نجمة أفلام السينما الألمانية “ماريكا روك” كيف أصبحت جاسوسةً للاتحاد السوفييتي؟

752

ارشيف واعداد عامر بدر حسون/

كشفت وثائق استخباراتية بالغة السرية أُفصِحَ عنها مؤخراً أنَّ واحدةً من أفضل الممثلات المحبوبات بألمانيا في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية كانت جاسوسةً للاتحاد السوفييتي.

كانت الممثلة ماريكا روك، التي أُوقِفَت عن التمثيل لمدة عامين نتيجةً لقربها الواضح من النظام النازي بعد الحرب العالمية الثانية، تعمل لصالح شبكة تجسُّس تنقل أسرار الرايخ الثالث إلى موسكو، بحسب ما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.

وُلدت ماريكا في القاهرة عام 1913 لوالدين من المجر، وقضت طفولتها في بودابست. وبدأت مشوارها المهني أثناء العهد النازي كنجمةً في فن الأوبريت، ومثلت في ما يقارب الـ 40 فيلماً قبل موتها عن عمرٍ ناهزالـ 90 عاماً عام 2004.

كيف تم التجنيد؟

من المُعتقد أن تجنيدها كعميلةٍ للاستخبارات السوفييتية تم بواسطة مدير أعمالها، هاينز هوفمايستر، الذي كان يعمل بالفعل لصالح الاستخبارات السوفييتية. إلا أن تفاصيل دور ماريكا، وعلى وجه الخصوص المعلومات التي من الممكن أن تكون قد نقلتها إلى موسكو، ما زالت مُبهمة.

ويعتقد بعضهم أنَّ زوجها، مخرج الأفلام جورج جاكوبي، كان يعمل معها بالتجسس.

شبكة العملاء “كرونا”، التي كانت ماريكا عضوةً فيها، كانت مسؤولةً عن نقل معلومات استخباراتية عسكرية عالية المستوى، من بينها خطط عملية بارباروسا (عملية غزو ألمانيا للاتحاد السوفييتي) ومعركة كورسك (مواجهة عسكرية أخرى خلال الحرب العالمية الثانية بين الدولتين).

أدار الشبكة عميل السوفييت الأسطوري يان تشرنياك، الذي أُطلق عليه لقب “الرجل الذي لا ظل له”، لقدرته على التحرك دون أن يكشفه أحد. أما تشرنياك نفسه فقد جُنِّدَ من قِبل الاستخبارات العسكرية السوفييتية أثناء دراسته في برلين في الأربعينات.

ضمّت شبكته نحو 35 عميلاً: مصرفيون، ومسؤولون عسكريون، وسكرتيرات، إضافةً إلى الممثلة أولغا تشيخوفا.

دور ماريكا كجاسوسةٍ للاتحاد السوفييتي كشفته منظمة “غيلن” الألمانية الغربية، التي سبقت وكالة الاستخبارات الألمانية المحلية الحالية “دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية”. سجلت المنظمة أول ملاحظة رسمية عن شكوكها في ماريكا في سجلاتها في نوفمبر/تشرين الثاني 1951. وفي ملفٍ نشرته صحيفة “بيلد”، كان مصُنَّفاً كملفٍ بالغ السرية لمدة 50 عاماً ونُشر مؤخراً، كُشِفَ عن “صلات ماريكا بأشخاصٍ يشغلون مناصب في الاستخبارات الروسية”، وفقاً لوصف صحيفة “بيلد”.

عام 1951، أعلنت ماريكا اعتزالها التمثيل بعد 16 عاماً من العمل. وذكرت الصُحف آنذاك أنَّها تريد أن تكرّس نفسها لإدارة متجر لبيع الملابس الصوفية السويسرية الأصلية في دوسلدورف.

إلا أن استخبارات ألمانيا الغربية اعتبرت تلك الخطة تمويهاً يشبه “حركات الشطرنج الذكية”، من شأنه أن يسمح لها بالاستمرار في التجسس لصالح الاتحاد السوفييتي.

منافسة نجمات هوليوود

كان النظام النازي يُعِد ماريكا حتى تقدم إلى شعب الرايخ الثالث موهبةً محلية في التمثيل تتنافس مع مثيلاتها من نجمات هوليوود، مثل الممثلتين جنجر روجرز وريتا هيوارث. وكانت ماريكا تُعَدُ واحدةً من ممثلات هتلر المُفضلات، وأُشِيعَ أنها كانت على علاقةٍ بجوزيف غوبلز، وزير الدعاية السياسية في عهد هتلر.
واشتهرت ماريكا عام 1935 بعد لعبها دور البطولة في فيلم “Leichte Kavallerie” (سلاح الفرسان الخفيف)، لتصبح واحدةً من أكثر النجمات انتشاراً في ذلك الوقت. كما لعبت أدواراً كثيرة بجانب الممثل يوهانس خيسترز في أفلامٍ دعائية، ورأى البعض أنَّ ماريكا قد أضفت درجةً من الغرابة على أدوارها بلهجتها الهنغارية الخفيفة.

ليس من المعروف ما إذا كانت ماريكا قد علمت حينها بأنَّه كان مشتبهاً فيها بتهمة التجسس، وما إن كانت قد أُجرِيَت أية محاولات لمنعها من الاستمرار. واعتُبرت ماريكا لسنوات ضد الشيوعية. إلا أن حظر العمل الذي فُرض عليها لمدة عامين في نهاية الحرب العالمية الثانية كعقابٍ لها نتيجة لعلاقتها الوثيقة بالدائرة الداخلية للقيادة النازية من الممكن أن يكون قد ساعدها على الاستمرار في التظاهر. أو ربما تكون قد تمكنت من الحفاظ على علاقةٍ وثيقة بكلا النظامين

وكانت ماريكا قد كتبت بطاقةً بريدية بتاريخ نوفمبر/تشرين الثاني 1940 إلى هتلر، تشكره فيها بشدة على باقة زهور كان قد أرسلها لها، وهذه الباقة معروضة حالياً في متحف برلين السينمائي.