يواصل مغامراته في مناطق تسحر السائحين علي هلال.. رحّالة يكتشف الوجه المشرق للعراق

666

آية منصور/

شغف علي هلال بالترحال، حتى أنه جاب أكثر من خمسة عشر بلداً واطلع على عادات ومعالم وطبيعة دول العالم، كما تعرف على بعض الدول، لكنه اكتشف أن في بلاده ما يستحق المغامرة والتعرف عليه.
غالبية سكان البلاد يذهبون الى دول وعواصم عربية وأجنبية، لكن الجنوبي منهم قد لا يعرف مناطق غربي وشمالي البلاد، والعكس صحيح، وهذا كان دافعاً لهلال للتفكير بالتعرف على ثقافات ومناطق الجمال في بلده ونقلها الى الآخرين.
عالمي الممتع
“السفر هو عالمي الممتع”، يقول علي هلال، ويوضح “لقد عشت خارج العراق منذ عام 2014، وعدت إليه عام 2020، وبدأت مشواري بالتنقل من مدينة الى أخرى، بهدف إظهار الجانب المشرق من العراق.”
ويضيف هلال: “أقمت في مدن كثيرة، وأحياء عديدة، تعلمت واكتشفت الحياة جيداً، وكونت الكثير من الصداقات، فكان من مساوئ السفر القليلة، هي أنك وفي كل مدينة، تترك جزءاً من روحك وعلاقاتك الاجتماعية الرائعة.”
اكتشاف الذات
يقول هلال: “حينما عدت الى العراق، اكتشفت أن لا صور حقيقية مهمة تبرز الجانبين السياحي والآثاري للبلد، ورأيت أن هذا الجانب مهمل جداً، لا يعلم عنه أحد شيئاً، فعند سفرك الى أية مدينة، لا بل عند بحثك عن أية مدينة في الإنترنت ومحركات البحث، ستخرج لك مئات الصور المذهلة للمدن، هذا الجانب الإعلامي للمدن الأخرى هو الذي جعلها مميزة سياحياً، الى درجة أن صورة واحدة احترافية تجعلك ترغب بزيارة هذا المكان في هذه اللحظة، لذا فكرت: لم لا نفعل الأمر ذاته في العراق؟”
الجانب المشرق
يعتقد هلال أن لبعض العراقيين واقعاً صعباً، لكنه جعل من نفسه، متخصصاً في نقل الجانب الآخر من هذا الواقع المهمل والمنسي، ألا وهو الجانب السياحي، محاولاً جذب أكبر عدد من السائحين، وممن يفكرون بزيارة العراق، فعن طريق بحثهم سيجدون صوراً احترافية عن آثار بابل مثلاً، صور تبهرك وتجعلك تحجز في طائرتك الى العراق.
مرجع سياحي
يقول علي هلال: “لم يكن لدينا (مرجع سياحي) أو مصدر تبحث عنه وتجده، ليدلك على الأماكن السياحية، أحاول أن أكون أنا -من خلال صوري- مرجعاً للأماكن السياحية، غيري فعلها قبلي، لكن بعضهم لم يستمر، أريد الاستمرار لأني لم اكتشف من العراق حتى اليوم، وبعد سنتين، سوى 40% من أجزائه القديمة.”
تصوير احترافي
يصور علي هلال العراق بعينه وبزاويته الاحترافية بطريقة عصرية واستعراضية لحضارة العراق واستحقاقها، وبألوان مبهرة، لدرجة أنك قد تسأل نفسك: هل هذه الصور حقاً في العراق؟ إذ استطاع علي الوصول الى أماكن جديدة، أماكن لا يعلم بها حتى القاطنون على بعد أمتار قليلة منها.
يشير علي هلال الى أن العديد من المواطنين يستغربون وجود أماكن سياحية في العراق، غريبة وجديدة، غير آثار بابل أو الزقورة المعروفتين مثلاً، فهناك صحراء النجف الواسعة، التي تضاهي بجمالها صحراء الخليج او الأردن، يستدرك “أنا لا أكتشف أماكن جديدة، إنما استعرض ما هو موجود منذ آلاف السنين، لكن الناس لا يعرفون شيئا عنها.”
أماكن جميلة
بعض من الأماكن التي وصلها علي هلال لاقت صدىً كبيراً لدى رواد مواقع التواصل، لعدم معرفتهم بها سابقاً، ومنها النار الأزلية، التي يخبرنا هلال بأنها موجودة منذ آلاف السنين ولم تنقطع، أيضاً وجود أكبر كاسر أمواج في العالم، في العراق، وتحديداً في البصرة، حيث أبعد وآخر نقطة من البلاد، إضافة الى منارة (الموجدة)، التي تقع في عمق صحراء كربلاء، ولم تصلها إلا أعداد قليلة من السكان، والأهم -حسب قوله- هي آثار النمرود العظيمة والمهمة، التي لم يعرف عنها أحد من قبل لأنها تعاني إهمالاً كبيراً.
يقول علي هلال: “لو امتلكت السلطة، والقدرة على فعل شيء، لقمت بالاهتمام بالأهوار، لأنها قادرة على أن تكون قبلة سياحية مهولة، لما تملكه من جمال، ولو استثمرت هذه الوجهة السياحية، فسيكون الأولى في مقدمات الوجهات السياحية عالميا.
ساعد بلدك
لا ينتظر علي، الذي يقوم بكل هذه الجهود بشكل ذاتي تطوعي، ومن جيبه الخاص، أي دعم حكومي، أو حتى من قطاع خاص. يقول إن “على العراقي فعل شيء بنفسه، فعل ما يستطيع فعله لبلده، وهو قادر على نشر الوعي في قاعدته الشعبية في السوشيال ميديا، من خلال إبرازه لجمال المناطق الأثرية وتوثيقها، والأهم الحفاظ عليها.”
ويدعو الى فرض غرامات وعقوبات كبيرة على كل من يحاول التعدي او تخريب الممتلكات المهمة هذه، الموجودة منذ آلاف السنين، مقترحا أيضاً فرض أجور بسيطة على دخول الزائرين، ليشعر المواطن بقيمة المكان، وقدسيته.
استغلال السياحة
يؤكد هلال أن العراق بلد غني بالثروات والآثار، ما يثير فضول سكان الأرض، ثم أن هذا البلد كان مسجوناً ومنعزلاً عن العالم بسبب الحصار والحروب، حتى أن الحصول على “تأشيرته” كانت صعبة للغاية، لكنها اليوم باتت سهلة، فلمَ لا نجعل هذه الأماكن أفضل؟ كواجهة سياحية ومورد مالي أيضاً.
يستمر علي اليوم بترحاله، متنقلاً من باص الى سيارة أجرة، ومن مدينة الى أخرى، يواجه بعض الصعوبات كالحاجة للموافقات، لكنه يكتشف يومياً وجه العراق المشرق الذي لا تنقله الفضائيات ومواقع التواصل.