هذه أبرز مطالب العراقيين من مجلس النواب الجديد

1٬211

استطلاع:  فلاح الفضلي – مصطفى الربيعي – إيفان حكمت – مازن رحيم /

يلتئم، بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، مجلس النواب العراقي حاملاً على كاهله مسؤولية كبيرة تتمثل بالوفاء لتطلعات الشعب العراقي في العيش الحر الكريم.

وتتجه الأنظار الى ممثلي الشعب في انتخاب حكومة قادرة على قيادة البلاد الى شاطئ الأمن والاستقرار وتلبية مطالب المواطنين، لاسيما تلك التي تركز على الخدمات واستحداث فرص لتشغيل العاطلين عن العمل.
مطالب المواطن لاتحققها إلا حكومة قوية حازمة تنبثق من برلمان يتحسس آمال الشعب، الذي يريد ان يستنشق نسمات امل بعد سنوات صعبة مر بها وتحمل أعباءها.

مطالب مشروعة

مطالب المواطن العراقي المشروعة البسيطة، التي من المفترض ان يتمتع بها اي انسان بشكل طبيعي: الماء، الكهرباء، فرص عمل، الأمان حتماً، والتعليم الجيد للأطفال كونهم قادة المستقبل ويتطلع البلد لأناملهم الصغيرة في بناء مستقبل واعد للعراق، النظام في كل مرافق الحياة حتى في الشارع، محاسبة المفسدين والمخربين ومحاسبة كل مذنب، عند تحقيق هذه المطالب او الجزء الاكبر منها، وستبث نبض الحياة في جميع اوردة ومفاصل المجتمع، حيث سيبدأ الأطفال بالجري واللعب على مساحات خضراء وسط جو من الأمان والطمأنينة، وسيبدأ الجيل الشاب في انتاج التقدم والإبداع للبلد، حينها يبدأ البلد بالتطور ويبدأ بالتنفس ويبدأ بالعيش، وكل هذه المطالب لاتتحقق الا في حكومة تعي اهميتها وتنبثق عن برلمان يدرك مصالح الشعب الذي يمثله.
فالبرلمان هو القرار، هو صوت المواطن، هو التشريع والانصاف، ومن الطبيعي ان يستمع للمواطن للمواطن ويدفع باتجاه تشكيل حكومة تحقيق مطالبه المشروعة.

علاقة

يقول (علي خلف)، خريج كلية القانون: على مدى ثلاث دورات برلمانية مضت مازالت العلاقة بين المواطن والبرلمان تشكل عقدة مستعصية بين الجانبين، فالمراقب يسجل أن سبب هذه العقدة هو أن كلا الجانبين في وادٍ مختلف عن الوادي الذي يعيش فيه الطرف الآخر، وهناك من المراقبين من يحمّل أطرافاً آخرى تقف وراء سوء العلاقة بين المواطن والبرلمان، ولكن الحقيقة الملموسة على أرض الواقع تؤكد أن سبب هذه الأزمة هو الغياب التام لشعور البرلمان بالأزمات التي يعاني منها المواطن منذ أكثر من عقد ونصف العقد على سقوط النظام البائد.

ويقول المواطن (محمد غانم) ،موظف حكومي: إن ما نفقده في العلاقة مع البرلمان هو اهمية شعور البرلماني بالمشكلات التي يعاني منها العراقيون، فالبرلمانيون لابد ان ينحصر جهدهم في مشكلات المواطن ولاينبغي ان يعيشوا في بروجهم العاجية بين الامتيازات و الرواتب الخيالية والإيفادات والسيارات المصفحة وغيرها من مظاهر الترف المفرط، وفي الجانب الآخر مازال المواطن يعيش بين أزمة الكهرباء الوطنية والسحب والمولدة الأهلية ناهيك عن أزماته في المؤسسات التربوية والتعليمية والصحية والخدمية وغيرها من الأزمات التي لا تنتهي، ويضيف: مازلنا ننتظر الوقت الذي يشعر فيه البرلماني بضرورة انصاف المواطن العراقي بالشكل الذي يتلاءم وتضحيات العراقيين في الدفاع عن العراق أرضاً وشرفاً ومقدسات .

وتطالب (زينب)، الموظفة في احدى دوائر الدولة، البرلمان الجديد بضرورة تفعيل المادة الثلاثين من الدستور العراقي و التي تضمن حصة لكل فرد عراقي من النفط العراقي أسوة بما هو مطبق في الدول النفطية الثرية والعراق في مقدمتها، لأن ذلك من شأنه أن يرتقي بالمستوى المعيشي للمواطن العراقي ويقضي على مصادر الجريمة ويعالج أزمة البطالة وغيرها من الأزمات التي يعاني منها العراقيون.

