ما قصة عبد الله المحض وإخوانه السبعة؟

1٬595

عامر جليل إبراهيم  – تصوير: حسين طالب /

في محافظة بابل بناحية الإمام زيد (ع)، وعلى الطريق الرابط بين ضريحي القاسم والكفل (عليهما السلام) يقع مزار عبد الله المحض وإخوانه السبعة، إنه الإمام الذي عاصر حياة الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) في نهاية العهد الأموي وبداية العهد العباسي.
“مجلة الشبكة العراقية” زارت هذا المرقد الشريف حيث التقت الحاج (حمد كتاب حسين) الأمين الخاص للمزار…
عبد الله الشهيد
يقول الأمين الخاص إن عبد الله المحض هو عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب (ع)، سمي المحض لأن أباه هو الحسن المثنى وأمه هي فاطمة بنت الحسين، فهو هاشمي خالص، لأنه ثمرة التقاء الفرعين المباركين، استشهد في سجن المنصور مع ستة من إخوانه وأبناء عمومته.
بيتان من الشعر
لم يحدد الحاج حسين تاريخ ولادة أولاد الحسن سلام الله عليهم، لكنهم استشهدوا سنة 145هـ في زمن الحاكم العباسي آنذاك، بعد أن أودعهم السجن مدة من الزمن قبل أن يهدّه عليهم، وهناك قبران أحدهما لعبد الله المحض والثاني لإخوته عليهم السلام أجمعين.
يروي الأمين الخاص قصة استشهاد عبد الله المحض وإخوته السبعة فيقول: قام آل الحسن سلام الله عليهم بثورة في الطائف، في زمن الحاكم العباسي أبي جعفر المنصور، وكان هناك والٍ اسمه (عثمان ابن رباح) في الطائف فأمره المنصور أن يقبض عليهم ويسجنهم هناك سنوات طوال. وفي سنة 144هـ عندما ذهب المنصور إلى الحج استوقفت موكبه طفلة صغيرة وأنشدت بيتين من الشعر تتشفع بهما لإطلاق سراح والدها المسجون وعمومتها أمام المنصور الدوانيقي إذ قالت:
ارحــم كبيراً ســنـُّه متهـدما
في السجن بين سلاسل وقيودِ
لو عدت للرحم القريبة بيننا
ما جــدُّنا مــن جــدِّكــم ببـعـيدِ
تقول له في أبيات الشعر نحن تربطنا صلة قرابة وأنت أودعتهم السجن وكانت ترجو أن يستجيب لها، فأطرق المنصور برأسه إلى الأرض واستذكر السادة المسجونين عنده لكنه لم يبالِ، بل أصدر أمراً بتسفيرهم من الطائف إلى العراق إذ حملتهم قافلة من الجِمال.
تقول الروايات التأريخية إن الوالي وضعهم في مركب بغير غطاء، مكشوفي الرؤوس، حفاة مقيدين بالسلاسل تحت أشعة الشمس، وقد أثر هذا الحدث في الإمام الصادق (عليه السلام) الذي كان واقفاً خلف ساتر ودموعه تنهمر على خدّيه وهو يقول: والله لا تُحفظ حرمة لله بعد هؤلاء. وجاء بهم المنصور إلى العراق، وتحديداً إلى منطقة الهاشمية على أبواب الكوفة قرب شاطئ الفرات، حيث يوجد سجن هناك عند القنطرة المؤدية إلى الكوفة فأودعهم هذا السجن المظلم الذي لا يُعرف فيه الليل من النهار.
أمضى السيد عبد الله وإخوانه أيام سجنهم في قراءة القرآن فكانوا يقرأونه يومياً على خمسة أوقات، وبعد إكمال كل جزء يؤدون فروض الصلاة لأنهم لا يعرفون الليل من النهار إذ لم يكن بوسعهم معرفة أوقات الصلاة.
حادثة استشهادهم
