نصيرُ الإمام الحسين الحرُّ الرياحي شهيدُ التوبة

1٬481

عامر جليل إبراهيم – تصوير: حسين طالب /

فنعمَ الحرّ حرُّ بني رياحٍ           صبوراً عند مشتبك الرماحِ
ونعمَ الحرُّ إذ واسى حسيناً        وجاد بنفسه عند الصياحِ

بهذه الأبيات رثى الإمام السجاد (ع) واحداً من اشجع رجال الكوفة من الذين قاتلوا بين يدي الإمام الحسين (ع) في معركة الطف.
هو الحر بن يزيد بن ناجية بن تميم التميمي اليربوعي الرياحي من اشراف بني تميم في الإسلام وقبله، كان رئيساً لبني رياح وابرز سادات الكوفة وأشجع فرسانها، كان جده وزيراً لملك الحيرة.
استشهد الحر الرياحي في كربلاء يوم عاشوراء ودفن بمكان يبعد عن مرقد الإمام الحسين (ع) بنحو الـسبعة كيلومترات لتحمل تلك المنطقة اسم الرجل الذي عرف عنه الإيمان والتقوى والشجاعة وتتحول الى مركز انطلاق الحجاج من جميع محافظات العراق الى الديار المقدسة.
“مجلة الشبكة العراقية” ضمن سعيها للتعريف بالأماكن السياحية الدينية, زارت هذا المزار والمرقد الشريف والتقت السيد كمال عزيز الجشعمي الأمين الخاص لمزار الحر الرياحي.
نسبه:
*يقول السيد كمال الجشعمي الأمين الخاص للمزار: هو الحر بن يزيد بن ناجية بن قعب بن عتاب بن هرمي بن رياح التميمي، كان شريفاً في قومه تخلى عن فيلق الباطل وانضم الى صف الحق مع الإمام الحسين (ع) مؤيداً ومناصراً، وقد استشهد هو وأولاده (بكر وعلي والحجر وعلي الثاني) وأخوه مصعب بن يزيد الرياحي وخادمه (قرة) وعدد من أبناء عمومته بين يدي الحسين (ع) في واقعة الطف سنة 61هـ.
خرج الرياحي على الإمام الحسين (ع) بألف فارس أرسله عبيد الله بن زياد لملاقاة الإمام الحسين كي يقدمه الكوفة ليقع على حكم يزيد فالتقى الحر مع الإمام الحسين في منطقة (شراف)، وكان الحر يعرف منزلة الإمام الحسين وعظمته فعند حلول صلاة الظهر صلى الحر وأصحابه بصلاة الإمام الحسين (ع). بعد ذلك دار الحديث بينهما وقال الحر أريد أن أقدمك الكوفة ولا أفارقك إلا اني لا أقاتلك فأراد الحسين أن ينصرف إلى المدينة فمنعه الحر فقال له الحسين: ثكلتك أمك فقال الحر: لو غيرك قالها لما تركت اسم أمه من الثكل ولكن أمك فاطمة عليها السلام وليس لي سبيل إلا أن اذكرها بأحسن حال وبما أنه واجبي ألاّ أفارقك فاسلك طريقاً وسطاً لايصلك المدينة ولا الكوفة فسلكوا الطريق حتى وصلوا كربلاء في الثاني من محرم عام 61هـ.
ولما عرف الإمام الحسين (ع) كربلاء قال “ها هنا محط رحالنا وسفك دمائنا ومحل قبورنا”، ومن اليوم الثاني من محرم حتى العاشر منه كان الحر يراقب ويتابع اخلاق ونبل الإمام الحسين فعرف الحق واتبعه وتحسس من الباطل فنبذه حتى لبى نداء الحق والتحق بركب الإمام الحسين (ع) بعد أن قال:”أنا أخيّر نفسي بين الجنة والنار ولا اختار على الجنة شيئاً ولو قطعت ومزقت”، فقال للإمام الحسين (ع): “أنا صاحبك الذي منعك من الرجوع وسايرك في الطريق وجعجع بك وانا جئتك تائباً فهل لي من توبة؟”، فقال له الإمام الحسين (ع): “ان تبت تاب الله عليك”، فقال “جئتك مواسياً لك بنفسي فأذن لي أن أكون أول شهيد بين يديك” ، فأذن له الإمام الحسين (ع) للقتال فقاتل حتى استشهد بين يدي الإمام في واقعة الطف عام 61هـ .
يضيف السيد كمال: هذا نسبه وجزء من قصته ووفاته، أما ولادته فلم نعثر عليها وهي غير معروفة.
مرقد الحر
بني مرقد الحر الرياحي في منطقة سميت بعد دفنه فيها باسمه وتقع في الجهة الشمالية الغربية من مدينة كربلاء وتبعد عنها بمسافة سبعة كيلومترات فقط.
والمرقد يتكون من قبة وصحن مربع الشكل من الخارج وله ثلاثة ابواب ومن الداخل مجموعة من الأواوين موزعة على طابقين من الجهة المقابلة للباب الرئيسي فقط ، أما من الجهات الأخرى فبنيت بطابق واحد وكانت تستخدم من قبل طلبة العلم الذين يقصدون المدينة، وهي مبنية بالجص وجذوع النخل وأخرى بناؤها أحدث.