مجلس اتحادي

وتطالب (بسمة)، التي تخرجت للتو من الجامعة، البرلمان بضرورة إقرار المجلس الاتحادي الذي مازال معطلا منذ عام 2005 بعد إقراره في الدستور العراقي ، والذي من شأنه أن يعالج أزمة التعيينات بشكل مركزي ويضع حدا لأزمة بطالة الخريجين، ويقطع الطريق على بعض الأحزاب التي مازالت تبتز المواطن مقابل تعيينه في هذا المكان أو ذاك و هذا ما يجعل ولاء المواطن للحزب أكثر من ولائه للوطن، وتقول إن على البرلمان أن يحافظ على ولاء المواطنين للعراق أولاً و أخيراً.

طعامنا من خيرنا

القطاع الزراعي تأثر هو الآخر فصرنا نتعجب عندما نرى فاكهة او خضرَ عراقية في الأسواق بل انه صار ترفاً ان تشتريها، فكل ما موجود هو مستورد، حتى التمر، وهو اشهر انتاج عراقي صرنا نستورده من دول الجوار.

ويتمنى المزارع (علي راجي) على البرلمان القادم مايريده هو او بقية الفلاحين والمزارعين بتشريع قوانين تجعل طعام العراقيين من خيرات ارضهم وانتاجهم.

وقال: ان ايدينا وارضنا تزرع ألذ ما خلق الله من خضر وفواكه خص بها العراق دون غيرها، فتوفير الأسمدة المستلزمات الزراعية ليست بالمهمة الصعبة، انا اعرف انها مهمة وزارة الزراعة والدوائر التابعة لها وليست مهمة البرلماني لكن البرلمان هو من يراقب وهو من يحاسب وهو من يشرع وهذه المهام الثلاثة كفيلة بجعل اية وزارة تقوم بدورها على أكمل وجه، اخيرا اتمنى على البرلمان القادم سن قوانين لدعم الزراعة العراقية بمواجة المستورد.

تحويل النظام الى الجمهوري

واثناء تجوالنا في منطقة العلاوي التي تزدحم بالمواطنين من ذوي الدخل المحدود، التقينا بـ (م/ح) صاحب الـ 38 عاما وهو يملك بسطية لبيع اكسسوارات الموبايل حيث قال: لا اريد شيئا من البرلمان القادم سوى توفير فرص عمل للشباب العاطل وانا من ضمنهم، كوني احمل شهادة الماجستير في اللغة العربية وطرقت ابواب التعيين الحكومي منذ عام 2008 والي يومنا هذا لم اجد من مجيب.

فيما يقول صاحب محل لبيع الألبسة العسكرية: انا اعمل من الساعة السادسة صباحاً حتى الساعة الرابعة عصراً لأعيل عائلتي المتكونة من سبع بنات واخ واحد وهو انا، خصوصا أن أمي وأبي قد استشهدا عام 2011 في احد الانفجارات التي ضربت منطقة العلاوي، وكنت قد راجعت عدة دوائر حكومية بشان موضوع تعويض عوائل الشهداء ولم اتسلم دينارا واحدا. وهو يتطلع الى برلمان تنبثق عنه حكومة تهتم بضحايا الحرب على الارهاب.
اما المعلم (محمد نجيب) فيريد من البرلمان تحويل النظام الحالي، وهو البرلماني، الى الجمهوري فلم نرَ من هذا النظام سوى الميزانيات الانفجارية التي ذهبت الى جيوب البعض والى حماياتهم وايفاداتهم هم وعوائلهم، يعني لو لم يكن هناك هذا العدد الهائل من النواب الذين لم نسمع عنهم او نراهم سوى في الاعلانات التي تشوه وجه العاصمة بغداد قبيل الانتخابات البرلمانية.

العقدة الأكبر

اما (علاوي)، وهو شاب يعاني الإعاقة الجسدية بسبب قصر قامته التي تشكل له معضلة كبيرة في حياته اليومية، كما يقول، بيد انه يستدرك موضحاً ان عقدته الأكبر صارت عقدة تشكيل الكتلة الأكبر التي باتت تشغل كل تفكيره وتفكير كل من يهتم بالسياسة، ويقول “يبدو ان موضوع (الأكبر) سيكون ملازماً معي حتى مماتي.”

الصناعة المحلية

وتمنى الباحث الاقتصادي (ضياء المحسن) على البرلمان الاهتمام بالصناعة المحلية عبر تشريعات تلزم الحكومة بالنهوض به، فقطاع الصناعة سند قوي للقطاع النفطي الذي نعول عليه دائما في سد الاحتياجات المالية للعراق، والاهتمام بالصناعة سهل ويسير فنحن نمتلك مصانع على درجة عالية من التطور ومشغلو هذه المصانع من مهندسين وفنيين وعمال موجودون واغلبهم على الملاك الدائم تبقى فقط الارادة في تشغيل هذه المصانع، فمن غير المعقول ونحن اسمنا العراق الذي كان من اوائل من ادخل الصناعة الى الشرق الاوسط والمنطقة العربية ان نتراجع صناعياً تراجعاً مخيفاً، فنحن نستورد غالبية احتياجاتنا من دول العالم والجوار من الإبرة الى ما شاء الله، هذا برأيي هدر للأموال والخبرات والطاقات البشرية وان لا يترك هذا القطاع الى المستثمرين لأنه قطاع قائم على الارض ولا يحتاج إلا لقرار شجاع لتشغيله واعطاء الفرصة للمستثمرين للعمل في قطاعات هم من يقوموا ببنائها وليست جاهزة للعمل.