وبحسب الروايات التأريخية، فإن المنصور هدم السجن على رؤوس عبد الله وإخوانه، ما أحدث ذعراً بين الناس الذين هبوا للبحث عنهم في محاولة لإنقاذهم، لكنهم كانوا قد استشهدوا جميعاً تحت أنقاض السجن، باستثناء السيد يحيى الذي نقل عبد الله المحض أخاهم الكبير الذي استشهد وهو في السادسة والسبعين من العمر. يقول: حدثنا عبد الله في السجن عن أمه فاطمة الصغرى، التي هي بنت الإمام الحسين، عن جدتها فاطمة الزهراء (عليها السلام) عن رسول الله (ص)، يقول: “يدفن من ولدي سبعة في شاطئ الفرات لم يدركهم الأولون ولم يسبقهم الآخرون.” يقول: قلت له نحن ثمانية، فلماذا تقول سبعة؟ قال هكذا سمعت الرواية، والدليل هو الذي نجا من واقعة هدم السجن فبقي سبعة هم المستشهدون، فالرواية تحققت مثل ما رويت فكان استشهادهم في يوم عيد الأضحى سنة 145هـ، والسيد يحيى الذي نجا من هدم السجن عاد إلى المدينة وقضى ما بقي من عمره هناك وتوفي لاحقاً، وبقي عبد الله المحض وإخوته السبعة مدفونين هنا.
بناء المرقد
أقيم المرقد على مساحة تبلغ اكثر من أربعة دوانم بضمنها مساحة الحرم 650م مقسومة إلى نصفين أحدهما للرجال والآخر للنساء. يبلغ ارتفاع البناء ستة أمتار، وارتفاع القبة الكبيرة سبعة عشر متراً والصغيرة أربعة عشر متراً، والمزار يتألف من ضريحين أحدهما لعبد الله والآخر لإخوته، كل ضريح توج بشباك مصنوع من الفضة والذهب بنقوش إسلامية صنعت في ورشة التمار بمزار يحيى بن ميثم التمار التابع إلى الأمانة العامة للمزارات الشيعية.
يؤكد الحاج حمد كتاب أن ترميماً للمزار جرى أيام الحكم العثماني في العراق على يد جدّه الخامس المرحوم (عباس حريز). وفي سنة 1950م انهارت القبة الصغيرة وأعاد بناءها المرحوم الحاج (حداوي أبو حسنة) رحمه الله، وفي سنة 1990م وضع الأسس لبناء المرقد بأبعاد (22م×27م) وأنشئت الأسس والأعمدة وغُلفت بالطابوق ولكن لم يُسقّف المزار، وكان ذلك تبرعاً من المؤمنين وخدام المرقد الشريف، وبعد سقوط النظام تبرع دكتور من أهالي ديالى وشيخان من أهالي النجف و(مهند أحمد الكويتي) رحمه الله، وهو مهندس استشاري وضع مخططات لبناء المزار وصب الأسس، لكن البناء توقف في سنة 2007م.
يضيف: وفي عام 2010 ضُم المزار إلى الأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة وتخطينا مراحل متقدمة في إعماره بجهود سماحة الشيخ (خليفة الجوهر) نائب الأمين العام للمزارات الشيعية الشريفة وجرت تهيئة كل الأمور اللوجستية من تصاميم وغيرها.
وأشار الحاج حمد الى مبادارات المؤمنين التطوعية ومنهم (فلاح الدرويش) الذي تبرع بـ40 طناً من (شيش الحديد).
بعدها أوعز الشيخ خليفة الجوهر ببناء القبب وتوالت باقي المراحل وغُلفت القبب بالكاشي الكربلائي لتكتمل مراحل البناء بتزجيج السقوف من الخارج.
تفاصيل المزار
يشهد المزار قدوم آلاف المؤمنين من مختلف أنحاء العراق في الرابع من ذي الحجة، تاريخ استشهاد عبد الله وإخوانه، الذي يتزامن مع وفاة الرسول الأعظم (ص) واستشهاد الإمام زيد (ع).
يتابع الأمين الخاص: أما في الزيارة الأربعينية والزيارات المليونية فيقصدنا زوار من دول الجوار والدول الإسلامية لزيارة المرقد في يومي الجمعة والسبت وأيام العطل، وتقام في المزار دورات ثقافية وقرآنية عدة على مدار السنة وتكثف في العطل الصيفية.