مبادرات في وزارة الصناعة لتنشيط الإنتاج الزراعي

518

#خليك_بالبيت

فكرة الطائي /

ترمي الحكومة ضمن خطتها للنهوض بالواقع الاقتصادي ومغادرة الاقتصاد الريعي إلى تنشيط وتعشيق الأنشطة المختلفة لتعظيم موارد الدولة الاقتصادية، ولا يمكن النجاح لهذه الخطوة الا بتعاضد مؤسّسات الدولة كافة في قطاعاتها المختلفة الخاص والعام والمختلط وشهدت الأسواق المحلية في الأيام الأخيرة وفرة كبيرة في الإنتاج الزراعي المحلي وأدت إلى أن تعلن وزارة التجارة على سبيل المثال اكتفاء حاجتها من الحنطة المحلية وهو الأمر الذي يؤكد من جانب آخر إيقاف استيراد هذه المادة لحساب البطاقة التموينية وتوفير العملة الصعبة لمجالات أخرى.
وقيل قديما لا تزدهر الزراعة الا بقيام الصناعة، لذلك كان لا بد من التعرف على مبادرات وزارة الصناعة والمعادن في دعم وتفعيل القطاع الزراعي بغية تحقيق التكامل بين القطاعين لا سيما في رفده بالاسمدة، وهو ما أكده المهندس سعد أمين فيصل مدير عام شركة كبريت المشراق في استعداد الشركة لتجهيز القطاعين العام والخاص بمنتجاتها التي تمتاز بنوعيتها العالية، إذ قال: إن الشركة جهّزت في شهر أيار الماضي 73 طناً من الشب المكيّس للشركة العامة للأسمدة الجنوبية، في حين جهزت عدداً من المواطنين بما يربو على 513 طناً من مادة الكبريت الزراعي فائق النعومة ومتوسط النعومة”.

تشغيل خطوط إنتاجية رغم الجائحة
لم تتوقف همة الانسان العراقي المبدع عند حد معين بل تجاوزت كل معوقات الإنتاج التي كان أخطرها جائحة كورونا والتي اجتاحت العالم قاطبة وتركته يغلق أبوابه في مواجهة هذا الوباء، مما تسبّب بأضرار جسيمة للاقتصاد العالمي، الا أن هذا لم يوقف عزيمة منتسبي الشركة العامة لصناعة الأسمدة الجنوبية، إذ أخبرنا السيد خالد كاظم ناجي أن ملاكات الشركة تواصل تجهيز وزارة الزراعة بسماد اليوريا حتى أثناء جائحة كورونا، إذ إنّها لم تتوقف عن الإنتاج فقد بلغت معدلات الإنتاج من سماد اليوريا التي سُوّقت إلى وزارة الزراعة العام الماضي 280 الف طن بينما بلغت للنصف الاول من هذا العام 140 الف طن”.
لكن هل تسد هذه الكميات الإنتاجية حاجة الوزارة من الاسمدة؟ هذا السؤال أجاب عنه المدير العام إجابة قاطعة ليعزز من اطمئناني للخطوات القادمة التي ستكون العامل المساعد في تحقيق الاكتفاء الذاتي والاستغناء عن استيراد البعض من هذه الاسمدة، إذ قال: تعاقدت الشركة مع شركات عالمية متخصّصة في إنتاج سماد اليوريا لتشغيل الخط الثاني ومضاعفة الإنتاج وسد احتياج وزارة الصناعة بالكامل دون الحاجة إلى الاستيراد، كما تعاقدت الشركة لإنتاج سماد الداب بطاقة إنتاجية تقدّر بـ 500 الف طن سنوياً وأن هذه العقود قيد التنفيذ”.

قدرات إسنادية
تعددت الجهات الصناعية الساندة للقطاع الزراعي ومديات الدعم وهو ما حدثتنا به رئيسة المهندسين الاقدم السيدة سلامة محمد عطية التي تشغل منصب معاون المدير العام للدائرة الفنية في مقر الوزارة، إذ قالت: تمتلك معظم شركاتنا قدرات وإمكانات تدعم وتسند ازدهار القطاع الزراعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، إذ لدينا إنتاج منوع يسهم في تطوير الزراعة وخدمة أهدافها، فعلى سبيل المثال لدى الشركة العامة للصناعات الميكانيكية الامكانية الإنتاجية للمكننة الزراعية والعُدد مثل، الحاصدات والمحاريث، كما لديها الامكانية لإنتاج منظومات الري بالرش والتنقيط وإنتاج الأغطية البلاستيكية فضلا عن الإنتاج الرئيس الا وهو سماد اليوريا.

