“مجلة الشبكة” على طاولة المؤتمر الدولي لجامعة كركوك

372

#خليك_بالبيت

الدكتور صفد الشمري خبير التواصل الرقمي /

حضرت مجلة (الشبكة العراقية) على طاولة نقاشات المؤتمر العلمي الدولي لكلية الآداب بجامعة كركوك: (الأداء المعرفي والمجتمعي سبيل النهوض بالمؤسسات التعليمية)، الذي تم عقده للمدة من 15 لغاية 16 أيلول 2020، ضمن محور الإعلام (الإعلام والتعايش السلمي ونبذ العنف)، ببحث عن موضوعات التعددية، الذي أظهرت نتائجه الميدانية اهتمام المجلة بتناول موضوعات التعددية والتنوع، التي باتت تشكل أهم أسس بناء المجتمعات المتقدمة لتقويض العنصرية وإشاعة ممارسات قبول الآخر.
خط الشروع
جاء بحثنا الذي أظهرت فيه هيئة تحرير (مجلة الشبكة العراقية) تعاوناً كبيراً لتقديم قواعد البيانات ومسلتزمات إنجاح مهمة الباحث كافة، وبمهنية وحِرفية عاليتين، في محاولة للوقوف على مدى تمسك وسائل شبكة الإعلام العراقي، ممثلة بعّينة البحث، بتنفيذ المادة الثانية من قانون تأسيسها لعام 2015، بأنها: ((تعمل طبقاً لمبادئ الاستقلالية والشمولية والتنوع والتميز، وتعكس القيم الديموقراطية والاجتماعية والثقافية والإسلامية للمجتمع العراقي))، بنشر موضوعات التنوع في مجالاته الرئيسة.
تمحورت مشكلة البحث في الإجابة عن التساؤل الرئيس: ما موضوعات التعددية السياسية والدينية والثقافية التي نشرتها مجلة (الشبكة العراقية) خلال العام 2019؟ ووقفت على أبرز الأشكال الصحفية التي تناولت تلك الموضوعات، مع تحديد العناصر التيبوغرافية التي تسهم في إبراز تلك الأشكال، فضلاً عن تصديها لتحقيق مجموعة من الأهداف ذات الصلة بموضوع البحث، من ضمنها إن كانت هناك ستراتيجيات لمعالجة موضوعات التنوع في المجلة، إذ اعتمد الباحث على أداتي المقابلة والملاحظة العلمية، إلى جانب استمارة تحليل المحتوى، وصولاً إلى مجموعة من الاستنتاجات والتوصيات.
وقد حدد الباحث مجال دراسته بالحدود المكانية لمجلة (الشبكة العراقية) الصادرة عن شبكة الإعلام العراقي، مجالاً مكانياً للبحث، كونها المجلة العامة الوحيدة الصادرة بشكل منتظم في العراق على مدى (15) عاماً، وتمثل وجهة النظر الرسمية، بعدّها إحدى وسائل شبكة الإعلام العراقي الرئيسة، للتواصل مع الجمهور المحلي، والحدود الزمانية التي جرى تحدديها بالعام 2019، ممثلاً بأعداد المجلة الصادرة خلال هذا العام، والتي بلغت (24) عدداً متتالياً، من العدد (328) لغاية العدد (351)، في مسعى للباحث بأن تشمل العيّنة جميع المناسبات والطقوس والممارسات المقامة في المجتمع العراقي خلال مدة عام كامل.

