مرقد النبي ايوب (ع) يقف شامخاً عصياً على الزمن

2٬493

#خليك_بالبيت

عامر جليل إبراهيم – تصوير: حسين طالب /

تكاد محافظة بابل تكون من اكثر الاماكن التي تحتضن الاماكن المقدسة الاسلامية منها وغير الاسلامية، تنوعت هذه الاماكن بين مقام نبي ومرقد إمام ومزار ولي، لذلك ليس بكثير على فيحاء الفرات ان تسمى بمهد الانبياء ودوحة العلماء.
احد هذه الاماكن الشريفة الذي يقصده العراقيون والاجانب مسلمين وغير مسلمين هو مقام وقبر النبي الصابر ايوب عليه السلام، يقع المقام على طريق حلة- نجف, وفي منطقة تسمى الرارنجية.
يقول زائرو المقام انهم يأتون الى هنا ليتعلموا الصبر والايمان من النبي ايوب الذي اشتهر بالصبر الشديد وتحمل الشدائد في الامتحان الإلهي الذي تعرض له بفقد الاهل والمال والكثير من الصحة, ولم ينسَ ذكر الله.
“مجلة الشبكة العراقية” تشرفت بزيارة المرقد والمزار الشريف, لتسليط الضوء على هذه البقعة الطاهرة ضمن سلسلة (السياحة في العراق), لما له من أهمية على مستوى السياحة الدينية في العراق, والتقت سماحة السيد نوفل محمود محمد العميدي الأمين الخاص للمزار الذي يقول: للنبي ايوب عليه السلام مرقد وله مقام, فالمقام هو مكان رحل اليه هو وزوجه واعتزل به الناس والمجتمع، ويقع على الطريق بين الحلة والديوانية، فهو مقامه ومدفن زوجته وفيه بئران، اما في هذه المنطقة بمدينة بابل منطقة الرارنجية تحديداً فهو مرقده وبيت أبيه، وهذه الارض كلها ملك له، فهم من عائلة كانت تعرف بالغنى, صحيح أنه لا توجد دلائل تاريخية في الكتب لكن هذه الاخبار تواردت عبر الاجيال عن طريق اهل القرى في المنطقة.
ثمة شواهد كثيرة تثبت وجود النبي ايوب في هذه المنطقة منها المنطقة المسماة بـ(الملتهبة) وهي منطقة سبخة بين مناطق زراعية زاهية ومثمرة وهذه “السبخة” لا يمكن زراعتها ولا أحد يعرف السبب، لكن عندما نرجع الى التاريخ ونقرأ قصة النبي ايوب والابتلاء الذي حل به, من حرق المحاصيل الزراعية وقتل الابناء نجد ان هذه الارض هي التي كان يزرعها, وقد أُحرقت كلها، والى اليوم لا ينبت فيها زرع ولا يمكن استصلاحها.
هذا المكان الذي نحن فيه هو بيت أبيه، ثم بيته، والان هو مرقده الشريف ومكان دفنه، لم يخرج من هذا المكان إلا عندما حل به البلاء، إذ ذهب هو وزوجه الى ذلك المكان الواقع على طريق الديوانية.

نسبه
يقول سماحة السيد العميدي: هو نبي الله ايوب بن موص بن رازخ بن عيص بن اسحاق بن ابراهيم الخليل (عليه السلام)، اما زوجه فهي رحمة بنت افرائيم بن يوسف بن يعقوب بن اسحاق، وكانت امه بنت النبي لوط.

حياته
يواصل العميدي حديثه قائلاً: لم يرد في كتب التاريخ او التفسير بحسب اطلاعنا كثير من التفاصيل عن حياته المباركة، الا فيما يتعلق بقصته التي ذكرت في القرآن الكريم والتي كانت مثارا للجدل في بعض تفاصيلها, ولكننا يكفينا ان نعرف انه نبي من انبياء الله الذين اختارهم لهداية البشرية ومن سلالة الانبياء (عليهم السلام) وكذلك زوجته كما عرفت, فلا بد ان يكون قد عاش حياته في طاعة الله وسلك سبيل مرضاته، وما توج بتلك المحنة الشديدة التي قل من يصبر معها الا من امتحن الله قلبه بالإيمان، وقد اثبت ذلك فعلاً بما يمتلك من ايمان راسخ وارتباط بالله تبارك وتعالى، إذ صبر واحتسب حتى سمي بالصابر, كي يكون قدوة لغيره في الصبر على البلاء والرضا والتسليم لقضاء الله وقدره، وفي مقارعة ابليس وجنوده وحب الدنيا والمال والاهل والولد.

مراحل البناء
ويضيف سماحته: هذا البناء قديم جداً وجرت عليه اصلاحات وترميمات بسيطة في سنة 1945م وسنة 1985م وسنة 1999م وتكفل بها اهل القرى المجاورة للمرقد والسدنة الذين كانوا يخدمون هنا, وبعد عام 2003 صار المقام في عهدة الوقف الشيعي متمثلة بالأمانة العامة للمزارات التي اضطلعت بتغليف قبة المرقد الشريف سنة 2009م.
في سنة 2011م تعاقد الوقف الشيعي مع شركة عراقية من اجل اعمار المزار وتطويره ومن ذلك التاريخ الى يومنا هذا لم تكمل هذه الشركة اعمالها والوضع على ما كان عليه.
قامت الامانة العامة للمزارات بسحب يد تلك الشركة وبقيت بعض المتعلقات من اجل تخليص المزار من هذه الشركة, ليتسنى الى الامانة العامة المباشرة بنفسها بإعمار المزار وما تبقى من مراحل الاعمار, علما ان نسبة الانجاز هي 85%.

مساحته
ويتابع السيد العميدي حديثه: المساحة الكلية للمرقد الشريف هي دونم واحد وفيه منارتان ارتفاع كل منهما 26م وهنالك القبة الشريفة وقطرها 23م، ويوجد مصلى للرجال وآخر للنساء وملحقات المزار 5 أواوين والادارة والاعلام وغيرها من الملحقات, اما الصحن الخارجي في الجهة اليمنى فللصلاة والعبادة والنشاطات التي تقام على مدار السنة الثقافية والقرآنية, اما اليسرى فهي للزوار واستراحتهم.
ويضيف اغلب زوارنا هم زوار امير المؤمنين (ع) وزيارته ايام الخميس والجمعة والسبت، وكل زوار مولانا ابي الحسن (ع) هم ضيوف النبي ايوب (ع) فموقع المرقد الشريف على الشارع العام سمح له ان يكون محطة استراحة.

البئر
ويتحدث سماحة السيد العميدي بفخر عن البئر الموجود منذ القدم، ومعروف عند القاصي والداني، والزائر للمرقد الشريف لابد له من الشرب من هذا البئر المبارك، والكثير من الناس تأخذ منه الماء للتبرك والشفاء بأمر الله (عز وجل) وبركة هذا النبي, وعمق البئر هو 18م وماؤه ثابت.

 

النسخة الألكترونية من العدد 362

“أون لآين -5-”