جولة ميدانية
بعيدا عن الغرف في الدوائر الرسمية وعلى الرغم من الجائحة الوبائية وضرورات الالتزام بالحظر والتباعد الاجتماعي واتخاذ تدابير الوقاية فضلت أن أقوم بجولة ميدانية على بعض المزارع والحديث مع الفلاحين تحت حرارة شمس تموز الحارقة التي قد تصل في بعض الاوقات إلى نصف درجة الغليان لنعرف ما متاعبهم وما الحلول التي يقدمونها لتطوير هذا القطاع الحيوي المهم؟
عبرت مركز مدينة المسيب باتجاه منطقة “العلكاية ” حيث تتجاور وتتداخل الأراضي الزراعية في ما بينها وترى اخضرار الأرض على مد البصر والسواقي والجداول يتقافز البط من جرفها إلى وسطها هرباً من حرارة الصيف اللاهبة، في هذا المكان كان لنا أصدقاء يملكون أراضيَ زراعية واسعة، غادروها في سنوات سابقة لشح المياه وأوكلت رعايتها إلى فلاحين ليديروا شؤونها، الا أن أصحاب الأرض في السنوات الاخيرة عادوا إلى أراضيهم، وعادوا إلى زراعتها بأنواع المحاصيل الزراعية التي تسوق لمركز المدينة بينما أخذ بعضهم في تربية الدواجن او إنشاء أحواض تربية الاسماك.
حدثني المزارع محمد علوان، قائلاً: قبل أكثر من عشرين عاماً اشتريت قطعة الارض الزراعية هذه، وكانت فاتحة خير عليَّ وعلى عائلتي، بنيت فيها دارا للسكن جمعت فيها أولادي كلهم بما فيهم المتزوجون وتركت لهم حرية أن ينفّذ كل فرد منهم ما يريد أن ينفّذ من أفكار في ذهنه، وها أنتِ اليوم تستطيعين التجوال في المزرعة وترين ما يقومون به من أعمال مختلفة.
رأيت فيما رأيت قاعات لتربية الدواجن وأخرى للماشية وأحواض أسماك وأقفاص طيور مختلفة، والكل يعمل أو يستمتع بمنظر خضرة الارض، قلت للسيد علوان: لقد صنعت لك عالماً خاصاً خارج عالم المدينة!
أجاب: أنا قبل أن أكون فلاحاً فأنا مهندس زراعي وعلاقتي بالارض علاقة عشق ومحبة وتواصل فأنا أفهم لغتها وأشم رائحتها، وكان امتلاك أرض خاصة بي حلمي الاول والاخير والحمد لله تمكنت من تحقيق هذا الحلم وزرعته في نفوس أولادي حبا لهذه الارض فبقدر ما تحبها تكرمك فهي أرض معطاء كريمة.
قلت: وكيف تواجهون المعوقات؟
قال: المعوقات التي نواجهها كثيرة منها طبيعية ومنها من صنع البشر، ولكل حالة من هذه الحالات معالجة خاصة بها، لكن ما نلاحظه في السنوات الاخيرة أن هناك هجمة شرسة لتحطيم الواقع الزراعي والإنتاج الحيواني بغية تخريب هذا القطاع الحيوي المهم الذي يوازي القطاع النفطي إن لم يكن أهم منه، الا أن كل تلك التحديات لم تضعف عزيمتنا في إدامة إنتاجنا الزراعي حتى لو اضطررنا إلى بيعه برخص التراب كما حصل في منتوجنا للزراعة الصيفية هذا العام جراء إغراق السوق المحلية بالمستورد من دول الجوار، لذلك نحن نشد على أيدي الحكومة في تشديد قبضتها على المنافذ الحدودية لتكون عاملاً مساعداً لنا في تسويق منتجاتنا والحفاظ على العملة الصعبة داخل البلاد وتحقيق الاكتفاء الذاتي في السلة الغذائية.

النسخة الألكترونية من العدد 363

“أون لآين -6-”