ماذا فعلوا لنا؟
النائب السابق في البرلمان الدكتور علي الشلاه قال: المواطن يحتاج من السلطة التنفيذية اكثر مما يحتاجه من البرلمان، لكن الفهم السائد في الشارع العراقي يمكن اختصاره بالتساؤل المتكرر: ماذا فعلوا لنا ؟

ولابد من تصحيح هذا الفهم ابتداء إذ أن مجرد تدخل النائب في الشأن التنفيذي مثل التعيينات الوظيفية والمشاريع التنفيذية إنما هو مخالفة للقانون ولمبدأ فصل السلطات وادور النائب الدستوري.

ان ما يحتاجه المواطن من البرلمان القادم هو إنجاز التشريعات الضرورية وكذلك الرقابة الدقيقة غير المنحازة على أداء الحكومة والهيئات المستقلة.
لقد فرضت التجربة العراقية خصوصيتها على عمل البرلمان فمن نظام دكتاتوري لا يعترف بأية شريعة او قانون ودستور مؤقت لخمس وثلاثين سنة إلى نظام برلماني ديمقراطي يحاول اللحاق بركب الدول المدنية الحديثة، واذا كنا كعراقيين قد قبلنا ببعض الخلط بين ماهو تشريعي وما هو تنفيذي لفترة انتقالية فقد آن أوان انتهاء هذه الفترة والمطلب الملحّ من البرلمان القادم هو التركيز على التشريعات المعززة للهوية الوطنية والأخرى القادرة على مواجهة الفساد المستشري منذ تسعينات القرن الماضي.

شعوب واعية

ويقول استاذ العلوم السياسية سديف الربيعي: ان الشعوب الواعية تنظر الى برلماناتها بانها لسانها الناطق ومحاميها الذي يقع على عاتقه صيانة حقوقها والمطالبة بها ،لذلك فان من القواعد الاولى التي يجب على برلمان ٢٠١٨ القيام بها هو يكون برلماناً حقيقياً وليس مجلساً للصراعات المصالح الحزبية الضيقة، فالوطن اكبر من الجميع وبرلمان الوطن يجب ان يدافع عن حقوق الجميع ، لذلك فان المسار الافضل لترقية العملية السياسية هو بناء برلمان حقيقي يصدح صوت نوابه دفاعاً عن الوطن والمواطن وليس الحزب والمذهب،اما ثاني هذه القواعد فهي السعي الى تجميل صورة البرلمان ، هذه الصورة التي اسودت نتيجة الصراعات والنزاعات بين الاحزاب، وان افضل تجميل لهذه الصوره هو الشروع في اصدار التشريعات والقوانين التي تهدف الى الارتقاء بالمواطن العراقي وتامين مستقبله بشكل يعيد لذلك المواطن غريزة الحب للوطن وان لا ينظر الى نفسه بانه قربانا ً يضحى به دون مقابل، ويتم ذلك من خلال ايجاد المشاريع والاستثمارات التي تبني الوطن وتوفر العمل للمواطن وتقضي على طوابير البطالة التي تعاني منها واحدة من اغنى دول الشرق الاوسط ، اما ثالث اصدار كل التشريعات الكافية للحد من الفساد.

الوفاء بالوعود

اما الاعلامي بشير الاعرجي قال: في الدورة السابقة، تحوّل جزء كبير من وقت مجلس النواب الى تصفية الحسابات السياسية تحت قبة البرلمان، وهي الحالة لتي تلمسّها المواطن البسيط قبل المختص، فنجم عنها ضياع الوقت والجهد وتأجيل الكثير من القوانين ذات الصبغة الخلافية، كقانون النفط والغاز الذي بقي حبيس قاعات البرلمان دون ان يظهر الى العلن، وينهي فصلا معقدا للخلافات الداخلية التي اتت على مصير اهم مصدر لدخل الدولة العراقية.

نأمل من اعضاء البرلمان الجدد خلع ثوب التحزب عند دخول البرلمان، والايفاء بوعودهم التي قطعوها لناخبيهم قبل الاقتراع، لان المهمة التي سيتصدون لها ذات اهمية كبرى، مع الظروف التي تحيط بالعراق والمنطقة.