يجب معاملة التحريض الطائفيّ كخيانة عظمى

753

د. أثير الجاسور/

الاختلاف لا يعني الخطأ. فالاختلاف في الجنس واللون والطائفة والدين هو مخزون لكل بلد يتمتع بهذا التنوع، لا بل يضيف إليه قوة مجتمعية. وفهم الآخر أسمى درجات الوعي والتحضر مهما كان ذلك الآخر المختلف، فهذا الفهم يقود المجتمع إلى التحضر والرقيّ والسمو ومن خلاله يتم قياس ذلك الوعي الذي يصبح فريداً.

تحدثت تجارب الشعوب المختلفة بلغات عدة كان أكثرها بؤساً لغة التهميش والإقصاء تحت مسمياتٍ دينية وطائفية وقومية لتركن الهوية الوطنية على رفوف النسيان والأمل بالعودة لتنتقل الى أضيق المنطلقات التي لا يتبناها إلا من أصبح الإنسان عنده مخلوقاً ثانوياً. وهنا يقفز سؤال مهم مفاده: هل للإنسان بديل؟
هل للإنسان بديل؟

الإجابة النظرية تجيب بالنفي. لأن الإنسان أساس كل البناء وأساس القواعد والخصائص والوظائف، عليه وله تتمحور الشرائع وإليه تُسن القوانين، بالتالي فإن المستهدَف الأول والأخير هو الإنسان مهما كان شكله أو لونه أو طائفته، هو من تقام بجهوده الدول وهو من تُرتكب بحقه أبشع الفظائع هو من يساهم في بناء صرح خالد وهو من يساهم في قتل ذاته.

لقد واجهت الإنسان مشاكل كثر. وأخطار الحروب ومآسيها كانت دليلاً على ذلك، لكنه لن يواجه أخطر من تلك المشاريع التفتيتية التي تنبع من كل ما له علاقة بأفكار ضيقة لا ترتقي لبناء دولة، مثل الأفكار الطائفية والقومية، ولا تزال شاخصة مجازر ارتكبت ضد الانسانية بدعوى التفوق القومي أو الطائفي، فالحرب الأهلية في لبنان استمرت ١٥ عاماً وشاركت فيها كل الطوائف والإثنيات، وكانت النتيجة هي خسارة الجميع. الرابح الأكبر هم صنّاع الموت من الأحزاب التي تربعت على عرش السلطة فيها، ولن يختلف الحال في العراق فأمراء الطوائف كانت لهم اليد الطولى في تغذية الاقتتال الطائفي داخل المجتمع بعد أن اتبعوا أجندات إقليمية ساهمت في إشعال الفتنة الطائفية بعد عام ٢٠٠٣ ولن تهدأ إلا بعد أن تعلو الهوية الوطنية الجامعة لكل المكونات، تلك الهوية التي تهيمن على الفروع.

ما الحل؟

بالتالي فإن على القائمين، وهنا القصد الرئاسات الثلاث وتحديداً مجلس النواب، القيام بالآتي:

١- تشريع قوانين ترسخ علوّ الهوية الوطنية على تلك الهويات الفرعية الداعية إلى التفتيت والتمزيق.

٢- يُعدّ كل من يحرّض على الطائفية خارجاً على القانون ويعامل التحريض الطائفيّ معاملة الخيانة العظمى.

٣- العمل على رفع الألقاب في دوائر الجنسية لما له علاقة بالتمييز بين هذه الطائفة أو تلك.

٤- العمل على ترسيخ الوحدة الوطنية من خلال المحاضرات النوعية في المدارس والجامعات والمعاهد.

٥- دعم الحلقات النقاشية والمحاضرات الداعية لنبذ الطائفية والتأكيد على الوحدة الوطنية من قبل شبكة الإعلام العراقية (العراقية)، على اعتبارها القناة الرسمية للعراقيين.

وعليه فإن الطائفية تعمل لتأكيد البؤس وتزيد من معاناة المجتمع بعد أن ينقسم على نفسة ويقتل مفاهيم الإنسانية، وبالتالي فإن التمسك بالهوية الوطنية والمساواة واحترام الآخر دلائل على وعي المجتمع تعكس مدى رُقيّه.