نبيهة عبود.. الباحثون العراقيون يتجاهلون رموز المعرفة
باسم عبد الحميد حمودي /
يهمنا هنا التعريف بهذه الشخصية العلمية العراقية التي كانت من أبرز الباحثين العراقيين الذين درسوا البرديات الإسلامية الموجودة في جامعة بوسطن، وقاموا بتحقيقها، ومنها البردية التي اشتهرت بها عن ألف ليلة وليلة بالنسبة للدراسات الفولكلورية. ونبيهة عبود ظلت كأستاذة للدراسات الإسلامية في الجامعات الأمريكية المتعددة بعيدة عن إطار العمل الفولكلوري والدراسات المصاحبة، ولاسيما في العالم العربي بسبب تسميتها باللغة الإنكليزية Nabia Abbott وهي تسمية لا تقربها من العربية، فكيف تكون عراقية أيضاً؟
واقع الأمر أن أساتذتها في الهند وفي الجامعات الأمريكية لم يهتموا بهذا إلا بقدر اهتمامهم بنشاطها العلمي ودراساتها في البرديات القديمة ومؤلفاتها التاريخية المتعددة الجوانب في الخط العربي وحياة المسلمات الأوائل والدراسات التاريخية. فمن هي نبيهة عبود، العراقية التي نسيتها الدراسات في العراق، عدا الدكتور جليل العطية الذي أشار إليها يوماً في مقالة له في مجلة التراث الشعبي، والدكتور محسن مهدي وهو يحقق كتاب ألف ليلة وليلة.
علاقة بالمس بيل
ولدت نبيهة عبود في مدينة ماردين التركية في 31كانون الثاني 1897 لوالد ظل يعمل في التجارة , وانتقلت الى رحمة الله في 15 تشرين الأول 1981 في شيكاغو, وبين هذين الزمنين عاشت سنوات في بغداد وأنجزت فيها دراستها الجامعية الأولى متخصصة بالتاريخ، ثم انتقلت مع عائلتها إلى الهند حيث درست الماجستير في كلية إيزابيلا ثوبرون في كلكتا.قبل ذلك، وفي بغداد، كانت على صلة بالمس بيل، السكرتيرة الشرقية للمقيم البريطاني في بغداد، وقامت بالتدريس لفترة في العاصمة العراقية قبيل رحيلها الى الهند مع والدها التاجر المحترف والمتنقل، ومنها الى الولايات المتحدة حيث نالت الماجستير الثانية في البرديات الإسلامية في جامعة بوسطن عام 1933, ثم عادت للتدريس في بغداد قبيل رحيلها ثانية الى أمريكا لتنال الدكتوراه عام 1949 في المعهد الشرقي في جامعة شيكاغو على يد أستاذها المؤرخ مارتن سييبكبرلنك, وظلت في هذا المعهد حتى تقاعدها عام 1963 أستاذة ومنتجة بحوث مهمة في القرآنيات والخط العربي وتحقيق البرديات وكتب متعددة.
المهم في حقلنا هذا أن نبيهة عبود قد استطاعت تحقيق بردية في أصول ألف ليلة بالهند، مؤكدة صلتها بابن النديم، لكن ذلك نبّه الباحثين الى نشاط الهند في صناعة (ألف ليلة) جديدة على يد الشيخ الشيرواني الذي نشر طبعة لها في كلكتا بالعربية معتمداً على نسخة وجدت في المكتب الهندي في كلكتا في وقت نشر فيه إدوارد لين ترجمته لليالي الشهرزادية عام 1840.
كتب التراث
ظلت نبيهة عبود، سواء في كلكتا الهند أو بغداد أو الولايات المتحدة، منصرفة بصورة كاملة الى دراساتها في البرديات الإسلامية وتحقيقها وإصدار المؤلفات المتعددة في تحقيق كتب التراث العربي –الإسلامي التي زادت عن الثلاثين دون أن تعطي لحياتها الشخصية طابعاً فردياً, فقد كانت تبحث عن السعادة الذاتية في البحث دون سواه!
بقيت نبيهة عبود على صلة بالمعهد الشرقي للدراسات في جامعة بوسطن بعد تقاعدها وحتى وفاتها في تشرين الاول 1981, لتظل ذكراها طيبة عطرة تستحق الدرس والإشادة.