من أجل تشريع قانون يجرّم التحريض الطائفي

842

محمد الكروي – آيه منصور/

بعد أن انطلقت مجلتنا “الشبكة” بحملتها من أجل تشريع قانون يجرّم التحريض الطائفي وما يتسبب به من جرائم قتل وخطف واستباحة حقوق وأعراض، سواء عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي وسواها من الوسائل، أعلن مثقفون وإعلاميون دعمهم حملة “الشبكة” وأكدوا ضرورة تشريع مثل هذا القانون في سياق سياسة المصالحة المجتمعية وتعزيز الوحدة الوطنية لشعبنا بمختلف مكوناته:

الوطن بحاجة لمثل هذا القانون

الشاعر عمر السراي قال:-

أقف مع هذا المشروع الضروري والمهم، والذي يحتاجه الوطن كأشد ما يكون. فقد استسهل بعض منقوصي الوطنية الحديث باسم الطائفة تارة والعشيرة تارة أخرى، مستغلين ضعف الدولة على مستوى القانون وتطبيقه، أرى وجوب ان تبادر الدولة بحماية مواطنيها وتحقيق الحياة الآمنة لهم، وتشريع وضمان تنفيذ التشريعات اللازمة لصناعة دولة مدنية تؤمن بالروح الوطنية، وتلجم المصطادين في برك السوء، نحن في اتحاد الأدباء لامانع لدينا من الانضمام للحملة والترويج لها من أجل خدمة المجتمع وتحصينه أمام هذه الظاهرة المقيتة.
بحاجة لقانون وحملة توعية

الأديب والصحفي علي لفته سعيد أشار :-

منذ عام 2003 ونحن نعيش اضطراباً في كل المجالات سواء السياسية منها أو الأمنية أو الخدمية، ولكن الأهم في كل المسمّيات يبقى المجال الأمني لأنه مفتاح الأمان ومفتاح الاستقرار السياسي مثلما هو مفتاح تقديم الخدمات بشكل أفضل من خلال القضاء على الفساد.. ولهذا فإن الفوضى الأمنية لم تكن فقط بسبب القاعدة سابقاً وما تناسلته من وليد مشوّه مجرم اسمه داعش، بل هي تلك الجريمة التي أطاحت بالاستقرار وأرادت أن تؤثر حتى على النجاحات الأمنية التي حققتها القوات الأمنية بجميع مسمياتها.. إن هذا الانفلات بحاجة الى قوانين صارمة لمواجهة عمليات القتل والاختطاف، سواء أكانت هذه العمليات بلباس جرمي أو بعصابات مسلحة أو بلباس طائفي، والأخيرة هي الألعن، لأنها مؤثرة على وعي وثقافة المجتمع.

الشاعر صلاح حسن قال:-

لا يمكن إيقاف الطائفية عن طريق قرار يصدره البرلمان برغم أهمية ذلك، لأنها مرض اجتماعي يصيب المجتمعات المنقسمة على نفسها، لذلك يكمن إيقاف الطائفية عن طريق المصالحة الاجتماعية وثقافة التسامح والاعتراف بالآخر وحرية الاعتقاد والدين. إن إشاعة ثقافة التسامح والممارسات الدينية المشتركة يمكن أن تسهم في التقليل من آثار الطائفية. وأفضل ما حصل من أمثلة هو معركة القضاء على داعش حيث توحّد العراقيون من مختلف الطوائف والأديان واستطاعوا القضاء على الإرهاب .

قانون وإجراءات رادعة

الكاتب ريسان الفهد قال:

الطائفية ثقافة دخيلة على العراق، فمنذ أن وجد العراق كان التعايش السلمي هو السائد في المجتمع بين الأديان والطوائف والإثنيات الموجودة. ولكن بعد 2003 برزت الطائفية بشكل مخيف جداً، وﻻ أشك أنه مخطط مدروس كمكمّل للاحتلال بهدف تفتيت وشرذمة النسيج اﻻجتماعي، وقد نجحوا نوعاً ما بعد أن توفرت وسائل النجاح لهذا المشروع. وكانت الحكومات المتعاقبة أول من شرعن الطائفية في استحداث الوقفين السني والشيعي وكذلك المسيحي وغيرها، وهذه بذرة نمت وترعرعت لتعميق الخلاف ثم الإعلام والمحطات الدينية من مختلف الطوائف ذات الخطاب التحريضي الموجّه والمدعومة من جهات خارجية لإشعال الفتنة واستمرارها. ﻻ أعتقد أنه يكفي لجمها بقانون او تشريع لأن من بيده القانون والتشريع ما زال يغذيها لأنها أداته الوحيدة ﻻستمراه في السلطة وكسب الناس السذّج. ومع هذا ندعو الى قانون ملزم لتحريم وتجريم كل من يدعو للطائفية ويروج لها من خلال منابر الصلاة او وسائل الإعلام، ولكن بإجراءات صارمة بغلق قنوات التحريض ومنع خطباء الفتنة والداعين الى القتل باعتبارهم محرّضين فعليين للقتل.

