مجلة بين نهرين واجهة عالمية لثقافة عراقية

1٬297

ذوالفقار يوسف /

بعد أن لاقت صحيفة “بين نهرين” الثقافية نجاحاً واسعاً لعنايتها بالثقافة والفكر والفلسفة وما يتصل بها، وفي خطوة تسعى إلى تعزيز هذا المنجز بتحويل الجريدة المحدودة الصفحات (48 صفحة) إلى مجلة رصينة تصدر في (148 صفحة)، احتفلت شبكة الإعلام العراقي مؤخراً بصدور العدد الأول من مجلة (بين نهرين)، وحضر الحفل عددٌ من الشخصيات الرسمية والمثقفين في مبنى المجلة بمقر الشبكة.
تنمية الثقافة العراقية
وتحدث وزير الثقافة والسياحة والآثار د. عبد الأمير الحمداني، في حفل إطلاق المجلة بحلّتها الجديدة كمطبوع ثقافي عالمي، موضحاً “أن (بين نهرين) في إصداراتها السابقة كجريدة، كانت ذات صدى واسع عربياً وعالمياً، كمطبوع مطلوب ومقروء في الدول كافة، وكنت قد رأيت أعدادها في العديد من السفارات، لأني من المشاركين في نقل هذه التحفة من خلال إيصالي إياها الى الأصدقاء في الدول الأخرى.”
مضيفاً: “بدأت قصتي مع (بين نهرين) منذ سنتين حينما التقيت الشاعر شوقي عبد الأمير رئيس تحريرها في اتحاد الأدباء، ولأني كنت أعاني من عدم وجود منصة لنشر ترجماتي للنصوص السومرية القديمة، لهذا ومن خلال هذه النافذة البراقة تم تخصيص ثلاث صفحات لهذه الترجمات فيها لمدة سنتين متتاليتين، ويعود الفضل في هذا لـ(بين نهرين) ولشبكة الإعلام العراقي، لمنحي تلك المساحة ولتشجيعي على الاستمرار، لكي أتحرى باستمرار عن الأدب القديم وأحاول إعادة صياغته وترجمته، ولأن تلك كانت نافذة جيدة للاطلاع على ما أكتب.”
وفي ختام حديثه تمنّى استمرار نجاح هذا المشروع.
مشروع وطني
أما الشاعر د.علي الشلاه، عضو مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي، فقد أشاد بهذا الإنجاز الكبير، واصفاً إياه بالمطبوع المختص بالثقافة والأدب والفكر، وأضاف قائلاً: “إن التحدي ينحصر في تحول (بين نهرين) من جريدة إلى مجلة، أي أننا اليوم لا نستطيع أن نقبل في المجلة ما نقبله في الجريدة من الجوانب الثقافية، وسوية خطاب لا يجب أن ننحرف عنها، فالمقالات والدراسات والنصوص المقترحة في مجلة يرأسها شاعر معروف ليست بسهلة.”
مضيفاً: “إنني أنتظر من فريق عمل مجلة (بين نهرين) أن ينجحوا في هذا التحدي، كما نجحوا في (بين نهرين) الجريدة، وربما يتوهم البعض أننا ننافس وزارة الثقافة، إلا أن هذه رؤية خاطئة تماماً، لأننا معاً شركاء في مشروع وطني كبير، وهذا ينطبق على الشبكة كهيئة مستقلة مدعومة من المال العام، ووزارة ثقافة باعتبارها الوزارة الأم الراعية للمثقفين.”
الأولى في العراق
أما رئيس شبكة الإعلام العراقي، د. فضل فرج الله فأشاد في كلمته بهذا المنجز، واصفاً بين نهرين بـ “الوليد الجديد” من حيث العرض والتقديم، مؤكداً أن مجلة (بين نهرين) هي المجلة الأولى في العراق، وستكون الأولى في الوطن العربي، مبيّناً أن مشروعها هو جزء من مشروع الشبكة المستقبلي في توسيع مساحة الثقافة والفكر والوعي، لا سيما بعد أن انشغلت الشبكة باعتبارها واجهة إعلامية في العراق في الفترة الماضية بتغطية عمليات التحرير والحرب ضد داعش، مضيفاً: “إلا أننا نريد اليوم أن نفتح أفقاً جديداً للأدب والثقافة فيه وفي بقية أقسام الشبكة”، مؤكداً أن (بين نهرين) ستكون قادرة على منح القارئ العراقي المزيد من المساحة الثقافية وأن تقدم للمثقفين وغيرهم من كل بقاع العالم العربي وغير العربي مادة مهمة، وأنها ستحتضن مختلف النتاجات المهمة للمثقفين والأدباء.
