محمد أبو الحسن العكبري.. مرقد ومزار تاريخي عمره 900 عام

2٬019

#خليك_بالبيت

عامر جليل إبراهيم – تصوير: حسين طالب /

تزخر محافظة صلاح الدين، كغيرها من محافظات العراق، بالكثير من المواقع السياحية الأثرية والدينية، فبين مَعلَمٍ تاريخي ومرقدِ إمام تجد مقاماً لوليّ أو مرقداً لشيخ جليل.
هذه المرة استوقفنا مرقد يقع على جانب الطريق السريع الرابط بين بغداد ومدينة سامراء، حاضرة الدولة العباسية، وتحديداً شرقي قضاء الدجيل الذي يبعد عن العاصمة قرابة 50 كم.
إنه مرقد ومزار الشيخ أبي الحسن العكبري، الذي زارته “مجلة الشبكة العراقية” ضمن سعيها للتعريف بالأماكن السياحية الدينية, والتقت السيد هيثم عبد مهدي الدجيلي مسؤول شعبة الإعلام والعلاقات العامة / الأمين الخاص السابق لمزار محمد أبي الحسن العكبري.
يقول السيد هيثم عبد مهدي الدجيلي: هذه المنطقة كانت تاريخياً تسمّى مدينة عكبرة، وحالياً مدينة الدجيل، تمتد حدودها من نهاية مدينة المشاهدة الطارمية إلى منطقة الإسحاقي، هذه المدينة كلها كانت تسمى منطقة عكبرة وحالياً هي قضاء الدجيل.

سيرته
يقول السيد الدجيلي: هو الشيخ الواصل المرشد الكامل العالم المتقي محمد أبو الحسن الجوسقي العكبري، والعكبري من أعلام القرن السادس الهجري, ولادته مفقودة لا نعرفها بالضبط لكنه توفي بحدود عام 575هـ ودفن في داره بقرية الجوسق في مدينة عكبرة.
وسيرته هذه حقّقها في ديوان الوقف الشيعي المحقِّق الشيخ عباس الدجيلي مسؤول البحوث والدراسات في الديوان وعضو اتحاد المؤرخين العرب الذي يعمل حالياً مديراً لمكتبة الإمام الحسن المجتبى في النجف الأشرف.
يستمر السيد الدجيلي بالحديث: الجوسق قرية من قرى مدينة عكبرة وتعرف الآن باسم الدجيل, وهي من الأماكن المرتفعة، لذلك سُمِّيت بالجوسق, وهذه المنطقة نفسها نزح منها الشيخ المفيد وبها التل العكبري ويسمى أيضاً تل عكبرة.

تفاصيل المزار
يشرح السيد الدجيلي: إن هذا المزار كان يرعاه مقيمان اثنان هما الحاج كاظم جواد المكدم والحاج بري عباس الخربطلي، وكانا مشرفَين على هذا المزار، وقد حاولا مراراً إعادة إعمار الضريح، لكنهما اصطدما بالتعتيم على المزارات ومحاولة التقليل بسبب سياسات النظام البائد الطائفية.
وكانت سياسة المنع والتهديد هي الحائل دون بنائه وإيصال الخدمات له من الماء والكهرباء, وزادت تلك الممارسات بعد أحداث الدجيل في زمن المقبور حتى أنه لم يُضَم إلى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية تلك الفترة.
انضم المزار إلى الأمانة العامة للمزارات في سنة 2009م، وبدأت الحركة على هذا المزار وهو مشمول بمراحل الإعمار، وخرائطه جاهزة وننتظر التنفيذ الذي وعدتنا به الأمانة العامة.

مساحته
وعن مساحة المزار يقول السيد هيثم الدجيلي: إن المساحة الكلية للمزار هي 20 دونماً و6 أولك, مساحة بناء المزار هي 600م، وفضلاً عن تسجيله في الأمانة العامة للمزارات، فهو مسجل ضمن الآثار, الخريطة الجديدة على مرحلتين: الأولى هي الجامع، وهو بشقّين أحدهما للنساء ومثله للرجال، وثمة قبّة بارتفاع 25م ومئذنتان ارتفاع كل منهما 29م، هذا هو التصميم الأساسي للمزار، والصحن والأواوين مرحلة ثانية والآن ننتظر المرحلة الأولى.

مراحل إعمار المزار
وعن مراحل الإعمار يؤكد السيد الدجيلي: لم يكن المزار سوى قبر أثري تاريخي قائم والناس تعرفه بالتوارث عن الآباء والأجداد، وعندما تسلّمنا المزار، وهو تلّة مرتفعة لا يمكن للعجلات الوصول إليه، وزوّاره قليلون، كان أول ما عملناه هو تأهيل المزار للإعمار، وكان هنالك بزل يجاور المزار ولا يبعد عنه أكثر من 20م، هذا البزل كان يؤثر على القبر الشريف، وبعد معاملات طويلة ومراجعات تخص وزارة الزراعة نفذنا بمساعدة الهندسة العسكرية مشروع تحويل البزل وإبعاده بمسافة 150م عن المزار. هذه كانت المرحلة الأولى, أما المرحلة الثانية فبدأت بعد زيارة الحاج المجاهد أبي مهدي المهندس (رحمه الله) للمزار ومعه الحاج كرّار الإبراهيمي، الزيارة التي أعطت للمزار دفعة معنوية فطلبنا منه دفن هذا الخندق العميق وهو بحدود (5) أمتار بقرب المزار من أثر البزل، والذي هو بالأساس مجرى سابق لأحد فروع نهر دجلة الذي كان قبل 200عام يمر بهذه المنطقة، فكانت حملة بقيادة الحاج كرار الإبراهيمي استمرت 40 يوماً وشاركت فيها آليات عددها أكثر من 40 آلية وأكثر من 200 عنصر، وأسهمت بها الأمانة العامة للمزارات في ناحية الإسناد، ونقلنا أكثر من 27,000 ألف متر مكعب من التراب وأكثر من 2500 متر مكعب من السبّيس واستثمرنا المكان موقفاً لعجلات الزائرين يتسع لأكثر من 300 عجلة، وجاءت المساهمة الأكبر من الناس المتطوعين، وحفرنا أربعة آبار ارتوازية لأننا نمتلك مزرعة صغيرة من ضمن المزار وحوضاً لتربية الأسماك ومعملاً لتصفية المياه ومولّداً سعته ألف أمبير.

مزار سياحي
يقول السيد الدجيلي: نحن نعمل ليصبح المزار مَعلماً سياحياً، ولاسيما أنه يقع على تل وعمر البناء 900 سنة، ونحن بدورنا كثفنا جهودنا بزراعة الحدائق في المزار وإنشاء المسقّفات ونصبنا شبّاكاً للضريح من معمل الأمانة العامة، وأصلحنا ما يمكن إصلاحه من الداخل فأنجزنا بناء قاعة، ولدينا ثلاث مجموعات من الصحّيات، اثنتان للنساء وواحدة للرجال وكرفانات للتفتيش، كما بدأنا بترتيب مداخل المزار.

النسخة الألكترونية من العدد 361

“أون لآين -4-”