محاور التعددية
وقد عمد الباحث على تصميم استمارة التحليل بتضمينها ثلاثة محاور: تمثّل الاول بموضوعات التعددية في مجلة (الشبكة العراقية)، إذ انقسمت تلك الموضوعات إلى ثلاث فئات رئيسة، جسدت كل واحدة منها خمس فئات فرعية، حددها الباحث على وفق معطيات الحالة العراقية على أرض الواقع واحتياجاتها، وهي: التعددية السياسية: (الانتخابات/ التعددية الحزبية/ مطالب المتظاهرين/ الشفافية الحكومية/ تأريخ الحكم في العراق)، والتعددية الدينية: (الديانات في العراق/ الشعائر الدينية/ المراقد والمزارات/ الشخصيات الدينية/ المقاربة بين المعتقدات)، والتعددية الثقافية: (الحضارات في العراق/ النتاج الثقافي/ التراث الشعبي/ الرموز الثقافية/ العادات والتقاليد)، وقد بلغ مجموع تكرارات فئات هذا المحور مجتمعمة (147) تكراراً، توّزعت مابين موضوعات: (التعددية السياسية)، و(التعددية الدينية)، و(التعددية الثقافية).
أما المحور الثاني فقد تجسد بالأشكال الصحفية التي عالجت موضوعات التعددية في مجلة (الشبكة العراقية)، وتمثّلت في: (التحقيق الصحفي/ الحوار الصحفي/ المقال الصحفي/ التقرير الصحفي/ الكاريكاتير الصحفي)، أما المحور الثالث فتمثل بالعناصر التيبوغرافية التي جرى توظيفها للتعبير عن الأشكال الصحفية المعالجة لموضوعات التعددية في المجلة، وانقسمت إلى ثماني فئات فرعية، هي: (صورة الغلاف/ عنوان الغلاف الرئيس/ التنويه في ثبت المحتويات/ زيادة عدد الصفحات/ حجم الصورة في الموضوع/ حجم حروف عنوان الموضوع/ ألوان عناوين الموضوع الفرعية/ لون أرضية الصفحة).
مجلة (الشبكة العراقية):
تصدر مجلة (الشبكة العراقية) عن شبكة الإعلام العراقي، بوصفها إحدى مؤسسات الشبكة الرئيسة، وهي مجلة أسبوعية عامة، تصدر كل أسبوعين بشكل مؤقت، ومستمرة بالصدور المنتظم منذ (15) عاماً، وعدد صفحاتها (100) صفحة ملونة، بالورق الصقيل اللامع، وتتضمن مجموعة من الأبواب، تستقطب عدداً كبيراً من الكتّاب والصحفيين المعروفين والشباب، ويجري توزيعها في المحافظات العراقية كافة.
ترى هيئة تحرير مجلة (الشبكة العراقية) بأنها تهتم بموضوعات التعددية السياسية والدينية والثقافية، وتجد رئيسة تحرير المجلة، الأستاذة نرمين المفتي أنها تهتم بهذا المجال حين تقول، في مقابلة علمية خاصة، اعتمدها الباحث واحدة من أدواته البحثية الرئيسة: “شخصياً، أهتم كثيراً بمسألة التنوع والتعدد في العراق، والذي منح حضاراته وثقافته المميزة الناتجة من تلاقح الثقافات الفرعية لعناصر التنوع… وأنه لابد من الإشارة إلى تأكيد الأدبيات السياسية وأدبيات الأمم المتحدة بأن التعدد قوة للبلد، أي بلد، ولاسيما في ظل عدم وجود أي مجتمع في العالم من إثنية أو ديانة أو من مذهب واحد بالمطلق.”
وتولي إدارة المجلة اهتماماً كبيراً بالتعدد والتنوع العراقي، إذ خصصت مساحات على أساس دائم، بدأتها بنشر مواد وبمساحات كبيرة عن التعدد والتنوع العراقي الإثني والديني كافة، تحت عنوان رئيس (نحن العراق)، وكانت أول وسيلة إعلام رسمية تشير إليها، وبعد أن انتهت منها، بدأت بنشر مواد تضم أيضاً التعدد والتنوع تحت عنوان (سياحة دينية)، وفيها المراقد والأماكن المقدسة لكافة الأديان والمذاهب في العراق، بحسب السيدة المفتي.
فضلا عن:”اجراء حوارات مع شخصيات ثقافية من الإثنيات المتنوعة تحدثت عن ثقافتها الخاصة، التي أسهمت في إثراء الثقافة العراقية العامة، وكتّاب الأعمدة الثابتين والمتحركين، ممن ينشرون مقالات في هذا الشأن أيضاً… وأن هناك تحقيقات صحفية وتقارير مصورة لمناسبات دينية وإثنية وفولكلورية، ينفذها محررو قسم التحقيقات، وقد تكون تلك القصص مواضيع للغلاف أحياناً، بينما تم تكليف محرر مختص لتنفيذ ملفي: نحن العراق، والسياحة الدينية.”
أما بخصوص اختيار المواد، تقول رئيسة تحرير المجلة ضمن تلك المقابلة العلمية التي أجراها الباحث في مقر المجلة، إن: “هناك مدير تحرير ورئيس قسم التحرير ومسؤولي الشعب ممن يضعون خريطة العمل السنوي العامة، ومن ثم خريطة كل عدد، تقدم إلى رئاسة التحرير، ويتم الاتفاق على التنفيذ… وإن إدارة المجلة لم تواجه أية معوقات سواء من رئاسة الشبكة أو من الذين يتم الالتقاء بهم… والمجلة مستمرة بخططها، وتجزم بأن العراق بحاجة ماسة، ولاسيما بعد مظاهرات تشرين، التي رفضت المحاصصة وطالبت بالعدالة السياسية والاجتماعية، إلى التعامل الجاد مع مصطلح التعدد أو التنوع وإلغاء مصطلح (مكونات)، فالكل بحاجة إلى تنمية وحقوق وحماية، وهذا ما يمنحه الانتماء العراقي والذي يعمقه التعدد.”

