مرقد ومزار عون بن عـــلي بن أبي طالب (ع)
عامر جليل إبراهيم – تصوير: حسين طالب /
فرع من شجرة الولاية المنسوبة إلى العترة الطاهرة له منزلة كريمة في نفوس المسلمين عامة. مزاره أثر قديم من الآثار الجليلة, فهو شهيد في معارك الإسلام يستحق التعظيم والتبجيل من الناس عامة ومن زائريه بالخصوص, ألا وهو عون بن علي بن أبي طالب (ع).
“مجلة الشبكة العراقية”, في سعيها للتعريف بأماكن السياحة الدينية والأثرية, زارت هذا المزار والمرقد الشريف حيث التقت السيد مهدي نعمان هادي الخاقاني، الأمين الخاص لمزار عون بن علي (ع).
الذي يقع في محافظة بابل، قضاء الهاشمية، ناحية المدحتية، ويبعد عن مركز المحافظة بنحو 30 كم.
نسبُهُ
يقول الأمين الخاص عن نسب عون: إنه السيد الجليل المعروف عون بن علي بن أبي طالب (ع), أمه السيدة أسماء بنت عميس الفدعمية.
الولادة والوفاة
يضيف الخاقاني: إن تاريخ ولادته غير معروف على وجه الدقة، لكن المتفق عليه هو سنة 16هـ، جُرح سنة 38هـ في معركة النهروان واستشهد بين يدي والده الإمام علي (ع) متأثراً بجراحه, وتصادف ذكرى استشهاده يوم 9 صفر.
قصته
يروي الأمين الخاص قصة استشهاد هذا الإمام الجليل ودفنه في هذا المكان فيقول: كانت الكوفة عاصمة الدولة الإسلامية في خلافة الإمام علي (ع)، وقد حدثت إبّان حكمه معركة النهروان, وكان طريق جيش الإمام علي (ع) إلى المعركة على طريق الحج القديم ذهاباً وإياباً، وكان عون جريحاً عند عودة الجيش وكان جرحه كبيراً فاستشهد متأثراً به ودفن في هذا المكان، كما هو مذكور في موسوعة المزارات والمصادر وكتب التاريخ.
مراحل الإعمار
يكمل الخاقاني: على ما تسعفني به ذاكرتي كانت مساحة مرقد الإمام عون 63 متراً مربعاً مبني بشكل دائري تعلوه قبة تاريخية ما تزال موجودة، وأواوينه بسيطة مصنوعة من مادة الخشب، وهذا الذي أذكره كان في زمن ثورة العشرين وهي حادثة تاريخية مشهورة عندما ضرب الإنكليز تجمعات السكان الموجودة آنذاك فالتجأوا إلى المراقد الدينية التي قُصفت أيضاً، فلجأ كثير من الناس إلى هذا المزار الذي لم تمسه القذائف التي سقطت هنا وهناك.
بعد ثورة العشرين والحوادث التي رافقتها قام جمع من الناس والمتبرعين بإعمار المرقد في سنة 1920م.
وفي سنة 1957م كانت هناك عمارة ثالثة، وفيها توسعت مساحة المرقد وأضيفت له الأواوين التي كانت خارج المرقد وبنيت من مادة (الفرشي)، كما بُنيت قاعات حول المرقد، وبقي المرقد على هذا الحال، ومنذ ذلك الوقت تجرى عليه عمليات ترميم فقط إلى أن صدر قانون 19 سنة 2008م الخاص بالمزارات، فانضم المزار في سنة 2011م إلى الأمانة العامة للمزارات الشيعية بعد إثبات نسبه من مكتبة الإمام الحسن ومجموعة من الشيوخ وأكثر من 38 مصدراً موجودة في المزار أغلبها يعود تاريخها إلى اكثر من 600 عام.