يستطيع الزائر رؤية الضريح عبر باب كبير من الخشب (الصاج) وبداخل الضريح قبر الحر الرياحي يحيط به الشباك وقطعة فوقه مكتوب عليها (السلام عليك يا حر بن يزيد الرياحي) ومن الجانب الآخر للشباك دعاء زيارة الحر.
وهناك الرواق المقسوم الى جهتين: الأولى على الجانب الأيمن للرجال والأخرى للنساء وهناك عدد كبير من الزائرين يأتون لغرض التبرك بمرقد الفارس الذي اختار الموت بشرف مع سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الحياة ، وفي الباحة الخارجية ترى نخلة يرجع عمرها الى اكثر من مئة عام مقابل مدخل الضريح.
يضيف السيد الجشعمي: ان المساحة الكلية للمرقد هي 2,6 دونم وستة اولكات, مساحة الحضرة 1369م تتكون من حرم للرجال ومثله للنساء, ارتفاع المئذنة 33,8م, ارتفاع القبة 12,8م, عرض شباك المرقد الشريف 4م وطوله 5م ارتفاع الشباك 4,2م, الحضرة والمزار تتكون من أربعة أبواب موزعة على أربع جهات: الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية وذلك لاستيعاب الزائرين, والمجاميع الصحية لخدمة الزائرين، في الوقت الحاضر هي كرفانان واحد للرجال ومثله للنساء وكل واحد يحتوي على 24 وحدة صحية, بشكل وقتي لأن المرافق الصحية التابعة للمزار وعددها 26 وحدة للرجال ومثلها للنساء في طور البناء.
إعمار المرقد
يحدثنا الأمين الخاص السيد كمال الجشعمي: اول مرحلة إعمار قام بها السلطان إسماعيل الصفوي عام 914هـ, اما المرحلة الثانية فكانت في سنة 1330هـ قام بها آغا حسين همدان حين قام بإكساء القبة بالقاشاني الكربلائي غير المنقوش, في عام 1935م تم بناء الطابق الثاني من السياج الخارجي, في سنة 1962م تم إكساء القبة بالقاشاني الكربلائي المنقوش بتخصيص من قبل الزعيم عبد الكريم قاسم, في عام 1969م تم بناء الطارمة الأمامية والأروقة, في سنة 1970م تم اكساء الباب الشرقي الرئيس للصحن بالقاشاني الكربلائي المنقوش وفي عام 1979م تم اكساء الحضرة بالمرمر العراقي, وفي عام 1981م تم اكساء القبة من الداخل بالمرايا, وفي سنة 1985م تم ايصال شبكة الكهرباء الى المرقد, وفي عام 1996م تم تطوير الصحيات من قبل المتبرعين, في سنة 1997م تم تغيير باب الحضرة بباب اكبر، في سنة 2002م تم تغيير شباك المزار, في عام 2005م تم نصب محول كهربائي 1600 كي في من قبل الحضرة الحسينية, في عام 2006م تم هدم المزار وبدأت مرحلة الأعمار من قبل الوقف الشيعي إلا أنه كانت هناك أخطاء في التصاميم فقررت الدائرة الهندسية لديوان الوقف الشيعي إيقاف العمل. وبعد انبثاق الأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة حسب قانون 19 لعام 2005م وتسلمها مزار الحر عام 2007م أعدت تصاميم جديدة مدروسة خالية من الأخطاء وتمت المصادقة عليها من قبل ديوان الوقف الشيعي وبدأ العمل بالإعمار في 1/2/ 2009 ولا يزال العمل مستمراً وبمتابعة ميدانية من قبل السيد الدكتور سلمان الموسوي الأمين العام للمزارات الشيعية سابقاً, والآن وبإشراف سماحة الشيخ خليفة الجوهر نائب الأمين العام للمزارات الشيعية ستتم المباشرة بالمرحلة الثانية لبناء المزار وذلك بإنشاء المجاميع الصحية والخدمية التي تصب في خدمة زائري المرقد الشريف.
يضيف الجشعمي: يستقبل المزار الزائرين من جميع محافظات العراق ومن جميع دول العالم, حيث يبلغ عديد الزائرين في الأيام الاعتيادية اكثر من أربعة آلاف زائر يومياً, وفي الزيارات يصل العدد الى اكثر من عشرة آلاف زائر, وفي زيارة الأربعينية يكون توافد الزائرين من جميع انحاء العالم, ويكون عدد الزوار حسب دخول الزائرين الى المحافظة حيث يصل الى 40,000 او 50,000ألف زائر.
ويضيف السيد الأمين: زيارة الحر الخاصة تكون آخر أربعاء من شهر صفر إذ يتوجه عشرات آلاف الزائرين لإحياء استشهاد الحسين واقامة العزاء, والزيارات الاعتيادية تكون ايام الجمع والسبت.