نتائج الميدان
في نتائج الدراسة ضمن موضوعات التعددية السياسية في مجلة (الشبكة العراقية)، حيث حلّت موضوعات التعددية السياسية في المرتبة الأولى بنسبة 46%، ومجموع (46) تكراراً، وقد تعود هذه النتيجة نسبة إلى الواقع السياسي الذي كان يشهده العراق في حقبة المجال الزماني للبحث، ومنها حركة التظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات.
وفي موضوعات التعددية الدينية في موضوعات مجلة (الشبكة العراقية)، التي حلّت في المرتبة الثانية بين موضوعات التعددية بشكل عام بنسبة 33%، أتت فئة (الشعائر الدينية) في المرتبة الأولى، بنسبة 40%، تلتها (المراقد والمزارات) ثانية بنسبة 33%، ومن ثم (الشخصيات الدينية) ثالثة بنسبة 13%، و(الديانات في العراق) رابعة بنسبة 10%، و(المقاربة بين المعتقدات) في المرتبة الأخيرة بنسبة 4%. وقد تكون النتيجة موضوعية بالقياس إلى عدد المناسبات الدينية التي يشهدها العراق سنوياً، وعدد مراقده ومزاراته لمختلف الديانات والطوائف.
التعددية الثقافية في موضوعات مجلة (الشبكة العراقية) نزلت في المرتبة الأخيرة بنسبة 21%، فقد أتت فئة (النتاج الثقافي) في المرتبة الأولى بنسبة 31%، و(الحضارات في العراق) في المرتبة الثانية بنسبة 25%، و(التراث الشعبي) في المرتبة الثالثة بنسبة 22%، و(العادات والتقاليد) في المرتبة الرابعة بنسبة 17%، و(الرموز الثقافية) أخيرة بنسبة 5%. وقد يعود حلول (النتاج الثقافي) أولاً لطبيعة الصفحات الثقافية في الصحف والمجلات التي تركز اهتمامها على مثل هذه الموضوعات، ضمن سياق عملها الدوري وطبيعته.
وبذا.. توصلت الدراسة إلى أن مجلة (الشبكة العراقية) قد اهتمت بالتعددية في العراق، حين أتت موضوعات التعددية السياسية في المرتبة الأولى ضمن موضوعات التعددية التي تناولتها المجلة، فيما كانت موضوعات التعددية الدينية ثانية، والتعددية الثقافية أخيرة، وقد تكون هذه النتيجة انعكاساً موضوعياً لما تشهده الساحة العراقية من تحولات سياسية رافقتها حركة كبرى للتظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات.
المجلة اهتمت كذلك بفن (التحقيق الصحفي)، ومن بعده (المقال الصحفي)، بوصفهما من أبرز الأشكال الصحفية التي عالجت موضوعات التعددية بشكل عام فيها، فيما لم يكن لفن (الحوار الصحفي) حضور كبير على الرغم من أهميته في شرح قضايا التعددية وإبداء وجهات النظر فيها. وفي ما يتعلق بالعناصر التيبوغرافية التي جرى توظيفها لإبراز الأشكال الصحفية التي عالجت موضوعات التعددية السياسية والدينية والثقافية، كان الاهتمام الأكبر بعنصري: (حجم الصورة في الموضوع)، و(حجم حروف العنوان)، بينما غاب الاهتمام بعنصري: (صورة الغلاف)، و(عنوان الغلاف الرئيس) على الرغم من أهميتهما الموضوعية، إذ جرى توظيفهما في الغالب لصور الفنانين والمشاهير لأسباب تسويقية على الأغلب.
كما غاب فن الكاريكاتير الصحفي من موضوعات التعددية بشكل عام، على الرغم من أهميته وإمكانيته في تجسيد القضايا المهمة بشكل ميّسر للجمهور. وهذا ما ينوه بأن مجلة (الشبكة العراقية) أبدت اهتماماً جيداً بموضوعات التعددية السياسية والدينية والثقافية، وهو ما أظهرته نتائج الدراسة الميدانية.