مفهوم “ماغزين”
في حين تحدث رئيس تحرير المجلة، الشاعر شوقي عبد الأمير، عن مفهوم “ماغزين” وأهميته لهذا المنجز إذ قال: “إن (بين نهرين) تصدر ابتداء من عدد اليوم بشكل “ماغازين Magazine” ثقافية عامة، وإن تسمية (مجلة) المعروفة في لغتنا وإعلامنا الثقافي تعني أرشيفاً للتقارير والدراسات والكتابات ذات الطابع النقدي والتعريفي المصور أحياناً، وتأخذ شكل كتاب بأحجام متعددة او بتخصصات مختلفة، فهناك مجلات سياسية واقتصادية وفنية ومالية وأخرى مختصة بالمرأة والأزياء.” مشيراً إلى “أن بين نهرين لن تنتمي الى أي من الأصناف آنفة الذكر، لأن خطابها سيكون مختلفاً جذرياً.” موضحاً أن الماغازين ستنفتح على العالم الثقافي بشكل جديد في المضمون أيضاً، وأن تكون شاشة متحركة ملونة ومصورة للحياة الثقافية الفكرية والأدبية والفنية عبر العالم، وأن تركيزهم سيتضمن مناطقَ جديدة في آداب الشعوب لم يتم التركيز عليها من قبل، وهو الباب الذي أطلقوا عليه (جنوب- جنوب) الذي سيعمدون من خلاله إلى التركيز على ثقافات جنوب الكرة الأرضية كمصطلح ستراتيجي قسّم الكرة الأرضية إلى شرق وغرب وشمال وجنوب”، مضيفاً: “ولهذا خصصنا لثقافات العالم الغربي صفحات تحت عنوان (شمال- شمال) كما سنفرد صفحات للترجمة والانفتاح بشكل لم يسبق له مثيل على الثقافات الفارسية والهندية والصينية والتركية والأفغانية والإفريقية، وطموحنا هو ضخ الحصاد الثقافي العالمي إلى الساحة العربية.”
التحدي الأكبر
في حين تحدث د. لبيد المطلبي، سكرتير التحرير الفني للمجلة، عن تحويل هذا المشروع من جريدة إلى “ماغزين” مؤكداً أن “الاختلاف بالنسبة للموضوع والشكل هو انتقالة كبيرة، فالشكل يفرض على الموضوع معطياته، والعكس هو الصحيح، أي أن خطاب الجريدة يختلف عن خطاب المجلة من حيث الشكل، بعد أن أصبحت فلسفة الشكل المعاصر تأخذ مديات واسعة، بسبب المتغيرات الكبيرة في التقنيات وفي الفكر والتطور.” مبيّناً أن هذا الصراع الحاصل جعل من المتلقي لا يقبل بأي مطبوع على حاله الكلاسيكي القديم، وهو ما حفزهم للارتقاء بذائقة المتلقي المتمرد بعد ان رأى كل شيء، مضيفاً: “الكثير منا اقتنى العديد من الكتب والمجلات لا لمضمونها، وإنما لشكلها الذي أعجبه، ولهذا لم نستطع إلا أن نقدم شيئاً عصرياً يواكب ويوازي العالم، ولكن بروح عراقية أصيلة، وإن المزج بين الشكل والموضوع في (بين نهرين) هو التحدي الأكبر بحد ذاته.”
ضرورة التحول
وأشادت الشاعرة رجاء الشجيري بتحول المطبوع من جريدة الى مجلة موضحة بأن “فكرة جريدة (بين نهرين) كانت منذ البداية ضمن خط ثقافي مختلف، من حيث الموضوعات وطريقة عرضها وتصميمها وخطابها الثقافي، وكانت بحق قريبة جداً من عمل المجلة الثقافية شكلاً ومضموناً، حتى أن قراءها، نخبة وبسطاء، كانوا يسمونها دوما مجلة (بين نهرين)، مشيرةً إلى أن التحول إلى مجلة ضرورة وطموح وتحدٍ في المضي قدماً بهذا المنجز الذي له خصوصيته وفرادته، بل حتى مساحته الفكرية ضمن زاوية تختلف الكتابة فيها عن باقي المساحات والمطبوعات الأخرى.