مع تفاقم أعداد الإصابات.. مجلة الشبكة تستطلع جدّية الالتزام بالحظر في أحياء بغداد

664

#خليك_بالبيت

آية منصور /

لقد تطلب الأمر أن نستقل سيارة أجرة، يملكها منتسب في الدفاع، لنتمكن من المضي قدماً في شوارع المدينة التي تعيش حظراً شاملاً للتجوال، ولم تسعفنا “باجاتنا”، أو “هويات العمل” في أماكن عديدة، فقد كان التشديد صارماً، والأسئلة كثيرة، أردنا معرفة ما يحصل أثناء الحظر، وهل أن الإجراءات كانت متطابقة حقاً في جميع المناطق؟
هدوء نسبي
بدا الوضع هادئاً في جانب الكرخ/ قاطع المنصور، حيث الإجراءات المتخذة لم تكن صارمة جداً، وذلك لالتزام المواطنين وخلوّ الشارع تقريباً من المارّة، حتى المحال والصيدليات أغلقت أبوابها، وعاشت في جو حظر شامل.
لكن ما صدم كادر مجلتنا هو الزحام الكثيف الذي يعيشه جانب الرصافة، وتحديداً منطقة الكرادة، على الرغم من صياح المنتسبين الواقفين لفرض حظر التجوال وغضبهم، أحد الجنود رفض رفضاً قاطعاً مرور سيارتنا على الرغم من إبرازننا “هوياتنا” إلا أنه رفض بشدة قائلاً: لا توجد استثناءات
الأصفر المحظور
هذا الجندي الذي استطعنا التحدث معه فيما بعد من أجل الاستطلاع، أكد لنا أن اللون الأصفر ممنوع من التجوال في الشوارع، موضحاً: أعني سيارات الأجرة، وأضاف:- لا يمكن التهاون مطلقاً مع أي شخص مهما كانت وظيفته، الحظر شامل للجميع، فلمَ هذا العناد؟
قالها بغضب بالغ، وتحرك قدُماً نحو إحدى السيارات الخاصة، وسأل سائقها عن سبب خروجه، قدّم له السائق “هوية” فرفضها الجندي محمد عزيز وأشار له بيديه أن يعود أدراجه من حيث جاء.
استثناءات محددة ومشروطة
سيارات عديدة كانت تمر من هذا الشارع الذي نقف فيه (شارع الكرادة داخل)، وقد لاحظنا منع مرور أغلب السيارات، باستثناء الحالات الاضطرارية، ومنها سيارة تحمل سيدة كانت قد فقدت الوعي، إذ أخليت السيطرة كلياً لمرورها سريعاً، وعن هذا الإجراء قال لنا المنتسب محمد عزيز:
– نحن نطبق القانون بالتأكيد، لكن في حالات كهذه لا ينبغي أن يُنسينا تطبيق القانون أن في قلوبنا رحمة مع من يحتاج المساعدة.
وقفنا أكثر من ساعة، ولاحظنا عشرات السيارات تحاول عبور السيطرة، استطاع بعضهم العبور، فيما اضطر بعضهم الآخر إلى العودة من الطريق نفسه: منتسب، وضابط، وصحافي، جميعهم جرت مساءلتهم عن سبب خروجهم، لكن السيارات بدأت تدريجياً وبمرور الوقت بالانحسار في الشارع، فقررنا حينها التوجه إلى أحياء أخرى والتحدث مع المواطنين عن تشديد الحظر!
الحظر المكسور
أحد الأحياء كان يعيش جواً طبيعياً على الرغم من وضع الحواجز الكونكريتية حول مداخله وفرض حظر شامل للتجوال، ذلك الحي كان في منطقة الشعب. المواطن مرتجى حمزة أكد لنا، وهو يحدثنا من خلف كمّامته، أن القوات الأمنية تحاول السيطرة لكنها لا تستطيع مطلقاً، ويوضح قائلاً: تأتي كل يوم دوريات الشرطة لإغلاق المحال التجارية والأسواق الشعبية، إلا أن المواطنين يعيدون افتتاحها بعد ذهاب القوات مباشرة، ويعود الأطفال للعب في الشوارع وكأن شيئاً لم يكن.
حظر آخر مكسور
الأمر نفسه شاهدناه في حي أور، المنطقة المكتظة بالمارّة، حيث لا يمكنك إلا أن ترى الحياة الطبيعية وهي تمارس في هذا الحي. كانت إجابات الناس بشأن تطبيقهم الحجر الصحي متباينة للغاية، بعضهم علّل خروجه بشراء بعض الحاجات للمنزل، وبعضهم اعترف بملله من الجلوس طويلاً في البيت، على الرغم من معرفتهم بخطورة الوضع. السيد عباس المندلاوي، أخبرنا عن سبب خروجه، من وجهة نظره هو، إذ قال:
– لم يحدث هذا الأمر معنا طوال حياتنا، وكأنك في سجن لا تعلم متى تخرج منه، أن تبقى بالمنزل أمر في غاية الصعوبة، لا أخفيك سراً! نعلم أن الأمر خطر لكن ما العمل؟
من يحمي الفقير؟
في حين يستنكر مؤمن الساعدي، وهو بائع للملابس المستعملة على عربة خشبية، تشديد إجراءات الحظر، حسب رأيه، على المتعففين والفقراء والكَسَبة اليوميين، في حين ما يزال صاحب السلطة في الشارع، ويؤكد الساعدي أن الحظر شمل عمال الأجرة اليومية وأصحاب المحال ومن يقف في الشارع من أجل رزقه، ويردف قائلاً:
– ما زال كثير من الناس يستطيعون الخروج بسياراتهم، فتزدحم الشوارع بهم، لكن الفقير معتكف في بيته لأن القوانين تسري عليه فقط!
ويتساءل مؤمن عما إذا ستكون هنالك خطة بديلة لإنقاذ الفقراء مع استمرار الحظر الشامل؟
الالتزام المتكسِّر
ما أردنا التحقق منه في رحلتنا هو أن نطّلع على مناطق وأحياء مختلفة، تفاوتت فيها نسب تجوال المواطنين، فكانت منطقتا اليرموك والمنصور، الأكثر التزاماً بالحظر، رغم عدم وجود دوريات كثيرة لضبط القانون، في حين تكاثرت أعداد المواطنين وتزايدت في مناطق الشعب، والكرادة، والحرية، وحي أور.

النسخة الألكترونية من العدد 361

“أون لآين -4-”