التعايش مسؤولية المثقف

بلال محسن/ مؤسس دار ومكتبة سطور

إن رواج مفردات مثل: مثقف سنّي ومثقف شيعي يدل دلالة واضحة على انحطاط الثقافة في العراق، لأن هذا البلد الذي علّم الشعوب الأخرى الحضارة، لا تليق به هذه المفردات، لأنها بدل أن توسع أفق المثقف، فإنها ستحدّ منها وتضيقها إلى أقصى الحدود. على المثقف أن يترفّع على الخلاف المفترض بين السنّة والشيعة، فالمذاهب في الإسلام أو في أية ديانة أخرى يمكن أن تتعايش، شرط أن تحترم إحداها الأخرى. وهذا ما هو حاصل في المجتمعات العلمانية. المثقف يجب أن يكون بعيداً عن الدخول في شراك السلطة والمذاهب وما أشبه، لأنه آنذاك لا يستطيع أن يرى وأن يتأمل ويحلل باعتباره ضمير الشعب. المثقف هو مثل مصباح كشّاف عن كل مواطن الخلل والعطب في المجتمع، وخاصة في السلطة الحاكمة التي تريد أن تتعكز على مفردات مثل المثقف السنّي والشيعي من أجل الهيمنة عليه، وإدخاله إلى قفصها، أو تضع على عينيه كمّامات. الحل يكمن في ولادة المثقف العضوي الذي بشر به المفكر الايطالي غرامشي الذي طالب المثقف أن لا يدخل إلى أية خانة بل يراقب ويتأمل ويحلل، لا أن يصبح جزءاً من السلطة، أية سلطة كانت، دينية أم اجتماعية أم سياسية. ولا يوجد أي بديل أمام المثقف سوى أن يؤمن بالعلمانية، التي تفصل الدين عن السلطة، وهذا هو الدور الذي يتوجب على المثقف أن يلعبه

بوّابة للتقسيم

مازن المعموري/ شاعر

تعد هذه الكلمات مفاتيح اصطلاحية لمشروع التقسيم العراقي القائم على أساس الصراع الطائفي بين قوتين أو تحالفين هما تحالف إيران من جهة وتحالف السعودية من جهة ثانية, والمشكلة ليست هنا, بل في الطرف الثالث المهم وهو العراق او الإنسان العراقي تحديداً, ذلك الإنسان الذي يستجيب بشكل فوري ومباشر لأيّ متغير سياسي في المنطقة, والمثقف العراقي يتحمل وزر هذه الظاهرة لأنه يطبّل لها منذ فترة ليست بالقصيرة والأسماء معروفة للجميع ولا أريد الخوض في ما هو معروف ومتداول, للأسف الشديد, لكنني أقول لكل هؤلاء إن هذه الأوهام سوف تتبدد ذات يوم في المستقبل مهما كان الواقع مريراً, وإنهم سوف يتحملون كل أعباء الماضي السيئ لمرحلة التقسيم، إن حصل، او استمرار الصراع الطائفي، إن بقي مستمراً, لأنني أؤمن بأن التقسيم يضعف العراق وأهله وكذلك استمرار الصراع الطائفي بكل أشكاله. إن اختزال المجتمع العراقي بصنفين سيؤدي بنا الى ضياع جوهر الهوية العراقية القائمة على أساس التعايش والتعدد الإثني والعِرقي منذ نشوء بلاد ما بين النهرين وحتى اليوم, وعليه فأنا أدين هذه الظاهرة بكل تفاصيلها لأنها تعني الانتماء للغير وخيانة المجتمع ومستقبله.

سينتهي هذا الصراع الطائفي

كريم السيد/ محامٍ وإعلامي:

الثقافة هي طريقة للحياة، تتجاوز في مدياتها البيئة وتتسع ذهنياً لأبعد من الزمان والمكان… وهي كذلك عابرة لأي من المسميات الضيقة والفئوية طالما أنها تستهدف الإنسان بوجوده لا بأصله ونسبه وعقيدته.. ولعل مثل هكذا مفردات واصطلاحات تنامت وتسايرت مع حالة التصعيد الطائفي بعد سحب الهوية الوطنية للفرد ووضع هويات فرعية أخرى، او لخلق تمايز بين مثقف وآخر لأبعاد فئوية، إذن ما معنى ان يحسب الرأي على الطائفة التي ورثها مثل أي شيء، لكن الرأي لم يورث بل هو حصيلة وعي ونضج وفهم.. بالنهاية أعتقد بأن مثل هكذا اصطلاحات وقتية وعرضية لها يوم تنتهي فيه مع انتهاء هذه الفورة التي خلقت المسميات الفرعية.