بعد انضمامه إلى المزارات شرعت الملاكات الهندسية في الأمانة بوضع خطة هندسية متكاملة لتوسعة المزار, وأعدت مخططات متكاملة تشمل بناء الحرم والأواوين، على أن تستثمر ضمن خطة موازنة ديوان الوقف الشيعي, كانت الخطط تسير باتجاهين أحدهما عن طريق موازنة المحافظة، والآخر عن طريق ديوان الوقف الشيعي, المزار شمل بخطة موازنة 2013م على ميزانية مجلس محافظة بابل وأحيل إلى وزارة الإسكان والإعمار (شركة الفاو العامة) بتاريخ 1/7/2013م. باشرت الشركة بهذا العمل تحت إشراف هندسي من الجهتين؛ المستفيدة والمحافظة, وكانت المباشرة بهدم المرقد ووضع الأسس له, بعدها جاءت الحرب على داعش وتعرض البلد إلى المخاطر، إذ توقف العمل بكل المشاريع بنسبة 100%, ولقدسية المزار وللحفاظ عليه، وخوفاً من اندثار المواد التي جهزتها الشركة لإعماره، عزمنا على أن نستأنف العمل بكل وسيلة ممكنة، سواء بقرض أو بصيغ قانونية أخرى بعد موافقات ديوان الوقف الشيعي، كان الوضع الأمني حينها مبهماً, لكن أفضل الحلول كان حل العقد بالتراضي مع الجهتين، المستفيدة والمحافظة، بموافقة الأمانة العامة للمزارات. وشرعت الأمانة، متمثلة بشخص الشيخ خليفة الجوهر، بإصدار كتاب إلى مجلس المحافظة يفيد بأن الأمانة العامة للمزارات سوف تُنجز العمل على أكمل وجه من الواردات الخاصة بالمزار والمتبرعين, وشرعنا على الفور وأنجزت المرحلة الأولى بالكامل.
القبة والبئر
يكمل السيد مهدي: يزخر المزار بعمارة إسلامية تاريخية مميزة وقبة تاريخية تعود إلى القرن السادس الهجري, حافظنا على بقائها عندما شرعنا بهدم المرقد تمهيداً لإعماره، فقد أنزلناها إلى الأرض لتظل معلَماً تاريخياً.
أما البئر فهي موجودة منذ القدم مع عمر المرقد، ذلك أن مسالك الطرق التي يسلكها الناس في ذلك الوقت كلها فيها آبار يُستقى منها. ومع مراحل بناء المزار انخفض منسوب مياه البئر، لكنه لم ينقطع وهو ماء مفحوص وصالح للشرب يأخذ منه الزوار للتبرك والشفاء.
تفاصيل المزار
يحدثنا الأمين الخاص قائلاً: يزور المرقد زوار من أنحاء العراق كافة, أما في الزيارة الأربعينية والزيارات المليونية فيقصدنا زوار من دول الجوار والدول الإسلامية.
زيارة المرقد العامة تكون في يومي الجمعة والسبت وأيام العطل, أما الزيارة الخاصة فتكون بمرحلتين: في ذكرى استشهاد أمير المؤمنين (ع) في 21 من رمضان، إذ يتوافد المؤمنون لتعزيته باستشهاد والده أمير المؤمنين (ع)، وفي المناطق الريفية تُحيى ليلة العاشر من محرم وهي ليلة استشهاد الإمام الحسين (ع), والأمانة الخاصة ومنذ تسلمها المسؤولية عن المزار حرصت على إحياء التاسع من شهر صفر، وهو تاريخ واقعة النهروان ويحييها جمع من الخطباء المعروفين أمثال الشيخ جعفر الإبراهيمي والشيخ زمان الحسناوي والشيخ صلاح الطفيلي, وتقام محاضرات دينية وثقافية في المزار على مدار السنة, ويوجد مركز لعلوم القرآن ومحطات قرآنية للزائرين.
مساحة المزار
أما عن مساحة المزار فيقول السيد الأمين الخاص: أقيم المرقد على مساحة تبلغ أكثر من 4 دونمات، وقد بني المزار في منتصف هذه المساحة، عند دخولك من اليمين ترى ثلاث قاعات: واحدة للرجال طولها 25 متراً وعرضها 10 أمتار، وأخرى لاستقبال الزائرين ومصلى مساحتها 1000 متر مربع، ويقسم الحرم إلى نصفين؛ أحدهما للرجال والآخر للنساء, وثمة أربعة أبواب: اثنان من جهة الرجال والآخران من جهة النساء، وكل باب له اسم مثل باب أمير المؤمنين (ع)، وباب الإمام الحسين (ع)، وباب الإمام الكاظم (ع)، وباب أسماء بنت عميس وهي والدة عون. ارتفاع القبة 21 متراً مغلفة بالكاشي الكربلائي وارتفاع كل من المئذنتين أكثر بقليل من 32 متراً، ومساحة الشباك اثنا عشر متراً مربعاً مصنوع في ورشة ميثم التمار التابعة للأمانة العامة للمزارات, ونسعى، ضمن جهودنا في تطوير المزار مستقبلاً، إلى بناء فندق ودار ضيافة ووسائل ترفيهية للزائرين ومحال تجارية تكون وارداتها للمزار.