نايجل.. الطائر الأكثر وحدة بالعالم

1٬355

ترجمة: آلاء فائق/

ندب حماة البيئة والحياة البرية في نيوزيلندا خسارتهم لطائر الأطيش الشهير أزرق القدمين (احد فصائل البجع) الذي اغري بالعيش بجزيرة مانا غير المأهولة والواقعة قرب السواحل النيوزيلندية مع نسخ غير حقيقية لطيور اطيش اسمنتية مماثلة له على أمل انشاء مستعمرة لتربية هذا النوع من الطيور هناك.

اساساً، كانت فكرة موظفي حماية البيئة هي وضع هذه النسخ الاصطناعية على جانب جرف المنحدر الصخري للجزيرة، ، تحديدا في كانون الأول 1997، كما قاموا بإطلاق نداءات لأصوات هذا النوع من الطيور تذاع عبر مكبرات صوت تشحن بالطاقة الشمسية كمحاولة منهم لجذب طيور الأطيش لهذه المستعمرة، لكن محاولتهم لم تغر سوى نايجل الذي استميل للقدوم الى الجزيرة قبل اكثر من خمس سنوات فقط.

نايجل الذي “لا اصحاب له”، كما عرف ودياً لدى اغلب الناس، والمعروف بين عشاقه بـ “الطائر الأكثر وحدة بالعالم ” عاش حياته على حافة منحدر مقفر بجزيرة مانا، مع 80 طائر أطيش مزيفاً، كان وجودهم يشكل له صحبة ورفقة وهمية، فلا عزاء لوحدته الموحشة سواهم.

كم كان جميلا لو أمد الله بعمر هذا الطائر سنوات أخرى ووجد شريكة له، لكن القدر شاء غير ذلك، فقد عثر حارس الأحراش التابع لهيئة حماية البيئة بالجزيرة ويدعى كريس بيل على جثة نايجل ملقاة جنبا إلى جنب مع طيرة اطيش كونكريتية كان يعتقد نايجل انها شريكته.

يذكر أن أرض جزيرة مانا لم يطأها اي طير يذكر منذ 40 عاما، وكان نايجل أول طائر اطيش يصل لوحده اليها في العام 2013، ومن حينها تفنن نايجل بمحاولات تودده لهذه الطيرة المزيفة، كجزء من عمليات المغازلة بين الطيور، ما حدا به لبناء عش لها من الطحالب البحرية والوحل وأغصان الأشجار، كما حاول تنظيف وهندمة ريشها الخرساني البارد، وكان يدردش معها – من جانب واحد – سنة بعد اخرى.

يقول بيل الذى يعيش ايضا ويعمل لوحده بالجزيرة التي تبعد نحو 2.5 كم من الساحل الغربي للبر الرئيسي”ان نايجل كان وفيا جدا للمستعمرة”.

يعتقد بيل أن مسألة وجود نايجل بهذه الجزيرة غير المأهولة كان أمرا محبطا للغاية. فسواء كان وحيدا أو لم يكن، فهو بالتأكيد لا يمكنه ارجاع أي شيء للوراء، حياته بمفرده كانت تجربة قاسية جدا، لا سيما عندما أمضى شوطا كبيرا من سنين عمره جزافا بمغازلات وهمية لتمثال طيرة جامدة، مضيفا:”أعتقد أننا جميعا قد تعاطفنا معه كثيرا، لأنه كان بوضع ميؤوس منه للغاية.”

وفي تطور قاس للمصير، تم وضع ثلاثة طيور أطيش جديدة بالجزيرة العام الماضي، في عشية عيد الميلاد، كمؤشر على مرور 20 عاما على تأسيس هذه المستعمرة لأول مرة، كان يعتقد أن نايجل سيحظى أخيرا برفقة حقيقية له من لحم ودم، لكنه توفي بعد أسابيع من استيطانهم، كان حماة البيئة بالجزيرة يأملون أن يتقارب نايجل معهم ويوطد علاقته بطيور من نفس صنفه.

لكنه لم يهتم بهم، وظل “بمعزل تام” عنهم، لا بل بدلا من ذلك، كان منهمكا بالزقزقة لصاحبته الخرسانية، في حين أن الطيور الحقيقية انشغلت عنه بشؤونها الخاصة في احد اجزاء المستعمرة.

صحيح أن الطيور المزيفة تمكنت من خداعه، ولم تفلح بخداع طائر اخر، لكن حماة البيئة فسروا تصرفه تجاهها بالطبيعي، فهذه الطيور كانت تشكل قيمة لا تقدر بثمن له. كان حارس الأدغال بيل واخرون يتأملون أن يزيد تواجد الطائر نايجل بالجزيرة من فرص تهافت الطيور للمستعمرة، وبالفعل كان وجوده محط جذب لغيره من طيور الأطيش، حيث يعرف عن هذا النوع من الطيور حبها بالتعشيش بنفس اماكن طيور الأطيش التي قبلها.

ولا يعرف حتى الآن أين سيدفن الطائر “نايجل”، لكن أحد المعجبين به اقترح حرق جثته ووضع رماده داخل شكل أسمنتي يشبهه.

 

عن/ صحيفة الإندبندت البريطانية

ريان بوتشر