاثين من عمره قرر بيزوس ترك الوظيفة وأخذ الخطوة الأولى في مشروعه الخاص، لقد قال مراراً إنه كان يخاف من فكرة عدم المحاولة وأخذ زمام المبادرة، لكن يبدو أنه من حُسن حظه أنه حاول، فبالنظر إلى الفكرة التي عمل عليها في ذلك الوقت ليس هناك كثير من المؤشرات على نجاح مشاريع كمشروعه، لكن رؤيته على المدى البعيد كانت ثاقبة وأصابت الهدف تماماً، فقد تمكن بيزوس من شراء صحيفة الواشنطن بوست من عائلة غراهام عام 2013 بمبلغ قدره 250 مليون دولار، كما أسس شركته التي تحمل اسم Blue Origin لخدمات الطيران التي ظل وجودها سراً مخفياً عن الإعلام حتى قررت الشركة شراء قطعة أرض لبناء منشأة مخصصة لتجارب الإطلاق حيث تعمل هذه الشركة على تطوير خدمات الرحلات الفضائية بهدف تنظيم رحلات سياحية إلى الفضاء مستقبلاً.
أكمل بيزوس دراسته العليا في جامعة Carnegie Mellon University حيث حصل على شهادة الدكتوراه الفخرية في العلوم والتكنولوجيا عام 2008، كما حصل على لقب أفضل قادة أميركا حين اختارته مؤسسة U.S. News & World Report، فضلاً عن تكريمه من قبل The Economist بجائزة درع الإبداع عن اختراعه جهاز القراءة الشهير The Amazon Kindle، وفي عام 2012 أطلقت عليه مجلة Fortune اسم رجل أعمال السنة، وفي كانون الأول من العام نفسه منح الاتحاد الوطني للمتاجر بالتجزئة شركة Amazon الميدالية الذهبية مصنفاً إياها كأفضل متاجر التجزئة في ذلك العام.
ليس هذا كل شيء في ما يتعلق بالتجربة الرائدة لبيزوس وشركاته الناجحة، إذ لا يمكن حصر إنجازات هذا الشخص في هذه العجالة، لكن على الرغم من ذلك النجاح الساحق، إلا أنه تنحى وقرر أن يركز في مشاريع أخرى.. من الواضح أنه كان شغوفاً بها منذ الصغر.