
نصيف فلك.. مدوّن الأوجاع
علي السومري /
من يعرفه، يدرك جيداً أن الكتابة عنه شاقة جداً.
كيف يمكن الاحتفاء بإنسان نذر نفسه لوطنه وناسه وأدبه، وذاق من جرّائهما الويلات، من سجون، وحكم إعدام، وغربة، ليخرج من كل هذه المصائب بثوب ناصع كبياض قلبه.
وديع مع من يحُب مثل طفل، وشرس ضد الطغاة وزبانيتهم، مواقف دفع بسببها أثماناً باهظة. إنه الروائي والكاتب والصحفي نصيف فلك، صاحب أشهر رواية عراقية دونت أوجاع العراقيين بعد سقوط الديكتاتورية (خضر قد والعصر الزيتوني)، الرواية التي شرّحت جسد الطاغية وبعثه السافل، لتنتشر مثل النار في الهشيم في الأوساط الثقافية كوثيقة حية لعقود من الظلم والقهر والاضطهاد، رواية نالت جائزة الإبداع عام 2009.
كاتب استثنائي، وروائي ماهر، واسم صعب في السردية العراقية، كرس حياته للوقوف مع الحق، وتدوين آلامنا عبر روايات كانت ومازالت مصدراً غنياً لما جرى ويجري وسيجري في وطننا الحبيب.
ممثلٌ استثنائي، كيف لا وهو ابن المسرح العراقي؟ المسرح الذي استثمره لكشف زيف سلطة البعث في أوج طغيانها. ساخرٌ حد اللعنة من أدعياء الثقافة والمتلونين، أبواق الأزمنة المختلفة.
عاشق السينما، وبغداد و(درابينها) ومحلاتها وأزقتها وقصص بائسيها، الأبطال الذين طالما دافع عن حقهم في العيش بكرامة.
منذ عرفته وهو بالنسبة لي من أجمل الأفلام السينمائية الحية، ومن تعمق في حياته ودروبها لن يصدق أن هذا الشاعر، المسرحي، السينمائي، القاص، الصحفي، والروائي، شخص واحد، فحياته كانت ومازالت فيلماً سينمائياً مثيراً، ما عليك حين تشاهده إلا الاصغاء، الإصغاء فقط لما يقوله.
ها أنا أرفع يدي إليك أيها النبيل، يا (دون كيشوت) الثقافة العراقية، أحييك فيها، تحية التلميذ لمعلمه، تحية المريد لشيخه، أحييك وأنا أدرك جيداً أن الكتابة عنك شاقة جداً.